إرادة الشعوب لا تقهر،النموذج الشعب السوري

أعتقد أن الذي يدفع الشعوب للتطرف والخروج للمواجهة مع المستبدين ،هو رفضهم الخنوع والخضوع،وهم يعلمون أن أي مواجهة مع الحكام الطغاة سيكون غاليا ،وهذا ماحصل مع الشعب السوري الذي قدم آلاف الشهداء الذين عذبوا حتى الموت،ومنهم من أعدم وأهدى روحه فداءا لكي يعيش الباقي أحرارا طلقاء.وماحدث في سوريا بعد هزيمة الطغاة ،ليس في مصلحة الشعب السوري ككل .الخراب والدمار الذي حدث ،كان فرصة لدخول الجيش الإسرائيلي لهذا البلد وتدمير كل الأسلحة التي كان يتوفر عليها الجيش السوري،وأكثر من ذلك إعلان النتن ياهو أنه سيبقى في المناطق التي دخلتها قوات الإحتلال لتضم مناطق أخرى إلى هضبة الجولان وسط الصمت العالمي .هل بقي لسوريا مؤشرات النهوض ،لبناء البلد المنهار؟ثم نتساءل ،لماذا انسحب الجيش الروسي من سوريا ؟،ولماذا لم تتدخل إيران لوقف إسرائيل عند حدها كما نقول في المثل الشعبي؟وهل المقاومة الإسلامية قادرة على طرد جنودالإحتلال الإسرائيلي من الأراضي السورية؟لماذا يسكت العالم عن الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا وعلى لبنان وسوف تتجرأ على العراق وعلى اليمن ؟لماذا تلتزم الصمت دول الجوار ،تركيا التي لها عداءا دفينا مع النظام السابق وتواجد على أراضيها ستة ملايين سوري وهذه فرصتها بعد سقوط النظام للتخلص منهم؟ولماذا تسكت مصر هن المهازل التي تقع وسط صمت رهيب للعالم؟هل ستدفع دول الجوار التي احتضنت آلاف النازحين السوريين للتخلص منهم بعد سقوط النظام السوري وتعمق الأزمة أكثر في سوريا؟ أزمة كبيرة تعيشها المنطقة كلها وستعمق أكثر ليس فقط في سوريا بعد استمرار حالة الإنتقام من النداء البائد الذي ارتكب جرائم إبادة عرقية ،والآن سيدفع العلويين أنصار النظام السوري الثمن غاليا فيستمر الإحتقان والإنتقام داخل المجتمع السوري.من المستفيد من انهار الدولة السورية؟إنها إسرائيل وهل المقاومة الإسلامية قادرة على مواجهة إسرائيل التي سارعت بسقوط النظام السوري لضرب كل مخازن السلاح.ما جرى في سوريا مخطط إسرائيلي بدعم أمريكي وتخاذل واضح لروسيا المتورطة في حرب مع أوكرانيا المدعمة من الغرب كله .الحرب مستمرة على غزة وإسرائيل دمرت لبنان الذي كان يعاني من أزمة قبل الحرب والآن كبرت معاناته أكثر وأصبح عاجز عن متدمره إسرائيل ،وعاد الشعب اللبناني بكل طوائفه يبحث عن اللجوء في بلدان آمنة بعيدا عن الشرق الأوسخ وأستسمح لاستعمال هذا المصطلح وسيكون الإغتراب عند الشعب اللبناني أفضل من البقاء والموت البطيئ في غياب الأمل والمستقبل والإستقرار الذي تبحث عنه الشعوب .وضع أصبح يعيشه الشعب السوري كذلك الذي عانى لأكثر من خمسين سنة من الحرب الطائفية.ويمكن أن نطرح السؤال التالي من المستفيد من هزيمة النظام السوري وهزيمة حزب الله في لبنان واستمرار الإبادة والدمار في غزة والحرب لن تتوقف في سوريا فإسرائيل ستضرب اليمن والعراق،وأطماعها ستزداد على جحافل المقاومة المنهارة والتي تمتلك المعنويات لكنها تفتقد للسلاح والدعم المعنوي من دول الجوار ؟هل ستدعم إيران المقاومة في سوريا لمقاومة إسرائيل التي احتلت مزيدا من الأراضي السورية؟هل سيكون مصر دور في المنطقة وهي تلتزم الصمت المطبق من احتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي السورية بعد سقوط بشار؟وضع متأزم ليس فقط في سوريا وإنما كذلك في لبنان الذي دمرت فيه إسرائيل مدن الجنوب وقصفت حتى بيروت العاصمة ،التي فقدت الأمان والإستقرار،والشعب كلها بدأ يفكر في الهجرة.الوضع في المنطقة كلها سيزداد توترا،وعدم الإستقرار سيكون هو السائد في منطقة الشرق الأوسط بكاملها ،في غياب موقف صارم من مجلس الأمن وليس الأمم المتحدة التي لن تتخذ بقرارات حاسمة لتفصل في الأزمة لأن المسبب الرئيسي فيها هي إسرائيل بممارساتها الخارجة عن الشرعية الدولية اتجاه الفلسطينين في غزة وباقي المدن الأخرى واعتداءاتها المتكررة على المقدسيين مسلمين ومسيحيين واعتداءاتها المتواصلة على المسجد الأقصى وسط الصمت العربي والعالمي .كل مايجري في الشرق الأوسط ،مؤشرات عدم الإستقرار وسط عدم تطبيق القانون الدولي وفرض القرار الصادرة في مجلس الأمن والأمم المتحدة وتطبيق القرارات الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية والتي أصدرت أحكاما باعتقال نتن ياهو ووزير دفاعه السابق بسبب الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني في غزة.تبقى الإشارة في الأخير أن التطرف والإرهاب وسياسة الإنتقام سيزيد من الإحتقان أكثر وسيغيب كل أفق الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها ولن نستثني أحدا فمصر مهددة بالإنفجار والأردن كذلك وكذلك كل دول الجزيرة العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وشعب الله المختار سيجن من جديد للعيش في سلام قريبا من الكعبة. ماقلته هو مجرد إرهاصهات تزعجني شخصيا عندما أراجع تاريخ الوجود اليهودي في المدينة وكيف كانوا يعيشون في سلام مع المسلمين ،ويؤدون الجزية مقابل العيش في سلام بين المسلمين ،وهذا مايسمى في عهدنا بانصهار المسلمين في المجتمعات الأوروبية. ومن حقنا أن نتساءل ماعلاقتنا نحن الذين نعيش في الغرب في سلام بمايحدث في الشرق الأوسط،ألا تعتبر مواقفنا ضد الإستبداد في الدول العربية والقمع ضد الشعوب عامل من عوامل ضعفها ؟ثم هل من حقنا أن نرفع صوتنا عاليا في دول غربية يقولون عنها أنها تحترم حقوق الإنسان وحرية التعبير ،ضد مايجري من انتهاكات في الشرق الأوسط وقد توسعت هذه الإنتهاكات لتشمل سوريا بعد فلسطين ولبنان والقادم أسوأ.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك