إقتصادضد التيارمقالات الرأي

مخطط الصين المستقبلي.

مراد العمراني الزكاري الباحث والكاتب الجيوسياسي

سنين من الاعلان عن مبادرة الحزام والطريق وفي سنة 2015. قدمت الصين إلى البنك الدولي وثيقة بعنوان (صنع في الصين: 2025)، كاستراتيجية صناعية وطنية شاملة. بينما تصر الولايات المتحدة على إلتزام الصين بالوثيقة التي تم صياغتها مع البنك الدولي سنة 2013،(الصين – 2030) تحت إشراف المدير السابق لمجموعة كولدمان ساكس (روبرت زوليك) مدير البنك الدولي آنذاك؛ والتي قدمت خلالها الصين رؤيتها الاستراتيجية لمسارت الاقتصاد الصيني عن الفترة من 1978 وحتى2030. وهي وثيقة تلزم بكين بالإصلاحات الهيكلية لاقتصاد السوق الحر.

وثيقة (صنع في الصين: 2025) هي استراتيجية الصين على طريق الحرير لإعادة التصنيع الصيني، أي ثورة صناعية كبرى؛ إلى الانتقال من مرحلة تجميع اقتصاد تكنولوجي لشركات مثل أبل، وجنرال موتورز، لتصبح مكتفية ذاتيًا بتكنولوجيتها الخاصة. ومثال على ذلك شركة هواوي الصينية للهواتف المحمولة التي اصبحت في موطأ قدم شركات عالمية مثل أبل وسامسونج، وكذا تصدير تكنولوجيا تصنيع القطارات فائقة السرعة للعالم كمنافس قوى لنظيره الألماني، وأيضًا نسختها التكنولوجية الخاصة بالطائرات، والمركبات الكهربائية ، والروبوتات ، وتقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الرائدة الأخرى.

وعلى هذا ستتحول الصين من مجرد ورشة عالمية لتجميع المنتجات العالمية للشركات متعددة الجنسيات، إلى دولة رائدة صناعيا. فبدلا من تجميع السيارات الكهربائية لشركة (تسلا موتورز لصناعة السيارات) الأمريكية داخل الصين ثم إعادة تصديرها إلى أمريكا وأوروبا، يمكن أن تطور الصين من هذه الصناعة ويصبح لها سيارة تسلا الصينية.أو أن يكون للصين نسختها المطورة من منتجات شركة سوني الأمريكية، أو تطوير منتجات شركة (أبل) الأمريكية، بحيث يكون لديها نموذج أي فون الصيني، مثل الهاتف الجوال الصيني (هاواوي) الذي احتل المرتبة الأولى للهواتف الأكثر مبيعًا في العالم. لماذا تستورد منصات النفط من الشركات الأمريكية إذا استطاعت الصين أن تصنعها بنفسها؟ لماذا تحتكر شركات النقل البحري في الاتحاد الأوروبي نقل البضائع الصينية إلى سوق الاتحاد الأوروبي، إذا كان يمكن للصين أن تفعل الشيء نفسه في سفنهم الخاصة؟

الوثيقة تنظر إلى نموذج كوريا الجنوبية (1950-1980) والتي انتقلت فيه سيوول على مراحل من الصناعات كثيفة العمالة، وتسلق سلسلة القيمة المضافة، إلى صناعات التكنولوجيا العالية مع التوجيه اللازم للدولة. كما تنظر إلى نموذج الصناعة الألمانية (1871 – صنع في ألمانيا) التي نجحت في التحول من معدلات منخفضة للجودة إلى واحدة من أكثر معايير الجودة العالمية في غضون ثلاثين عاما.

ولأن التصنيع الصيني ضخم ولكنه ليس بالقوي، ولأن قدرات الصين على الابتكار المستقل لا يزال ضعيف ويعتمد على نقل التكنولوجي والتقليد، كما أن المنتج الصيني قليل الجودة بالمقارنة بالمنتجات العالمية. فاستراتيجية الصناعة الصينية عبر هذه الخطة الوطنية تريد التحول من ورشة عالمية لتجميع الصناعات الأجنبية إلى منافس صناعي عالمي؛ بعد أن يتم تعديل هيكل التطوير، ورفع جودة التطوير، أي ثورة في التصنيع مع التطورات، بما في ذلك الطباعة ثلاثية الأبعاد ، والحوسبة السحابية ، والبيانات الضخمة ، والهندسة الحيوية ، والمواد الجديدة ، والتصنيع الذكي ، مثل النباتات القائمة على النظم الفيزيائية السيبرانية. وعلى هذا تشير الوثيقة إلى هذا التحول عبر ثلاثة خطوات:

الخطوة الأولى بحلول سنة 2025. تخطط الصين لتكون “قوة تصنيع كبرى” ، وبعد عشر سنوات من بداية 2025. تكون قد عززت من قوتها التصنيعية، وزيادة رقمنة التصنيع، والتقنيات الرئيسية، وأصبحت قادرة على المنافسة في مجالات عديدة مثل السكك الحديدية عالية السرعة، مع تحسين جودة الإنتاج. على أن تصل استخدام الطاقة ومستويات الملوثات إلى مستويات الدول الصناعية المتقدمة.

وفي سبيل ذلك ستقوم الدولة الوطنية بدعم البحوث ذات الأولوية؛ عبر بناء “تحالفات الابتكار” بين الحكومة، والإنتاج والتعليم والأبحاث والعمليات. وعلاوة على ذلك ، يقومون بإنشاء قواعد أبحاث التكنولوجيا الصناعية للقيام بالبحوث الأساسية والتدريب في مجالات رئيسية مثل (تكنولوجيا الجيل التالي – التصنيع الذكي – التصنيع الإضافي – المواد الجديدة – الطب الحيوي).

بحلول سنة 2020 سيكون هناك (15 قاعدة بحوث تكنولوجية) من هذا القبيل. و بحلول سنة 2025، يكون هناك (40 مركزًا) لتطوير المكونات الرئيسية للتحول الصناعي في جميع أنحاء البلاد. وتصبح مجالات التصنيع الرئيسية رقمية بالكامل. بحيث تنخفض تكاليف تشغيل المشروعات الإرشادية التجريبية بنسبة (50٪). وتنخفض دورة الإنتاج بنسبة (50٪) وتنخفض معدلات المنتجات المعيبة بنسبة (50٪). ويرتبط التحول بأكمله بتطوير طريق الحرير الجديد.

الخطوة الثانية بحلول سنة 2035. تصل الصناعات التحويلية في الصين إلى “مستوى متوسط ​​بين قوى التصنيع العالمية” ، مع قدر كبير من القدرة الإبداعية على الابتكار لتحقيق اختراقات رئيسية و زيادة القدرة التنافسية بشكل كبير.

الخطوة الثالثة بحلول سنة 2049. وهو عام الذكرى المئوية لقيام جمهورية الصين الشعبية وعام الاعلان الرسمي عن انتهاء تشييد طريق الحرير. حيث تتوقع الوثيقة أن تصبح الصين رائدة بين القوى الصناعية في العالم. ويكون لديها القدرة على قيادة الابتكار، وامتلاك مزايا تنافسية في مجالات التصنيع الرئيسية ، وتطوير تكنولوجيا متقدمة وأنظمة صناعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube