*كلمات* .. في كل ما حرث الجمل دكو

*ملاك .. جاكي .. يوسف وحساين !*
أحمد ويحمان
لتعريف أسماء العنوان، نوضح أن الأمر يتعلق ب : ملاك الطاهري .. جاكي كادوش .. يوسف أزهاري ومحمد حساين . كلهم مغاربة .. أي أنهم كلهم، من المفترض، مشمولين بالقانون المغربي؛ أي، من المفترض، أنهم تحته. يبقى توضيح آخر ، جوهري، وهو أن الذكور كلهم رجال بالغون ، والأنثى، ملاك وحدها القاصر .. طفلة في سن الثالث عشرة من عمرها (13 سنة) .. وتوضيح أخير، للاستئناس؛ إنها مريضة باللوكيمياء . ولنرى الآن في أمر هؤلاء وماذا يعني الجمع بين هذه الأسماء في *كلمات* اليوم ! لم يكن المغاربة يتوقعون أن تعود مشاهد الاستهداف العائلي والانتقام من أقارب المعارضين السياسيين بعد عقود من إطلاق مسلسل “الإنصاف والمصالحة”، الذي كان يفترض أن يطوي صفحة الماضي الأسود لانتهاكات حقوق الإنسان. لكن ها نحن اليوم نعود إلى ممارسات كنا نعتقد أنها انتهت، حيث يتم اعتقال طفلة تبلغ من العمر 13 سنة، وتعاني من مرض اللوكيميا، بسبب نشاط خالها السياسي والمعارض، فيما يسرح ويمرح من يروجون للدعاية الصهيونية علنًا، ويطعنون في المقدسات دون أي محاسبة ! *اعتقال الطفلة ملاك الطاهري: سابقة تذكر بسنوات الرصاص* الطفلة ملاك الطاهري، القاصر والمريضة، اعتُقلت – على ما يبدو – لمجرد كونها ابنة أخت اليوتيوبر هشام جيراندو، المؤثر المثير للجدل. فبغضّ النظر عن آراء خالها ومواقفه السياسية، يبقى السؤال: ما دخل الطفلة؟ بأي ذنب تُعاقب؟ أليس هذا استهدافًا عائليًا لا يختلف عما كان يحدث في سنوات الرصاص حين كانت العائلات تُؤخذ كرهائن للضغط على المعارضين؟ إن هذا الاعتقال، وبدون أية مواربة، يشكل مؤشرا خطيرا على تراجع الحريات، وضرب لما تبقى من مكتسبات العدالة الانتقالية. فقد كان من المفترض أن تكون تلك المرحلة درسًا للدولة حتى لا تعود لممارسات القمع الجماعي والانتقام من العائلات. لكن الواقع يكشف العكس، حيث يبدو أن السلطة عادت لاستخدام نفس الأساليب القديمة في شكل جديد أكثر التواءً. *ازدواجية المعايير: من يجرؤ على محاسبة خدام الصهيونية؟* بينما يتم اعتقال طفلة بسبب نشاط أحد أقاربها، نجد أن أشخاصًا آخرين يمارسون التحريض، ويمسون المقدسات الدينية وما يعرف بالثوابت الوطنية، ويشيدون بالإرهاب الصهيوني علنًا، دون أن يطالهم أي حساب أو مساءلة. يوسف أزهاري، رئيس جمعية “شراكة المغرب”، التي يرأس جمعيتها الأم إسحاق هرتسوغ شخصيًا، وقف في متحف “أصدقاء صهيون” في القدس المحتلة، ليقول إن الرسول محمد ﷺ صهيوني ! كان يقول ما يقول بينما بعض زملائه في رحلة العمالة ( المدعو بنمازي)يرتدي قبعة مكتوب عليها موساد Mossad ! في ترويج ودعاية مفضوحة لأخبث جهاز استخباري قاتل في العالم ! جاكي كادوش، مسؤول الطائفة اليهودية بمراكش، لم يتردد في التصريح بأن زيارة الوفد العميل للصهيونية، ورقصهم مع ضباط جيش الاحتلال في عز مذابح غزة، تمت “بعلم ومباركة الملك” ! وذلك في حوار مع مجلة “تيل كيل”.. ورغم التقدم بشكاية ضدهم من خلال كوكبة من النقباء والمحامين قدموا ملفا من المستمسكات والوثائق والأقراص المدمجة، فإن أحد لم يحرك ساكنا ضدهم ! لأنهم محميون .. لأنهم إما يهود صهاينة أو مغاربة متصهينون . وبالتالي فهم فوق القانون حتى لو قالوا ما ادعوا عن الرسول الكريم ص، وزعموا ما زعموا في حق الملك !!! محمد حساين نشر فيديو على يوتيوب يزعم فيه أن الملك وأسرته من أصول يهودية، وأنه لا علاقة لهم بآل البيت، ومع ذلك لا أحد يحرّك ساكنًا ! هناك من يروج لخطاب كراهية عنصري يقول بضرورة مغادرة الملك للبلاد بحجة أنه دخيل لأنه عربي ومسلم، ويعتبر المغرب هو بلاد الأمازيغ ولا يحق لغيرهم ( العرب) البقاء فيه !!! ورغم أن مجموعة من المحامين المغاربة، كما أسلفنا، رفعوا دعاوى قضائية ضد بعض هؤلاء، إلا أن العدالة لم تتحرك، وكأن القانون لا يسري إلا على مغاربة معينين، فيما يتمتع مغاربة آخرون بحصانة، غير معلنة، تجعلهم فوق المحاسبة ! *هل نحن أمام انتكاسة لا رجعة فيها؟* ما يحدث اليوم هو انقلاب جذري على ما اعتبره المغاربة مكتسبات في مجال الحريات. لا يتعلق الأمر باعتقال معارضين فقط، بل بتوسيع دائرة القمع لتشمل أقاربهم، في عودة مخيفة إلى أساليب الترهيب الجماعي. في المقابل، هناك من يتجرأ على التطاول على المقدسات، والترويج للصهيونية، والتشكيك في ثوابت الأمة، دون أي محاسبة. *آخر الكلام* لقد التجأ المناضل الحقوقي، منسق الهيآت المغربية لحقوق الإنسان الصديق عبد الإله بنعبد السلام، إلى المثل المغربي ذات يوم ليكثف هذه الردة الحقوقية إذ قال متأسفا : *” كل ما حرث الجمل دكو “.* ! واليوم، يبدو أن كل ما زرعته مرحلة الإنصاف والمصالحة يتم تدميره بضربات متتالية فعلا . فإلى أين يتجه المغرب؟ هل نحن أمام انتكاسة عابرة أم أمام سياسة ممنهجة لطي صفحة الحريات وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟ .
نسأل سؤالنا في ذمة التاريخ و ” المغرب مقبرة الأمل ” كما وصفها، بخيبة كبيرة، المجاهد الفقيه البصري ذات يوم من أواخر أيامه . ورحم الله الرفيق إدريس بنزكري الذي ذاب وأذاب ما تبقى من صحته في آخر أيامه لوضع أسس للحلم الجماعي في مغرب آخر .. وها كل شيء يتبخر كما كنا نحذره من التفاؤل المفرط الذي لا يستند على الواقع .
ولله الأمر من قبل ومن بعد !
—————————–
× باحث في علم الاجتماع السياسي
