سياسةمستجدات

أية وحدة نريد لليسار؟

محمد المباركي عضو المجلس الوطني حزب الاشتراكي الموحد

تمهيد

المشكل المطروح بكل وضوح ليس بين من يريد الوحدة الاندماجية لمكونات اليسار فرادى وجماعات ومن يعاكسها. بل المطروح ببساطة، أية وحدة يمكن بناؤها في غياب العقلية المتحجرة التي تريد حل المعضلات الحالية بعقلية ماضاوية شكلا ومضمونا. وهذا في غياب فهم التطورات الذاتية والموضوعية التي أوصلت اليسار للحالة التي هو عليها، داخل تحولات مجتمعية متطورة وعالم متحرك. التنظيمات كأداة سياسية موحدة أم لا، ليست هدفا استراتيجيا في حد ذاته. بل وسائل وآليات للعمل والتعامل للفعل السياسي. وقد يحصل لهذه الأداة السياسية، ان لم تتجاوز العقلية التي أدت للانشقاقات ومنه الشتات القائم، رغم كل النيات الحسنة تعيد نفس التجربة الانشقاقية بشكل أفظع. لحد يمكنهم قتل الوحدة الاندماجية في المهد من حيث لا يعلمون. ذلك أن وحدة اليساريين، فصائل ومناضلين ومناضلات يئسوا من الأشكال التنظيمية القديمة وصراعاتها المزمنة، يريدون نوعا جديدا للعلاقات التنظيمية لتصريف طاقاتهم النضالية. هذا يعني أن الوحدة الفعلية والطوعية لا تحصل عبر الاصطفاف التراكمي بحجة أن مشكل اليسار اليوم هو كثرة تنظيماته والحل هو في وحدتها بأي ثمن ولو على حساب البعض. هذا المنظور يعيدنا الى العقلية التي أدت للانشقاقات لأنها تعتمد على عقلية اقصائية. هذه العقلية التي تنطلق من منظور، من ليس معنا فهو ضدنا. وأن القطار سيقلع ومن لا يريد الركوب أرض الله واسعة. ونحن نعلم أن مثل هذه العقلية تصعق ولا تقلع وان أقلع قطارها فباتجاه معاكس.

في الوحدة السياسية

نتوحد سياسيا انطلاقا من مبادئ للوصول الى أهداف. هل فعلا هناك وحدة فكرية ونظريه لمجمل الأطراف الرامية للوحدة؟ هل تم تقييم التجارب الخاصة بكل فصيل وأيضا التي جمعت فيما بينهم، حتى يمكن الارتكاز على الحيز الذي بوسعه تشكيل الاسمنت اللازم لرص الصفوف؟ ثم وهذه مسألة جوهرية أية مسطرة تنظيمية تضمن اعتماد الديموقراطية الداخلية سبب تشتت اليسار أساسا؟ هناك من لا زال يؤمن بالمركزية الديمقراطية المتجاوزة وهناك من شق تجربة العمل بمبدأ التيارات كضمانة للعلاقة الديمقراطية داخل التنظيم الجامع المبني على احترام كل الآراء وحرية التعبير عنها داخل وخارج التنظيم. وهذا كنهج لضمان الديمقراطية التي نريدها داخل المجتمع. لأن مدخل الديمقراطية الحقة هي ضمان حرية التعبير.

تم وهذا هو الأساس، مادامت مكونات اليسار تنظيمات سياسية مهمتها تحقيق مشرعها المجتمعي، فان عملية التجميع العددي في هذه الحالة نسبية. بحيث 1 + 1 + 1 + 1، لا تساوي بالضرورة 4. يمكنها أن تساوي 4 أو أكثر، لكنها تساوي في أغلب الحالات أقل بكثير إذا، لم يكن هناك وضوح فكري جامع وقناعات سياسية مشتركة وأهداف ثابتة تربطها علاقة تنظيمية دقيقة تضمن الديمقراطية الداخلية.

والحاصل أن القطب السياسي الوحيد الذي له تجربة غنية رغم محدوديتها، لكنها الوحيدة لحد الآن التي تبلورت داخل اليسار المغربي عامة، هي تجربة اليسار الاشتراكي الموحد التي نتج عنها الحزب الاشتراكي الموحد. انها التجربة اليسارية الوحيدة لحد الآن التي سمحت بتجميع فعلي والتي يمكن الارتكاز عليها لبناء الحزب اليسار الكبير. وكما يقول المثل الشعبية درهم في اليد خير من عشرة تأتيك غدا. ما بين أيدينا لحد الآن كتجربة وحدوية وليس توحيدية، أي بيروقراطية، كما يقترح البعض، هي تجربة الاشتراكي الموحد التي يلزم الانطلاق منها ان كنا فعلا نريد وحدة اليسار. إذا تعذر ذلك الحكمة فيما هو ممكن. والحكمة التي يلزم الاعتبار بها، هي عوض الدخول في متاهات الاتهامات الواهية والنعوت المغرضة بتحميل الآخر رجس عرقلة وحدة اليسار، القيام بتجربة موازية مع من يقتسم وجهة نظر معية ويتقدم في تجربته وبطبيعة الحال بعد التقدم في سيرورة التجربة الوحدوية الجديدة ستتفتح آفاق الوحدة المنشودة على أسس أكثر متانة وموضوعية.   

الأمينة العامة هي الحزب والحزب هو الأمينة العامة

 الحاصل أن الاشتراكي الموحد هو حزب مستقل بقراراته لحد الآن. وأن الرفيقة نبيلة منيب هي أمينته العامة المنتخبة ديمقراطيا والممثلة له والمعبرة عن مواقفه الأساسية لحد الآن. موقف الاشتراكي الموحد من الوحدة الاندماجية كما عبر عنها مؤتمره الرابع وثبتها مجلسه الوطني الأخير، تتجسد في توفير الشروط الضرورية على المستوى الفكري والاختيارات السياسية والتنظيمية التي ستأطر التنظيم الحزبي الجديد وضمان الديمقراطية الداخلية عبر شرعنة التيارات. هل ناقش كل مكون هذه القضايا وخرج بخلاصات تناقش وتحسم داخل كل تنظيم مستقل؟ أم أن هناك من وضع العربة قبل الخيل وأخد يتهجم على الآخرين من حيث لا يدري.

عند استهداف الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، المقصود منه في العمق استهداف الحزب ومناضليه ومناضلاته الذين هم بريئين مما ينسب إليهم، سواء كأفراد أو كتيارات وتوجهات. اذن ليس هناك جماعة الأمينة العامة، بل كل ما هناك حزب اسمه الاشتراكي الموحد له أمينة هامة اسمها نبيلة منيب. انها إرادة أعضاء وعضوات الحزب الاشتراكي الموحد الى حين مؤتمرهم الخامس، ولن تجد لذلك تبديلا. وكل هدر خارج حزب الاشتراكي الموحد، المستقل في أخد قراراته لا يعني سوى أصحابه.

فيدرالية اليسار الديمقراطي والانتخابات القادمة

فيدرالية اليسار الديمقراطي هي أساسا تحالفا متقدما لثلاثة مكونات يسارية تسعى لوحة اندماجية، لكنها لم تندمج بعد حتى تعوض قراراتها قرارات الأحزاب المكونة لها. لذا وجب احترام استقلالية القرار لكل حزب والعمل على الحيز المشترك الذي عبر عنه كل فصيل منهم. بخصوص الانتخابات القادمة هناك مسطرة ناجحة طبقت في الانتخابات الأخيرة يمكن الرجوع اليها وتطويرها. وإذا حصل هناك تشنج وتفاوت في الفهم للتحالف القائم، من الأفضل أن يتقدم كل حزب بشعاراته الخاصة ومرشحيه في الدوائر التي يرى تتماشى وتواجده الانتخابي، مع دعم قوى الفيدرالية الأخرى في المناطق التي لا يتواجد فيها. انها عملية بسيطة تقينا الفتنة الناتجة عن الاتهامات والمزايدات الواهية والتي لا تخدم الوحدة حاليا أو مستقبلا، لأنها تولد الحزازات والجروح التي يصعب وضمها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube