مغاربة العالم وانشغالاتهم الآنية
شاركت في ندوة مساء أمس كان موضوعها يدور حول التبادل الآلي للمعلومات الموقع بين المغرب والإتحاد الأوروبي سنة2019،والذي مازال لم يفعل لحد الساعة،بل تم تأجيله إلى 2025.المغرب سعى من خلال التوقيع على هذه الإتفاقية للخروج من المنطقة الرمادية،بمعنى حتى لايكون محطة تبييض وغسيل أموال المخذرات.من حق دول الإتحاد الأوروبي فرض هذه الشروط ،وإن كانت مؤثرة وتخلق جدلا كبيرا وسط مغاربة العالم،القلق عارم وسط مغاربة العالم في غياب توضيحات من الجهات الرسمية المغربية.والشروط التي وضعها الإتحاد الأوروبي من وجهة نظري معقولة ،لأن مع كامل الأسف شريحة واسعة من الجاليات التي اختارت العيش في دول الإتحاد تعيش بالمساعدات الإجتماعية ،في حين أنها تمتلك عقارات في بلدانهم .هل أخطأ المغرب بتوقيعه الإتفاقية للحفاظ على الشراكة المتقدمة مع دول الإتحاد ،أم أصاب عندما حاصر الذين يشتغلون بتجارة المخدرات ويستغلون الساحة المغربية ودول أخرى لتبيض مواردها عن طريق شراء عقارات والإستثمار في مشاريع أخرى .المغرب وجد نفسه مرغم بتوقيع الإتفاقية للحفاظ على شراكته مع الإتحاد الأوروبي ،وكذلك للإنخراط الجاد والفعلي في محاربة تبييض أموال المخدرات .ثم ظاهرة تبييض أموال المخدرات لا تنحصر فقط في الجالية المغربية بل هناك جاليات نشيطة في تبييض الأموال على سبيل المثال لاحصر الجالية الباكستانية والتركية التي هي كبيرة بالمقارنة مع الجالية المغربية،وعلاقتها مع الإتحاد الأوروبي متقدمة وكبيرة ولازالت تتحفظ على توقيع مثل هذه الإتفاقيات،حتى لا تثير غضب مواطنيها.إن اللغط الذي أثير حول مسألة التبادل المعلوماتي لحسابات خارجية لا يجب أن يأخذ هذ الحجم فالكثير من المواطنيين أوروبيين يمتلكون شقق وعقارات في مدن إسبانية مثلا ويؤدون ضرائب على هذه الممتلكات في إسبانيا ،وحتى ولو كان المغاربة يمتلكون شققا وعقارات في المغرب اكتسبوها بعرق جبينهم خلال السنوات الطويلة التي قضوها في سوق العمل ،فمثلهم مثل المواطنين الأوروبيين الذين يختارون اقتناء شقق في دول الجنوب حيث يحسون بالراحة.إن الغموض الذي أصبح سائدا في علاقة مغاربة العالم وحكومة بلادهم ،يطرح أكثر من تساؤل لحد الساعة،وإقصاء مغاربة العالم من المشاركة السياسية يعني الكثير ،بمعنى أن الحكومة المغربية الحالية والسابقة التي وقعت الإتفاقية مع الإتحاد الأوروبي ،تخفي شيئا ،يثير انشغال وغضب الجالية.كان من المفروض من المملكة المغربية احترام الدستور المغربي وتفعيل كل الفصول المتعلقة بمطالب مغاربة العالم ،بل عند التفعيل يصبح كل مغاربة العالم متابعون للشأن العام وفي نفس الوقت يدبرون العلاقة التي تربط المغرب بدول الإتحاد وفق القانون الملزم للطرفين ،والمحافظ على مصالح كل من المغرب والإتحاد الأوروبي .وحتى يتوقف هذا اللغط والقلق الذي لا معنى له فيجب أولا أن تعقد موائد للنقاش يشارك فيها رجال القانون والسياسةمن أجل وضع النقاط على الحروف .إن القلق الذي يعم غالبية مغاربة العالم ناتج أولا عن عدة تراجعات وقعت في تدبير ملف الهجرة المغربية،ولعل من أهمها إلغاء وزارة الجالية،ثانيا عدم إشراك مغاربة العالم في المشاورات التي نظمتها وزارة الخارجية في إعادة هيكلة مجلس الجالية الذي تخصص له الدولة سنويا ميزانية ضخمة لتسييره.والنقطة التي أفاضت الكأس وعم بسببها قلقا وسط مغاربة العالم هو عدم التزام الحكومة بتفعيل الفصول المشاركة السياسية في الانتخابات الأخيرة التي عرفها المغرب في الثامن من شتنبر.وحتى يرفع القلق الذي عم مغاربة العالم والتي أعتبرها شخصيا زوبع في فنجان لإلهاء مغاربة العالم بقضية لا تتطلب هذا اللغط.بل كان من المفروض على مغاربة العالم دعم كل سياسة تحارب تبييض غسيل الأموال ليس فقط في المغرب ،الذي أصبح قبلة منذ مدة في إنتاج القنب الهندي وتقنينه بموجب قوانين صادق عليها البرلمان المغربي .وحتى تطمئن قلوب المغاربة الذين بدأوا يفكرون في الرد على هذه الإشاعات التي وصلت كل الآفاق ،لا بد كما قلت من فتح نقاش فيما يخص شرعية وقانونية التبادل الآلي للمعلومات الذي يهدف بالدرجة الأولى محاصرة تبييض الأموال.وللتوضيح أكثر فإن تركيا لها جالية كبيرة في دول الإتحاد ولم توقع أي اتفاقية من هذا النوع والعديد من الأوروبيين لهم عقارات في تركيا يقضون فيها عطلهم ،كما أن العديد من الأوروبيين اختاروا شراء عقارات في إسبانيا أوغيرها من البلدان ويؤدون ضرائب عليها في هذه البلدان،ولا يمكن أن يؤدوا ضرائب كذلك في بلدانهم وماينطبق على المواطنيين الأوروبيين ينطبق على غيرهم من المواطنين الذين يحملون جنسيات هذه البلدان .لابد من الإشارة كذلك أن من أهم القضايا التي تشغل بال مغاربة العالم الآن ونحن على أبواب عطلة الصيف هو غلاء تذاكر الطائرة وفي ظل غلاء الأسعار التي يعرفها العالم بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا فإن مغاربة العالم ينتظرون مرة أخرى التفاتة ملكية كما وقع قبل سنتين لتخفيض تذاكر السفر عبر شركة الخطوط الملكية المغربية لأن الظروف الصعبة التي مرت بها الجالية المغربية بسبب الأزمة التي يعرفها العالم أثرت سلبا على واقعهم في الهجرة ،وينتظرون تغيير الأجواء بالسفر إلى المغرب لصلة الرحم خصوصا وأن منهم من لم يسافر لمدة سنتين .التفاتة ملكية تكون ملزمة وبديلا لغياب الحوار بين شركة الخطوط الملكية وزبنائها
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك