احمد رباصمستجدات

هل الكيف ضامن لمستقبل الريف؟ (7/5)

أحمد رباص حرة بريس

من المنظور المححتمل لإضفاء الشرعية على الحشيش في المغرب، فإن الكيف المخصص للتدخين والحشيش المغربي المستخلص من مجموعة متنوعة من بذور الكيف يمكن أن يستفيد، بل يجب ان يستفيد من تسمية المنشأ المحمية(AOP)، تحدد، وفقا للجنة الأوربية، المنتجات التي تم إنتاجها ومعالجتها وتطويرها في منطقة جغرافية محددة، من خلال تطبيق الدراية المعترف بها للمنتجين المحليين المعنيين.
في الواقع وعلى نطاق واسع وبشكل ضمني، يعتبر الكيف والحشيش المنتجان من مجموعة متنوعة من بذور الكيف “البلدي” من قبل المستهلكين المغاربة والأجانب من المنتجات المحلية ذات السمعة الطيبة (على الأقل من الناحية التاريخية) . لهذا يتعين إضفاء الشرعية المحتملة على الحشيش في المغرب، كما يمكن بل ويجب إضافة هذينهذين المنتجين إلى قائمة المنتجات المحلية المغربية المستفيدة من تسمية المنشأ المحمية .
في الواقع، يعتبر الكيف والحشيش منتجين يقتفيان تقليدا معينا، ويستفيدان من سمعة سيئة إلى حد ما وهما خاصان بمنطقة المنشأ ، مما يسمح لهما بالتأهل كمنتجات محلية (بيرارد، مارشيناي، 1995، ص 158).
إن الجهود المبذولة لتعريف مفهوم “البلاد” عديدة، ولكن يمكننا أن نعتبر بشكل معقول أن “البلاد”، وفقا لتعريف جماعي (INRA-INAO-UNESCO)، “فضاء جغرافي محدود ومعروف انطلاقا من مجموعة من السكان اللذين اكتسبوا على مر التاريخ مجموعة من السمات والمعارف والممارسات الثقافية المميزة القائمة على نظام من التفاعلات بين البيئة الطبيعية والعوامل البشرية. تكشف الدراية الفنية عن الأصالة، وتضفي طابعا نموذجيا وتسمح بالتعرف على المنتجات أو الخدمات الناشئة في هذا الفضاء، وبالتالي على الأشخاص الذين يعيشون هناك (بريفوست وآخرون، 2014).
لذلك، فإن المنتوج “البلدي” منتوج زراعي، سواء تم تحويله أو لم يتم تحويله، مرتبط زراعيا ومناخيا ببلدة ما ومعرفة واستخدامات السكان المحليين لإنتاجه، وربما لتحويله. وعلى هذا النحو، يمكن بسهولة اعتبار الكيف المغربي والحشيش من المنتجات المحلية، أي كمنتجات من “بلاد” تكون ظروفها الطبيعية وتقاليدها الثقافية وتقنيات الإنتاج فيها متجانسة وتتوافق مع نظام بيئي زراعي.
لا تنفصل خصوصية ونمطية وأصالة الكيف والحشيش المغربيين في نهاية المطاف عن التقاليد الثقافية والمادية المتجذرة في منطقة الريف، حتى لو لم يتم استثناؤها بالتأكيد من التطورات المختلفة وحتى من عملية التحديث.
إن تأهيل الكيف المغربي المدخن والحشيش المنتجان في الريف انطلاقا من تعدد أصناف الكيف التي تم إنتاجها في “البلاد” يسمح في النهاية بإضفاء الشرعية على الإنتاج الزراعي الأقل جمودا لأنه تطور مع بلدته ضمن نظم زراعية محددة.
تبعا لذلك، لا يتعلق الأمر بإضفاء الطابع التراثي على البيئة المحلية أو “البلاد” بقدر ما يتعلق بالإنتاج الزراعي لصنف نباتي يتكيف مع بيئته والتقنيات المحلية.
وفي نهاية المطاف، يمكن لمجموعة متنوعة من أصناف الكيف “البلدي”، التي تأقلمت بمرور الوقت مع مساحة بيئية من خلال تقنيات زراعية (وبالتالي ثقافية)، أن تسمح بالحفاظ على الظروف البيئية لإنتاجها، والتي لا يمكن أن يضمنها الإقحام الأخير للأصناف الجديدة، بل العكس صحيح. وبالتالي، فإن زراعة الكيف، التي يمكن القيام بها بطريقة بعلية، أو على أي حال من دون اللجوء المكثف إلى الري (الذي يسمح بزيادة الغلال على محدوديته)، يتوافق مع حتمية الاستدامة البيئية في الريف وفي المغرب بشكل أعم، أي مع التدبير طويل الأمد، والحفاظ على خصوبة التربة وعلى طبقات المياه الجوفية والعمل على استعادتها في حال نضوبها. بيد أن هدف الاستدامة “لم يتم طرحه بشكل كافٍ في استراتيجية مخطط المغرب الأخضر ” (لعوينة، 2010 ، ص 86).
من المعروف أن الريف “منطقة ذات تربة فقيرة على منحدرات شديدة حيث تكون التعرية نشطًة بجميع أشكالها (الأخاديد، انهيارات التربة، انهيالات الصخور)”، وحيث تكون زراعة التربة الهيكلية البعيدة عن القرى قليلة المردودية. لهذا كان القرويون في بحث دائم عن دخل خارجي، أو يختارون “محاصيل مضارباتية عالية الربحية (الكيف)”، أو غالبا ما يتم تقديمها على هذا النحو (Troin، 2002، p. 330).
وهكذا كتب الجغرافي المغربي عبد الله لعوينة في عام 1995 أن “الكيف نبات يتكيف مع بيئة الريف بسبب دورته القصيرة التي لا تعاني من غزارة الأمطار الشتوية أو من الجفاف خلال سنوات معينة”، وأنه “نبات يمكن زراعته بطريقة بورية أو مسقية ولا يتطلب طرقا زراعية خاصة”. بالإضافة إلى كونه تتكيف بشكل خاص مع بيئته، حسب ما يقتضيه تنوع الأصناف “البلدية”، كما يؤكد المؤلف، يوفر لكيف غلالا ودخولا أعلى بشكل واضح من تلك التي يوفرها الشعير والحبوب الأخرى ، وهذا ما توصل إليه التقرير الأول عن القنب في المغرب والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
إن إضافة الكيف والحشيش إلى القائمة الحالية للمنتجات “البلاد” ستكون متوافقة مع الدعامة الثانية من مخطط المغرب الأخضر، التي تهدف إلى تعزيز الإنتاج الزراعي المغربي الصغير اقتصاديا وثقافيا وبيئيا، ولا سيما من خلال رؤية واضحة لـ “احترام البيئة و المساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي الحيواني والنباتي في البلاد “وفي” الارتقاء الشامل بالزراعة الصغيرة “. ومن هذا المنطلق، تم في عام 2015 تصنيف سبعة وثلاثين منتوجا مغربيا إما من خلال مؤشر جغرافي أو تسمية منشأ أو ملصق زراعي (تطبيق القانون 25-06 المؤرخ ب6 مايو 2008 والمتعلق بالعلامات
المميزة للمنشإ والجودة).
(يتبع)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube