مستجداتمقالات الرأي

قراءة في المشهد السياسي بالمغرب “ج1”

حرة بريس -أحمد الونزاني

 في أفق الانتخابات البرلمانية و الجماعية المزمع تنظيمها في آجالها المحددة. نعرج قليلا على قراءة في حصيلة فترتي حكم الإسلاميين بالمغرب أو فترة حكم و تولي حزب العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة و تدبير الشأن العام محليا و وطنيا.
 لقد كان مخاض الربيع العربي هو الذي جعل نجم الإسلاميين يصعد سياسيا و يأخذ مكانه في اللعبة السياسية بشكل متميز. كما حظي حزب العدالة والتنمية بتعاطف شعبي و ثقة رمزية من نخب مثقفة آمنت بالتغيير و الإصلاح السياسي الحقيقي، بعد عقود من الفساد السياسي و المالي و سوء التدبير و سوء في الحكامة و التسيير.
و قد جاء دستور 2011 كمدخل لمرحلة جديدة في الحياة السياسية للبلاد و نقلة نوعية نحو الخيار الديمقراطي و تداول للسلطة و الحكم في إطار تشاركي بين الفرقاء السياسيين. كما جاء الدستور الجديد بمفهوم جديد للسلطة و الحكم و تدبير الحكم في البلاد. بخلق دولة المؤسسات بفصل السلطات بعضها عن بعض. مؤسسات تحظى بثقة الشعب و تعمل مجتمعة على تخليق و ترشيد الحياة السياسية بالقطع مع كل أشكال الفساد أو الاستءتار بالسلطة.
جاءت انتخابات 25 نوفمبر 2011 لتضع حزب العدالة والتنمية في الصدارة و بالتالي أحقية تحمل المسؤولية السياسية حسب دستور 2011 نفسه. و بدأ الإسلاميين أول تجربة سياسية في المغرب كحزب يقود الحكومة، بعدما عاش الحزب تجربة المعارضة منذ حكومة التناوب.
كانت الوعود الانتخابية براقة و كثيرة و من أهمها القضاء على الفساد. لكن كل تلك الوعود تبخرت مع مرور الوقت نظرا لإكراهات المرحلة و تغول الفساد في كل قطاعات و أجهزة الدولة. و لغياب الإرادة السياسية و قلة الخبرة لدى معظم كوادر و أطر حزب العدالة والتنمية و عدم التمرس، على الحياة السياسية من تسيير و تدبير و فهم دواليب و خفايا الممارسة السياسية الفعلية على أرض الواقع بعيدا عن التصورات الجاهزة و الحالمة.
كانت قلة الخبرة و التدريب و عدم الاستعانة بالاطر المؤهلة  و استشراف التجارب الإقليمية والدولية كالتجربة التركية مثلا  للدخول في ممارسة سياسية بتؤدة و عقلانية، كان كل ذلك يشكل عائقا في وجه التجربة عموما. كما ان حجم الفساد كان كبيرا ولا يمكن استئصاله و القضاء عليه إلا بسبر اغواره و كشفه و محاصرته. إلا أن اليد قصيرة و العين بصيرة.
و مع غياب الإرادة السياسية الفاعلة و الفعالة نحو إصلاح جذري و حقيقي و بسلاسة تامة دون صدام.
غياب إرادة الإصلاح من النخب السياسية المتمثلة في الأحزاب السياسية من جهة و من السلطة نفسها أو الدولة كراعية و ساهرة على هذا الانتقال السياسي نحو حكامة جيدة و ديمقراطية تشاركية راسخة من جهة ثانية.
كل هذا أوصل أول تجربة لحكم الإسلاميين إلى الفشل الذريع. فشل على كل المستويات اقتصاديا و اجتماعيا و حتى سياسيا. و كان التذمر الشعبي واقعا بعد هذه  الحصيلة الهزيلة لحكومة بنكيران.  
كان التذمر الشعبي مؤشر على تدني شعبية حزب العدالة والتنمية عموما ،كما كان تسخطا شعبيا و عدم الثقة في أي عملية سياسية لا يتمخض عنها انتقال ديمقراطي حقيقي ملموس على أرض الواقع  . عملية سياسية سليمة  لا تخضع  لإرادة  التحكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube