سياسةكتاب حرة بريسمستجداتمصطفى المنوزي

بالتي هي أحسن وليس بالتي أعنف

توقيع مصطفى المنوزي

وجب التذكير على أنه سبق وأن قمنا ، ضمن عقلنا الجمعي الحزبي الإتحادي ، والذي ورثناه عن زعمائنا وشهدائنا وكل مهندسي المشروع الحداثي والتقدمي والديمقراطي ، في سياق الهوية الفكرية والسياسية الجدلية ، والتي تتأسس وتغترف من قانون نفي النفي ، قمنا ، إثر تسويات وتنازلات أو تلقائيا واضطراريا ، بمراجعات نقدية وتحيينية مع الثبات على المبدأ ، وكذا مراعاة إيجابيات أسباب النزول ، والتي أفرزت الخيار الديمقراطي بدل خيار العنف مع الإحتفاظ بثورية المنطلقات التقدمية المقرونة بشروط استراتيجيا النضال الديمقراطي ، غير المختزلة في الواجهة الإنتخابية كإحدى آليات بناء الديمقراطية عبر قنطرة مطلب الملكية البرلمانية ، البديلة عن الملكية التنفيذية المعبرة واقعيا عن مظاهر الحكم المطلق والتسلط والتحكم متماهية مع حداثة مزعومة أومترددة ، والتي حاول مهندسو دستور يوليوز 2011 أن يقلصوا من حدتها ويخفف من آثارها ، إلى درجة أن تسويغ التحول يتم بالتكييف دون المساس بجوهر عقيدة الحكم المرتبطة بتمثلات طبيعة النظام الوراثي وما يتسم به من محافظة وتقليدانية . هذه التمثلات التي لا زالت تلقي بظلالها على الإنتقالات المنشودة ؛التزمنا و تغيرنا ولم يتغير النظام رغم تعهده تعاقديا ؛ صحيح أن هناك تميز بين العهود وعدم تماثل بين الأشخاص والمسؤولين ، ولكن صمود العقلية الوثوقية هو الحائل دون حصول إنتقال أمني يغير من العقيدة وعقدة الهيبة ، ومما يقوض أي أمل في التغيير ديمقراطيا . لسنا هنا نروم الدعوة ( النادمة ) إلى التراجع عن سلمية مناهج تدبير الصراع، وإنما نؤكد ضرورة ترسيخ مبادئ دمقرطة الصراع وتكريس شروط تدبيره السلمية ، لأنه ليس في مصلحتنا بتاتا أن تتضخم النزعة الوثوقية /التوحيدية كما يقول نتشيه ، لأن في لب هذه الأخيرة ما يوحي بالعودة إلى تقديس المواقع والوقائع ومما يشرعن لإلغاء النقد والإختلاف والإعتراض ويكرس إستمرار الإحتكار للسلطة وللقوة .
نستعرض هذه المعطيات والحيثيات مؤكدين على أن البنية الدستورية قد تسمح بل تتيح إمكانية الإنفتاح على الديمقراطية التشاركية بالاعتماد على الفعل المدني ببعد سياسي ، أمام تعثر مقتضيات الديمقراطية التمثيلية وفشل العمل الحزبي في تحصين صلاحياته الحصرية في العلاقة مع تدبير السياسات العمومية والتي تحولت بحكم تراخي الأحزاب والفراغ الذي تركته المعارضة وغياب المبادرات والإبداع ، إلى مجال وإختصاص السياسة العامة ، إلى جانب مجال الأمن والسعادة والدين . لذلك نتساءل عن مصير مبادرات ومشروع ” الجبهة المدنية ببعد سياسي ( غير حزبي ) ” ! ؛ لقد تراكمت سياسات الأمر الواقع ، الذي يحاول إستعمال الحق الدستوري في إحتكار تدبير السلطة العمومية في المجالات الحيوية والسيادية المرتبطة بالسياسة العامة للدولة باسم المصلحة العليا للبلاد ، وهو ما يطرح إشكالات مفارقة على مستوى تفعيل مبدأ المسؤولية بالمحاسبة ، فالنظام السياسي مالك لكل شيء ولكن في نفس الوقت لا يساءل عن أي شيء ، فما العمل لكي تعود الأحزاب ومعها المواطنون إلى السياسة ، فليست السياسة سوى ضمان الأمن وحفظ النظام وتدبير الشأن السيادي بحكامة وحكامة ، وبعيدا عن منطق الكليانية والتي تزعم أن لا شيء يفلت من عناية وإحاطة المجال المحفوظ ؛ فليس طموح الوطنيين سوى العمل ، على إتاحة إمكانية مساءلة التنفيذ في إنتظار دمقرطة صناعة القرار وتفويض التدبير وفي ذلك علة الوجود والتعايش ، وفي ذلك تثمين لكل إرادة سياسية حقيقية صادقة تؤسس للمفهوم الجديد للعدالة إنصافا وإعترافا ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube