شخصياتمستجدات

“تبون” وحكومة الجنرالات يحطمان أرقاما قياسية في الكذب

محمد بوبكري

يكاد يجمع الخبراء في الاقتصاد الجزائري على أن هذا الأخير يعيش أزمة خطيرة، كما أن الدينار يعيش انهيارا كبيرا، ما انعكس سلبا على الظروف الاجتماعية للشعب الجزائري الذي صار يعاني من ضائقة العيش أكثر من أي وقت مضى. ويعود ذلك إلى أن النظام العسكري السائد في هذا البلد الشقيق قد أتى على الإنسان والحيوان والاقتصاد والطبيعة، فلا أحد، ولا شيء في الجزائر تمكن من النجاة من فساد العسكر وعبثهم وعنفهم، فلا حرية في الجزائر، ولا مؤسسات، ولا قضاء، ولا اقتصاد، ولا سيولة نقدية، ولا ماء، ولا مواد غذائية، ولا تعليم، ولا تطبيب، ولا كمامات، ولا لقاح ضد وباء “كرونا”، ومع ذلك أكد الرئيس “تبون” أن «الجزائر تتوفر على أحسن منظومة صحية في شمال إفريقيا أحَبَّ من أحَبَّ وكرِهَ من كَرِه» !
ومن الغريب أن وزير المالية الجزائري “أيمن بن عبد الرحمان” قد نفى مؤخرا أن يكون الدينار الجزائري يعيش اليوم في حالة انهيار، وأكد أن هذا الدينار سيستعيد عافيته في نهاية سنة 2021، كما أنه لم يتوقف عند ذلك، بل أضاف قائلا: إن الاقتصاد الوطني الجزائري سيعرف انطلاقة قوية في الأيام المقبلة.
يبدو لي أن هذا الرجل لا يعي ما يقول، بل إنه أصبح يسير على نهج “عبد المجيد تبون” الذي احترف مهنة الكذب واتخذ الافتراء عقيدة له. وللتدليل على ما أقول، فعندما ضعفت السيولة النقدية في الأبناك ومكاتب البريد في نهاية شهر فبراير الماضي، قال هذا الشخص إن مشكلة السيولة ستحل في الأيام القليلة المقبلة. وبعد ذلك، تأكد للجميع أن كلامه كان مجرد كذب، لأن الرجل لا يدرك فتيلا في المبادئ الأولية للمال والاقتصاد. ولقد أكد تطور الأحداث في الجزائر صحة هذا الحكم، إذ خرجت مظاهرات في “الشريعة” بولاية “تبسة”، احتجاجا على انعدام السيولة في الأبناك ومكاتب البريد، حيث يتوفر الجزائريون هناك على أموال في حساباتهم البنكية، لكنهم لم يستطيعوا سحب ما يحتاجون إليه منها، كما لا توجد هناك بطائق بنكية للسحب والأداء، ما جعل الجزائريين لا يستطيعون قضاء أغراضهم اليومية، واقتناء ما يحتاجون إليه من مواد غذائية… وإذا أرادوا أن يسحبوا مبلغا معينا، فعليهم أن يدفعوا مبلغا محددا مقابل ذلك، حيث لكل مبلغ يراد سحبه سعر مضبوط، ما يعني أن الرشوة قد صارت عملة يومية سارية. ويدل ذلك على أن الفساد ينخر كلا من القطاع العام والخاص الجزائريين. وهذا ما يقدم صورة حقيقية للجزائر الجديدة، كما يتحدث عنها “تبون” وحكومته وأسيادهم العسكر.
وإذا كان “بن عبد الرحمان” ينفي انهيار الدينار الجزائري، فإن الواقع يكذبه، لأنه لا يوجد الآن أحد في السوق العالمية للعملة يرغب في الدينار الذي لم تعد له أي قيمة اليوم، حيث إن مليون دينار لا يساوي إلا حوالي مائة أورو. فكيف يمكن لهذا الوزير أن يقع في هذه السقطة؟! يدل هذا على أن كلامه كذب في كذب، بل هو نصب واحتيال. وإذا كان هذا الشخص يزعم أن الدينار سيستعيد عافيته في نهاية السنة الجارية، فإن هذا دليل على أنه لا يعرف أن العملة لا تسترجع عافيتها بين عشية وضحاها، بل إن الأمر يتطلب وقتا وعملا جبارا وإنجاز مشاريع اقتصادية كبيرة، ما يقتضي وجود مناخ سياسي تطبعه الحرية والانفتاح والشفافية والنزاهة، الأمر الذي يتعارض مع سيادة النظام العسكري في الجزائر…
فالعملة تعكس قوة اقتصاد البلاد، والجزائر لا تتوفر على اقتصاد قوي، بل إن اقتصادها قائم على الريع والفساد، كما أنه ليست هناك إنجازات اقتصادية مهمة، ما يدل على أنه لا أمل في أن ينتعش الاقتصاد الجزائري قريبا، بل إن الخبراء يؤكدون أن الأمر يتطلب عشر سنوات على الأقل، شريطة أن تحدث تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ما يستوجب القطيعة مع نظام العسكر السائد اليوم في الجزائر
وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الجزائري قد تعرض للتدمير، لأنه تم تخريب القطاع الصناعي، الذي كانت أوضاعه أفضل مما هو عليه اليوم، حيث اختفت منشآت صناعية مختلفة كثيرة، ولم يعد للجزائر أي وجود في المجالين الصناعي والفلاحي. فقد قضى تبون وحكومته حوالي عام ونصف دون بناء ولو ورشة واحدة، ما يدل على أن العسكر يشكلون عائقا في وجه تنمية الجزائر وتحديثها وتقدمها وبنائها ديمقراطيا.
لهذه الأسباب وغيرها، يبدو جليا أن الحراك الشعبي الجزائري قد انبثق كزهرة برية من رحم المجتمع الجزائري، استجابة لمتطلبات المرحلة الحالية، ما يمنحه شرعية ومشروعية، لأنه حركة تهدف إلى انعتاق الشعب الجزائري من ربقة استعمار الجنرالات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube