أحمد ويحمان
تتزايد المخاوف حول حجم ونوع مخاطر الاختراق الصهيوني للمغرب، حيث لم يعد الأمر يقتصر على مصيبة التطبيع الدبلوماسي أو الاقتصادي ( وهو في مدان ومرفوض في ذاته)، بل توسع ليشمل مجالات حساسة تمس صحة المواطنين وأمنهم الوطني والروحي . وما كشفه البرلماني الدكتور عبد الله بوانو مؤخراً حول العمل على رهن صحة المغاربة لجهات أجنبية، على رأسها أمريكا، وكذا ربط الأمن الصحي المغربي بكيان الاحتلال الصهيوني، يثير، ليس القلق وحسب، وإنما هلعا حقيقيا بشأن استقلالية القرار الوطني في هذا المجال الحيوي المرتبط بصحة وحياة الناس . ( شاهد الفيديو رفقته !) . وفي ذات السياق، جاء ما كشفه طلبة جامعة محمد السادس عن شراكات مؤسستهم مع جامعات ومراكز بحثية صهيونية مرتبطة بالجيش الصهيوني ليزيد طين الهلع الوطني بلة . ويشمل هذا “التعاون” مجالات الأبحاث العسكرية والتصنيع الحربي وتبادل الخبرات، وهو ما يُعد تهديداً مباشراً للأمن القومي للمغرب. *الأمن الصحي رهينة الاختراق الأجنبي* يشير البرلماني عبد الله بوانو إلى أن صحة المغاربة أصبحت تحت رحمة جهات أجنبية . وقدم بوانو معطيات خطيرة بخصوص ما تحضره وزارة الصحة لتمرير مشاريع تضرب المصلحة العليا للوطن والمواطنين في مقتل إلى شركات أجنبية، بما فيها معطيات ومعلومات عن الملفات الطبية للمواطنات والمواطنين، تحت ستار “الرقمنة ” وهي أمور غاية في الحساسية ومشمولة بالحفظ والسرية بموجب مواثيق حقوق الإنسان الدولية والقوانين الوطنية . وهو ما يثير علامات استفهام حول استقلالية وتأمين منظومتنا الصحية. والأخطر من ذلك إشارته إلى تسلل كيان الاحتلال الصهيوني في إدارة هذا الملف، علما بأن وزارة الصحة المغربية مرتبطة باتفاقية العار مع نظيرتها الصهيونية التي وقعها الوزير السابق مع نظيرته الوزيرة الإرهابية السابقة التي تملك شركة في تجارة الأسلحة، ما يجعل الأمن الصحي للمغاربة مهدداً بقرارات وإملاءات من جهة تُعتبر عدواً للمغرب ولكل الشعوب العربية والإسلامية، خاصة وأن وزراءها ومسؤوليها سبق وعبروا، صراحة، عن استحقاق الشعب المغربي ل *الإبادة* بسبب تعاطفه مع الشعب الفلسطيني واعتبارهم أن المغاربة *ليسوا بشرا !* ( تصريح الوزيرة شاكيد وكذا كعيبة مسؤول بمكتب الاتصال الصهيوني بالرباط) . فهل يمكن لمثل هذا الكيان، الذي يواصل جرائمه الوحشية في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن … كما فعل في مصر والعراق والسودان وليبيا … وفي حق المغاربة في حارة المغاربة … هل يمكن لمثل هذا الكيان أن يُؤتمن على صحة الشعوب العربية؟ وهل يعقل أن تُترك صحة المغاربة في يد من يسعى لتحقيق مصالحه، بل من تقوم مصالحه الاستراتيجية على حساب سيادة دول المنطقة وحياة ودماء شعوبها؟ *التطبيع الأكاديمي والعسكري: تهديد للأمن الوطني* إن ما كشفه طلبة جامعة محمد السادس متعددة التخصصات حول التعاون مع جامعات صهيونية يمثل بُعداً جديداً وخطيراً للاختراق الصهيوني. فهذه الشراكات تتجاوز البعد الأكاديمي البحت ( وهو ذاته مدان ومرفوض) لتشمل مجالات ذات طابع عسكري واستراتيجي، مثل الأبحاث العسكرية والتصنيع الحربي. إن إشراك طلبة وأساتذة صهاينة شاركوا، لا زالوا يشاركون في الحروب وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني في العملية التعليمية بالمغرب يعد تطبيعاً مع القتلة وتبريراً لجرائمهم الوحشية بتزكيتها وشراكة فيها . ويثير هذا الواقع أسئلة حول الدور الذي يُراد للجامعات المغربية أن تلعبه في خدمة أجندات كيان الاحتلال.( شاهد الفيديو رفقته) *الاختراق الزراعي: الأمن الغذائي في خطر* يحذر الخبير الدولي الدكتور محمد الناجي، الاستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، من خطورة “الشراكات” مع شركات صهيونية في القطاع الزراعي. فهذه الشركات هي السبب في إدخال بذور معدلة جينياً وتستنزف التربة وتضعف الإنتاجية، فضلا عن سلوك السرقات للملكية الأصيلة لمصنفات فلاحية ضدا على القوانين الدولية والوطنية مما يهدد الأمن الغذائي للمغاربة على المدى الطويل. وفي هذا الصدد، يمكن التذكير بالتجربة المصرية التي تقدم مثالاً حياً على هذه المخاطر؛ حيث تسبب التعامل مع شركات إسرائيلية مع القطاع الزراعي بواحدة من الفضائح والمآسي الكبيرة التي هزت مصر وشكلت الحدث وقتها في وسائل الإعلام كلها حيث تمت سرطنة 87 ألف شخص في صعيد مصر نتيجة بذور وطماطم ملوثة ومسرطنة. هذا الملف أدى إلى محاكمة وسجن وزير الزراعة المصري الأسبق يوسف والي ومسؤولين آخرين لتورطهم في هذه الجريمة. ولكن ماذا ينفع الضحايا سجن المتآمرين بعد وقعت فأس السرطان في رؤوسهم ! *اختراق الأوقاف الإسلامية ينهى الكلام* قبل بضعة شهور شهد البرلمان نقاشا مثيرا بعدما طرحت النائبة البرلمانية الدكتورة نبيلة منيب تساؤلات على وزير الأوقاف بخصوص تولي يهودي صهيوني، قريب وزير الداخلية في حكومة نتانياهو ، تدبير ممتلكات تابعة للأوقاف والشؤون الإسلامية . كان السؤال ومضمونه قد هز المغاربة، إلا أن الذي هزهم أكثر هو ردّ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بعبارات لم تُبدد قلق المغاربة كما كانت انتظاراتهم، ولكن جاءت لتزيد منه وتخلق سخطا غير مسبوق على الوزير و والوزارة والحكومة ككل . وقد ذكرت الواقعة بسابقة أبراهام أمزلݣ غولن الذي شرع في تعيين سفرائه من “الفنانين ” و” المؤثرين ” وصرح بأنه ينتظر أن يعينه الملك على شؤون الزكاة !! *خلاصة القول : الخطر لم يعد مجرد تهديد* أصدرنا في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع قبل حوالي ست سنوات كتابا بعنوان : *بيبيو ! الخراب على الباب*، تنبيها لمخاطر الاختراق الصهيوني وتحذيرا من كل ما يقع الآن . أما اليوم فلم يعد الخراب على الباب وإنما هو داخل إلى كل الغرف بالبيت المغربي .. وحتى غرفة النوم، ولم يعد الخطر مجرد تهديد محتمل الوقوع وإنما هو أمر واقع وماينفك يتفاعل في نخر المغرب ككيان كما الأرضة، ما يقضي الوقوف عند انعكاسات هذا الاختراق وما يسمى التطبيع على السيادة الوطنية بهذه الخلاصات الموجزة :1. الأمن الصحي : إن ربط منظومة الصحة المغربية بجهات أجنبية، بما فيها كيان الاحتلال، يعرض البلاد لضغوط اقتصادية وسياسية أكيدة، لكن الأخطر من ذلك أنه يرض صحة وحياة المغاربة لخطر محقق ويرهن بذلك وجودهم كله بيد الصهاينة المجرمين .2. السيادة الأكاديمية: إن تحويل الجامعات المغربية إلى منصات للتطبيع يهدد سيادة المؤسسات التعليمية ومؤسسات البحث العلمي ويُفقدها دورها في خدمة القضايا الوطنية ويجعلها في خدمة المشروع الصهيوني التخريبي في البلاد وكل المنطقة .3. الأمن القومي : إن التعاون في المجالات العسكرية والأمنية يتيح للعدو الصهيوني الوصول إلى معلومات استراتيجية وقدرات علمية مغربية تُستخدم ضده اليوم وترهن قراره الوطني في المستقبل وإلى الأبد . *آخر الكلام* إن الاختراق الصهيوني في المغرب بات خطراً شاملاً كان يُهدد قطاعات حيوية، من الصحة والتعليم إلى الزراعة والأوقاف، وشرع اليوم في تخريبها المباشر وأصبح متغلغلا ، كالسرطان، فيها بأشواط متقدمة درجة الحديث والتساؤل، الواقعي، عن مرحلة ” *الميطاسطاز* وهي حالة انتشار المرض في مختلف الأعضاء درجة اليأس من شفاء المريض . إننا ما نزال في مستوى التساؤل، مع أنه جدي وواقعي، وهو ما يطرح، بنفس الجدية ولنفس الواقعية، ضرورة الإسراع في مواجهة هذا التغلغل وهذا المرض، ويتطلب تحركاً وطنياً قوياً ( أي تحرك الجميع كل من موقعه كما فعل بوانو من موقعه وفعل طلبة جامعة محمد السادس من موقعهم ويفعل مناهضو التطبيع من مواقعهم دون كلل) كي نضع حداً للشراكات التي ما انفكت تضرب السيادة الوطنية وتُعرض أمن البلاد للخطر على كل الأصعدة . هل يستطيع المغاربة، بشعورهم الوطني التاريخي، التصدي لهذه الاختراقات؟ أم أن سياسات الاختراق ستواصل زحفها على حساب صحة وحياة وعقول المواطنين ومستقبل الأجيال؟ الاختراق الصهيوني قال كلمته بالاستمرار حتى إسقاط المغرب وصهينته الشاملة وقد ترأس أندري ازولاي قبل فترة ما أسماه “منتدى توحيد الهياكل” بالدار البيضاء حيث أخذ معه الوزراء في الوزارات الاقتصادية وجمعهم بنظرائهم الصهاينة والمستثمرين الخواص هنا وهناك وخطب فيهم وفسح فيه المجال لرئيس الكيان الإرهابي إسحاق هرتسوغ ليلقي كلمة فيه بالفيديو كونفرانس .. أي أنه ” جمع وطوى ” المغرب بإلحاقه بعجلة كيان الاحتلال ! ما استحق به ” وسام الشرف الرئاسي ” من حبيبه رئيس ” دولة الشقيقة إسرائيل، ضيف الشرف في ما سمي ” منتدى مراكش لريادة الأعمال بمناسبة ذكرى اغتصاب فلسطين (15مايو) ! هذا قول أجندة الاختراق الصهيوني فما هو قولكم أنتم ؟! وآخر دعوانا أن اللهم يا مفرج الغمم أفرج هذه الغمة عن هذه الأمة ! آمين !-
باحث في علم الاجتماع السياسي ، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع