حزب الله في مأزق حقيقي
الإنفجارات التي وقعت في لبنان بسبب أجهزة الإتصالات الملغمة،كشفت الإختراق الإسرائلي لحزب الله.ضربة موجعة تلقاها الحزب باعتراف رسمي من حسن نصر الله ،وسط ذهول الحلفاء وفي مقدمتهم إيران .الضربة الثانية التي تلقاها حزب الله ،هي اغتيال الرجل الثاني في التنظيم ،وكذا استهداف إسرائيل في غارات بالأمس للعديد من المنصات التي حضرها حزب الله لتوجيه ضربات صاروخية للعمق الإسرائيلي .خسائر كبيرة تلقاها حزب الله مدنية وعسكرية،بعثرت خططه العسكرية،وفي ظل هذه التطورات يبدو أن إيران مازالت تقف موقف المتفرج ،الذي يلوم حسن نصر الله،أكثر مما يحشن قوات حزب الله لمواصلة المعركة.وفي ضل الخسائر التي تلقاها حزب الله ،هل تبقى إيران تقف موقف المتفرج عقب كل الخسائر التي تلقاها الحليف الإستراتيجي في المنطقة؟أم ستدخل المواجهة لمساندة حزب الله اللبناني ؟سؤال يبقى بدون جواب في ضل الجمود الذي تعرفه الجبهة اللبنانية.ثم لماذا لم يصدر أي بيان رسمي من إيران من غير الإدانة يبين مساندة إيران الفعلية لحزب الله في هذه المعركة ،ثم في ضل الصراع المحتدم بين إسرائيل وحزب الله من جهة ،ثم حركة حماس والجهاد الإسلامي في غزةوالضفة معا ،ألا يعتبر فتح إسرائيل جبهة وحربا جديدة في الشمال تخفيفا على غزة ،التي يستمر فيها القتال وتحقق الفصائل الفلسطينية انتصارات على القوات الإسرائيلية ؟ويبقى سؤال راودني منذ مدة ،أين غابت الفصائل الفلسطينية المنتمية لحركة فتح في غزة ،والتي كان لها حضور ملفت في السنوات الماضية رغم أن قطاع غزة كان تسيطر عليها حركة حماس والجهاد الإسلامي .غموض كبير تعرفه المنطقة والصراع لن ينحصر بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،بل مرشح لتطورات خطيرة خصوصا بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر فيلاديلفيا التي يفصل قطاع غزة ومصر والذي تعتبره مصر خط أحمر قد يضع حدا لاتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وبالمقابل تعتبره إسرائيل ،مهم لوضع حد لتهريب السلاح للفصائل الفلسطينية.بينما مصر تعتبر سيطرة إسرائيل عليه مس خطير بأمن مصر وتراجع عن الإتفاقيات المبرمة مع إسرائيل .إلا أن استمرار حدة القتال في كامل القطاع يبين بوضوح أن الفصائل الفلسطينية تعتمد على ذاتها وإمكانياتها في صنع السلاح .ولعل استمرار القتال وإطلاق الصواريخ من حين لآخر في اتجاه المستوطنات المحيطة بالقطاع وكذلك تل أبيب والمدن الأخرى واستمرار القتال في القطاع وسقوط العديد من الجنود قتلى وجرحى ،يؤكد فشل إسرائيل في تحرير الرهائن والتي كشفت أحد الصحفيات في إحدى القنوات الإسرائيلية وجود إثنى عشر مجندة من بين الرهائن لدى حركة حماس .يبدو أن الصراع الإسرائلي الفلسطيني لم ينحصر في قطاع غزة بل انتقل إلى مدن ومخيمات الضفة والقدس ورام الله وجنين ،وانتقلت الفصائل للعمليات الفدائية لتوجيه ضربات موجعة للعدو الذي أصبح لا يفرق في مسلسل القتل والترهيب بين المقاتلين والسكان العزل .وتستمر إسرائيل في مسلسل الإنتهاكات والقتل والدمار لتنهي بجرائمها كل فرص السلام في المنطقة،وهي بذلك تنهي مسلسل التطبيع الذي بدأت العديد من الدول تتبرأ منه وتفقد ثقتها في انضمام دولة الإحتلال لأي تعاون وتكتل اقتصادي في المنطقة،وأصبحت الشعوب من المحيط إلى الخليج تعتبر إسرائيل جسم غريب عنها ولا يمكن بتاتا إبرام أي علاقة معها ،هو واقع حقيقي تلمسه في الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.وهذا يعتبر نتاج لما ارتكبته إسرائيل من جرائم في حق الشعب الفلسطيني .إن مارتكبته إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر من مجازر ذهب ضحيتها أكثر من خمسين ألف شهيد وشهيدة ودمار شامل ،واستعمالها لكل أنواع الأسلحة بدعم أمريكي وغربي .يغير من طبيعة الصراع ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإنما العديد أصبحوا يعتبرونها حربا دينية ،سيكون لها أثر بسبب دعم الغرب لإسرائيل وصمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن ،وحتى التهم التي وجهتها محكمة العدل الدولية لرئيس الحكومة الإسرائيلية وقادة جيشه الذين ارتكبوا المجازر لن تنفذ مادام الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، والغرب بصفة عامة يعرقلون تنفيذ قرارات المحكمة والتي تطالب باعتقال النتن ياهو قادة جيشه.مايجري في فلسطين يبين بالملموس أنه ليس هناك إنصاف وعدالة،وأن استمرار مسلسل القتل والدمار لن يؤدي إلى سلام بل إلى استمرار الكراهية .وما تخبؤه الأيام المقبلة من دخول دول في حسم الصراع سيؤدي من دون شك إلى وجود تحالفات جديدة خصوصا بين تركيا وإيران ومصر والدول العربية في الخليج ،وستتراجع الدول المطبعة مع إسرائيل وتزداد عزلتها ،يبقى في الأخير الإشارة لنقطة بدأت بها مقالتي هل ستتحرك إيران لدعم حزب الله ودخول المواجهة المحتملة مع إسرائيل لحماية لبنان وسوريا اللتان تتعرضان لقصف مستمر من إسرائيل وسط صمت مطبق للعالم ومواقف محتشمة للإتحاد الأروبي والأمم المتحدة ومجلس الأمن.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك