حديث الساعة.. اعتقال دبلوماسي جزائري في باريس يشعل أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا

عثمان بنطالب – ناشط حقوقي دولي خبير في الشأن المغاربي
في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الحقبة الاستعمارية، تنفجر أزمة دبلوماسية حادة بين الجزائر وباريس، بعدما أقدمت السلطات الفرنسية على اعتقال دبلوماسي جزائري في قلب العاصمة الفرنسية.
خطوة صادمة استقبلتها الجزائر باحتجاج رسمي غاضب، معتبرةً أن ما حدث ليس مجرد تجاوز قانوني، بل اعتداء سافر على السيادة الوطنية وخرق فاضح للأعراف والاتفاقيات الدولية.
أزمة تتجاوز حدود الاعتقال.. لتفتح النار على علاقة مأزومة أصلاً، وتطرح سؤالاً كبيراً: هل تسعى باريس فعلاً إلى نسف ما تبقى من جسور الثقة مع الجزائر؟
في خطوة دبلوماسية تعكس تصعيداً غير مسبوق في العلاقات بين الجزائر وفرنسا، استدعت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، اليوم الأحد 13 أبريل 2025، السفير الفرنسي المعتمد في الجزائر، وذلك احتجاجاً على اعتقال أحد الموظفين القنصليين الجزائريين في باريس، في ما وصفته الجزائر بـ”الخرق الصارخ للحصانة الدبلوماسية والامتيازات القنصلية”.
وقالت الخارجية الجزائرية، في بيان رسمي نُشر على منصة “إكس”، إن الأمين العام للوزارة، السيد لوناس مقرمان، أبلغ السفير الفرنسي احتجاج الجزائر الشديد على “قرار السلطات القضائية الفرنسية غير المبرر”، مشددة على رفضها القاطع، شكلاً ومضموناً، للاتهامات الموجهة إلى موظفها القنصلي، والمتعلقة بما وصفته باريس بـ”قضية اختطاف المدعو أمير بوخورص”، المعروف بلقب “أمير دي زاد”، سنة 2024.
الجزائر اعتبرت أن عملية التوقيف تمت بشكل مهين على الطريق العام دون إخطار مسبق عبر القنوات الدبلوماسية، وهو ما يشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية.
كما وصفت الجزائر الحجج الأمنية والقانونية المقدمة من قبل الادعاء الفرنسي بـ”الهزيلة وغير المقنعة”، وطالبت بالإفراج الفوري عن الموظف القنصلي المحتجز، مؤكدة على ضرورة الاحترام الكامل للامتيازات المرتبطة بصفته الدبلوماسية.
وفي لهجة توحي بانزعاج عميق، أشار البيان إلى أن “هذا المنعطف القضائي غير المسبوق ليس صدفة”، بل يأتي وفق وصف الخارجية الجزائرية ضمن “سياق محدد وبنية مبيتة تهدف إلى عرقلة مسار إعادة بعث العلاقات الثنائية بين البلدين”.
كما أضافت أن ما جرى “يكشف عن وجود أطراف فرنسية لا تتقاسم نفس الإرادة السياسية في تحسين العلاقات الثنائية”، محملة باريس مسؤولية التداعيات المحتملة لهذا التصعيد.
بين الحقوق الدبلوماسية والرهانات السياسية
الحادثة تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية توتراً متصاعداً، على خلفية قضايا عدة، منها ملف الذاكرة، والهجرة، والمواقف الفرنسية من قضية الصحراء المغربية، وآخرها ما اعتبرته الجزائر “استفزازات” على الأراضي الفرنسية ضد مواطنيها ومسؤوليها.
وجدير بالذكر، يمثل اعتقال دبلوماسي جزائري أول حادثة من نوعها في تاريخ العلاقات بين البلدين، ما ينذر بتداعيات سياسية ودبلوماسية واسعة.
الجزائر، من خلال بيانها، لم تكتف بالتنديد، بل حذّرت من أن “هذا الوضع لن يمر دون تبعات”، مشددة على أنها “ستسهر بكل حزم على ضمان الحماية الكاملة لموظفيها الدبلوماسيين”.
من جانبها، لم تصدر باريس حتى الآن أي تعليق رسمي يوضح تفاصيل العملية أو يرد على الاتهامات الجزائرية، ما يزيد من غموض المشهد ويغذي التكهنات حول نوايا السلطات الفرنسية الحقيقية.
تصعيد جديد في زمن هشاشة الثقة
حادثة اعتقال الدبلوماسي الجزائري في باريس تشكل اختباراً جديداً للعلاقات الجزائرية الفرنسية، وتثير أسئلة مقلقة حول مدى احترام فرنسا للاتفاقيات الدولية، وإلى أي مدى يمكن للدوافع السياسية أن تطغى على الأعراف الدبلوماسية في علاقات يفترض أن تُبنى على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة.
لهذا أصبح من الضروري طرح عدة أسئلة: فهل نشهد في الأيام المقبلة انفجار أزمة دبلوماسية مفتوحة بين البلدين؟ أم أن باريس ستسارع إلى امتصاص الغضب الجزائري وتدارك الموقف مثل السابق؟ الأيام كفيلة بالكشف عن الوجهة التي ستتخذها هذه الأزمة من مسلسل فرنسي جزائري جديد.
أنباء إكسبريس