عبد الحي كريطمستجداتمقالات الرأي

قراءة في نتائج الانتخابات البلدية والجهوية في إسبانيا

هل صعود اليمين في إسبانيا سيكون له أي تأثير مباشر على العلاقات مع المغرب؟

بقلم: عبدالحي كريط

شهدت إسبانيا الأحد المنصرم انتخابات بلدية وإقليمية في 12 من أقاليم الحكم الذاتي بما فيها في سبتة ومليلية المحتلتين.

وأسفرت النتائج  عن فوز الحزب الشعبي المحافظ (pp) بهذه الإنتخابات وخاصة برئاسة بلديات المدن الكبرى مثل مدريد إشبيلية وفالنسيا ومالقة وكذلك حكومات الحكم الذاتي مثل إقليم فالينسيا وإكستريمادورا وأراغون وجزر البليار وكذلك إقليم مدريد التي حققت فيه مرشحة الحزب الشعبي إيزابيل دياز أيوسو أغلبية ساحقة كما فاز الحزب الشعبي في سبتة ومليلية المحتلتين.

ورغم أن استطلاعات الرأي كانت قبل تشير إلى فوز مرتقب للحزب الإشتراكي العمالي (PSOE) بفارق طفيف مع غريمه السياسي التقليدي الحزب الشعبي، إلا أن المفاجأة جاءت عكس المنتظر لصالح الحزب المحافظ اليميني الذي يقوده نونييز فيخو، لكن بفارق ضئيل أيضا، وتجاوز الحزب الإشتراكي الحاكم بـ800 ألف صوت و حصل الحزب الشعبي على ما يقارب 32%، بينما حصل الحزب الاشتراكي على 28%.

 إلا أن تقدم Vox القومي اليميني المتطرف والذي يمثل وجه الفاشية الإسبانية بات مقلقا بشبه الجزيرة الأيبيرية، إذ ضاعف عدد الأصوات بحصوله على مليون و600 ألف صوت مقابل 800 ألف فقط في انتخابات 2019.

وسيكون Vox بمثابة الحصان الأسود لدعم الحزب الشعبي الذي يتشارك معه الخط اليميني لرئاسة حكومات الحكم الذاتي والبلديات ولكن ربما تكون بشروط معينة لكي لايقع تصادم بين الحزبين من خلال قضايا خارجية حساسة كالصحراء المغربية وموضوع العلاقات مع الجزائر خاصة وأن الحزب الشعبي يمثل الخط المعقلن ضد اليمين المتطرف.

ومقابل تقدم Vox اليميني المتطرف، تراجع نظيره اليسار المتطرف الممثل في بوديموس وسومار بشكل كبير أنحاء إسبانيا وهو المعني بالهزيمة فقد سجل تراجع كبير في معظم البلديات والأقاليم بل فقد حتى معقل ولادته بالعاصمة مدريد ولم يحصل على أي صوت.

 بعد عرض هذه النتائج الكرونولوجية للإنتخابات الإسبانية المحلية التي أجريت بعد أزمة كوفيد 19، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم، التي ضربت معظم اقتصاديات العالم، وكذلك أزمة الطاقة، يمكن القول أن كل هذه القضايا السالفة الذكر كان لها دور حاسم في قيادة دفة توجيه الرأي العام الإسباني نحو اليمين، لمحاصرة تحالف اليسار بقيادة الحزب الإشتراكي، رغم كل الإجراءات الإجتماعية التي خففت من وطأة الأزمة، التي سطرها إئتلاف الحكومة اليسارية التقدمية على مدى ولايتين.

فالإنتخابات الجهوية أو المحلية الإسبانية، كانت دائما ترتبط أساسا بموقف الإسبان من التسيير والتدبير المحلي والجهوي للاحزاب التي تمارس تلك المهمة في مختلف المناطق أي على السياسات النطاقية المباشرة التي قد تنسجم أو تختلف مع التدبير الحكومي المركزي في مدريد.

ويبدو أن إعلان سانشيز لاجراءات انتخابات تشريعية مبكرة في شهر يوليو القادم هو كذلك إستراتيجية حزبية للاشتراكيين لاستعادة المبادرة والضغط على بوديموس شريكه في الحكومة الحالية لوضع حد لنزاعات اليسار الراديكالي وإعادة توحيد صفوفه للحفاظ على قيادة الحكومة المركزية لولاية ثالثة.

صعود اليمين المحافظ والمغرب

من الأسئلة الأكثر تداولا بين المتتبعين لنتائج هذه الإنتخابات التي جرت في ظرفية سياسية عالمية وإقليمية مغايرة، هل صعود اليمين في إسبانيا سيكون له أي تأثير مباشر على العلاقات مع المغرب؟

حقيقة  لن يكون له أي تأثير وسواء انتصر الحزب الإشتراكي  العمالي في الإنتخابات التشريعية المقبلة أو تحول إلى المعارضة، باعتبار أن السياسات الخارجية الإسبانية لاتشهد منذ بداية الديموقراطية في منتصف سبعينيات القرن الماضي، تلك التحولات الدراماتيكية التي يتوقعها من لايعرف سياق وخصوصية التدبير الإسباني للملفات الخارجية التي تبقى لصيقة إلى أبعد الحدود بالموقف الأمريكي في مختلف القضايا…

إلى درجة أن هناك مقولة شائعة في إسبانيا، أثناء حكم الحزب الشعبي وخوسي ماريا أثنار  الذي يعتبر من صقور الحزب الشعبي وجناحه الأكثر تطرفا، مفاذها أن تعيين وزير الشؤون الخارجية يتقرر في واشنطن.

كما أن الحزب الشعبي يعتبر حزبا يمينيا ليبراليا براغماتيا لأبعد الحدود، وهو يعطي إهتماما أكثر للدفع بالعلاقات الإقتصادية والتجارية مع المغرب بشكل أكثر مرونة واستمرارية، إضافة إلى ملفات الأمن والإرهاب والتطرف والهجرة الذي يعرف جيدا، أن بدون الرباط لن تستطيع مدريد تدبيرها.

 ومما سيضعف قوة اليمين كذلك في الحكم في حال حصوله إلى “مونكلوا”، هو فوز القوميين في أغنى إقليم في إسبانيا المهدد بالانفصال وهو كاتالونيا، التي حل فيها الحزب الإشتراكي ثانيا، بينما حصل الحزب الشعبي على نسبة متدنية مما قد يعيد سيناريو أزمة الإنفصال، في حال أية مواجهة مع اليمين الذي ينظر إليه هناك كامتداد لنتيجة الحرب الأهلية في ثلاثنيات القرن الماضي، بين القوميين والفلانخيين اليمنيين.

أما بخصوص موضوع النزاع المفتعل  بالصحراء المغربية، يمكن القول وكمتتبع  للشأن السياسي الإسباني بمختلف تفاصيله، منذ بداية الحكم الديموقراطي في منتصف السبعينات لم يشكل أي تأثير في مسار الإنتخابات ولو على مستوى أبسط قرية في طول وعرض إسبانيا، والأغلبية من المواطنين الإسبان يعتبرون الموضوع من تاريخ الفرنكوية، الذي إنتهى بإنتهاءها وأن كانت تستعمل على نطاق واسع لاستغلالها انتخابيا والعزف على الوتر الأيديولوجي لبعض الإسبان.

المصدر: أنباء إكسبريس

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube