
تابعت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان لليوم الخامس على التوالي موجة الاحتجاجات الشبابية السلمية التي شهدتها عدة مدن مغربية، رافعةً مطالب اجتماعية واقتصادية مشروعة تتعلق بالحق في الصحة والتعليم والشغل والكرامة ومحاربة الفساد والغلاء. وانطلاقًا من المرجعية الدستورية (الفصول 21 و22 و29) والتزامات المغرب الدولية (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما المادة 21)، تسجل الرابطة ما يلي:بخصوص المعطيات الرسمية ومبدأ السلمية: تفيد المعطيات التي أعلنتها وزارة الداخلية بتسجيل إصابات وخسائر مادية وتوقيفات خلال بعض التجمعات. وإذ تُدين الرابطة أيّ اعتداء على الأشخاص أو الممتلكات أياً كان مصدره، تؤكد أنّ الأصل هو حماية الحق في التظاهر السلمي وتيسيره، وأن المساءلة الفردية هي القاعدة دون تعميم أو وصم جماعي.بخصوص موقف الرابطة ورفض العنف من الطرفين: تُعبّر الرابطة بوضوح عن رفضها القاطع لكل أشكال العنف أياً كان مصدرها—سواء صدرت عن بعض المحتجين أو عن أي جهة مكلّفة بإنفاذ القانون—وتؤكد أنّ حماية الأرواح والممتلكات والفضاء العام مسؤولية مشتركة كما تشدد على أن استعمال القوة لا يكون إلا كخيارٍ أخير ووفق مبادئ الضرورة والملاءمة والتناسب، مع مساءلة أي تجاوزات.مناشدة للشباب: تناشد الرابطة الشباب التحلي بالحكمة وضبط النفس، وعدم الانجرار وراء دعوات العنف أو التخريب في الميدان أو عبر المنصّات الرقمية، والإبلاغ عن محاولات التحريض والاستفزاز حيث تؤكد الرابطة أن قوّة هذا الحراك في نظافته وسلميّته، وأن أي عنفٍ يُفرغ المطالب من مضمونها ويُضعف التعاطف المجتمعي معها.انتقاد الأداء الحكومي وغياب القيادة القطاعية للشباب: تسجل الرابطة بأسف أنّ بلاغات مكوّنات الأغلبية الحكومية مالت إلى تمجيد المقاربة الأمنية والإجرائية بدل تقديم حلول اجتماعية عاجلة مصحوبة بخارطة طريق زمنية ومؤشرات قياس واضحة كما تبرز الغياب المقلق لوزارة الشباب عن واجهة الإنصات والوساطة والتأطير، رغم أن الموضوع يمسّ الشباب مباشرةً: لا خطة عاجلة، ولا قنوات مؤسسية فعّالة للحوار، ولا حضور ميداني منظّم يطفئ التوتر.مسؤولية المؤسسات الوسيطة—البرلمان والأحزاب والنقابات• تتساءل الرابطة عن غياب البرلمانيين عن المواكبة الميدانية والمؤسساتية (جلسات استماع عاجلة، لجان تقصّي حقائق، مبادرات تشريعية استعجالية)
• تُسجّل الغياب شبه الكلي للأحزاب في تأطير الشباب وفتح قنوات المشاركة والوساطة.
• تُسجّل انكماش دور المركزيات النقابية في الدفاع عن المطالب الاجتماعية للشباب (التشغيل، شروط العمل، الأجور)، وتدعوها لاستعادة دورها التأطيري والمسؤول.إجراءات عاجلة مطلوبة1) وقف فوري للعنف والتفريق القسري
• دعوة السلطات إلى وقف تفريق التجمعات السلمية والامتناع عن أي ممارسات عنيفة أو مهينة لما تخلّفه من ردود فعل أشد حدّة وتفاقم للاحتقان.
• تفعيل التدرّج والتفاوض والوساطة الميدانية قبل أي تدخّل، مع إتاحة مسارات واضحة وآمنة للانسحاب الطوعي.
• دعوة المحتجين بالتوازي إلى رفض أي سلوك عدواني أو مساس بالممتلكات العامة والخاصة.2) إنشاء “خلايا تواصل وإنصات” عاجلة
• خلايا على مستوى العمالات والأقاليم باشراك قطاع الشباب بتنسيق مع القطاعات الاجتماعية والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني المستقل، تعمل حضوريًا ورقميًا (ومنصّات مثل تلغرام وديسكورد) لتلقي المطالب والتظلّمات، وجدولتها وتتبعها، وإصدار تقارير أسبوعية علنية.
• فتح المراكز والنوادي الشبابية بساعات موسّعة لاحتضان حوارات دورية وورشات للتوجيه المهني والدعم النفسي-الاجتماعي.3) حزمة اجتماعية فورية بخارطة طريق ومؤشرات قياس
o إجراءات ملموسة لتخفيف كلفة العلاج والأدوية ودعم الموارد البشرية الصحية في الجهات الهشة.
o تدابير لتقليص كلفة الدراسة والنقل والمنح، وتوسيع برامج الإدماج المهني والتكوين السريع الموجّه للشباب العاطل.
o نشر خارطة طريق زمنية بالتزامات محددة ومؤشرات قابلة للقياس وتحيين دوري للرأي العام.الضمانات القانونية والمواكبة الحقوقية—خصوصًا القاصرين
• نطالب بالإفراج عن كل من تبيَّنت سلميتُهُم واحترام ضمانات المحاكمة العادلة لمن تُسند لهم أفعال مُجرَّمة، مع تمكين الأسر من المعلومة والمواكبة القانونية.
• نؤكد على السماح للجمعيات الحقوقية بالمواكبة والتتبّع داخل مخافر الشرطة والمؤسسات السجنية، خصوصًا في ما يتعلق بالقاصرين، وتمكين المحامين ومنظمات الطفولة من الولوج السريع والتنسيق مع قضاة الأحداث. ختاما تدعو الرابطة الحكومة إلى الانتقال من التهدئة اللفظية إلى الفعل الاجتماعي المؤطّر، كما تدعو البرلمان والأحزاب والنقابات إلى استعادة أدوارها الدستورية في الوساطة والتأطير والمساءلة. وتجدّد مناشدتها للشباب بالتمسّك الصارم بالسلمية وتحـصين الفضاء العام من الاختراقات والتوظيفات التي تُفرغ المطالب من مضمونها.
المملكة المغربية في: 02/10/2025
الرئيس: ادريس السدراوي
