تقاريرسياسةمستجدات

قطع أنبوب الغاز الجزائري يشعل حربا كلامية بين عزيز أخنوش وعبد الإله بنكيران

أحمد رباص – حرة بريس

خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) التي عقدت يوم الاثنين 17 شهر رمضان 1443 هـ الموافق ل18 أبريل 2022 مـ، قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، إن الأزمة الروسية – الأوكرانية ومخلفات فيروس كورونا وتداعيات التقلبات المناخية، كلها دوافع تسلط الضوء على أهمية تسريع المغرب تنفيذ الاستراتيجيات الكبرى المتعلقة بضمان الاكتفاء الطاقي وحماية الأمن الغذائي، وأضاف أن المغرب كسائر دول العالم، يجتاز مرحلة من «اللايقين الاقتصادي»، ومن الصدمات المتتالية وارتفاع الأسعار، مؤكداً التمسك بكل الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي، خصوصاً في شقه الاجتماعي. وهكذا استعرض في الجزء الأكبر من مداخلته جميع الآليات الممكنة والموارد المتوفرة للنهوض بالجانب الاجتماعي الذي تضعضع تحت ضربات الأزمة.
إلى حدود الساعة مرت الأمور بسلام، غير أن سؤالا توجه به النائب بوانو عن حزب العدالة والتنمية إلى رئيس الحكومة حول الأمن الطاقي في بلادنا وازمة التهاب أسعار المحروقات جعل الهدوء في القاعة يتحول إلى جلبة وضجيج إلى درجة اضطر معها أخنوش إلى وصف البرلمان بحلبة للملاكمة، ودفع راشيد الطالبي العلمي، رئيس البرلمان بصفته رئيسا للجلسة، إلى محاولة تهدئة الأجواء بالمناداة على مثيري الشغب بأسمائهم الشخصية، وساعده في ذلك رئيس الحكومة.
بعد لحظة غير قصيرة من حوار الصم، تمكن أخنوش من استئناف الكلام، مشيرا إلى أن بعض المسائل لا تستحق الجواب، منها هذه الأسطوانة التي ظلوا (المقصود بالفاعل المستتر بنكيران وإخوانه) يرددونها خلال 5 أو 7 سنوات، ولكن حقيقة هذه المسألة كشفت عنها نتائج الانتخابات.
هنا ذكر عزيز اخنوش النواب والنائبات بما سبق لهم أن صرحوا به إخوان بنكيران سنة 2012 لجريدة وطنية من أنه لا يمكن إصلاح كل شيء دفعة واحدة. سبحان الله، يستغرب اخنوش، وانتم تتحملون المسؤولية كنتم تطالبون المغاربة بأن يمنحوكم الوقت لأن الإصلاحات لا يمكن إنجازها إلا واحدا بعد الآخر، واليوم عندما أزحتم عن المسؤولية أصبحتم تطالبون الآخرين بالسرعة وبأن ينجزوا في 6 أشهر ما عجزتم عن إنجازه خلال 10 سنوات.
بعد ذلك، قال اخنوش بعظمة لسانه: اسمحوا بأن أقول لكم واحد الحقيقة وهي أن هذا الحزب (يقصد العدالة والتنمية) هو الذي رفع جميع الأسعار، وحرر قطاع المحروقات، مشيرا إلى أنهم خلال فترة حكمهم التي دامت 10 سنوات لم يستطيعوا توفير مخزون استراتيجي من المحروقات. وأضاف أن هذا الحزب الذي يتكلم عن السيادة الطاقية هو نفسه الذي تركنا حتى آخر لحظة ليعلن لنا أن عقد الغاز مع الجزائر انتهى.
في هذا السياق، تساءل أخنوش إن كان ذلك ما تستلزمه المسؤولية، محولا الحديث إلى صيغة النحن ليمكن له التباهي بمواصفات حزبه القوي أمام هبوط مستوى مواصفات الحزب الخصم، حيث ادعى امتلاك جهازه الحكومي لحلول وآليات لمواجهة أزمة غير مسبوقة، ازمة “مستوردة” تعكسها اسعار ليست مرتفعة فحسب، بل ملتهبة، على حد قوله. كيف لا، والبترول وصل إلى أثمنة خيالية، والحرب يمتد أثرها. لكن المواطن المغربي متتبع ولا يحتاج منا إلى مزيد من الشرح، كما لا يحتاج إلى من يأتي ليكذب عليه. هنا يقطر الشمع على بوانو ومن معه.
وفي حديثه عن الموارد المالية المضافة، حددها أخنوش في مبلغ 15 مليار درهم، لكن مبلغ 9 ملايير هو ما يمكن اعتباره إضافيا، لأن 6 ملايير كانت مدمجة ضمن ميزانية قانون مالية 2022، مؤكدا أن هذه الملايير التسعة هي كل الموارد التي ستواجه بها الحكومة الأزمة، ومعترفا في نفس الوقت بأنها سوف تكون من هنا إلى متم السنة الجارية في حاجة إلى 18 مليار درهم. وحمد أخنوش الله على توفر حكومته على 9 ملايير كأموال فائضة وراهن على مداخيل مالية إضافية في أفق نهاية السنة، ممنيا النفس بهبوط الأسعار حتى تتقلص تكلفة الدعم.
مباشرة بعد استماع بنكيران لماقاله اخنوش عن حزب العدالة والتنمية، انبرى أمينه العام في فيديو لايف على فيسبوك للرد عليه في نقطة واحدة وهي تلك المتعلقة باتهام حزبه بالتكتم على خبر قطع الجزائر لإمداد المغرب بالغاز، حيث سأله: “واش كاين شي منطق فالكلام ديالك؟ واش عارف راسك آش كتقول ولا غير كتشير؟”.
لمزيد من التوضيح، قال بنكيران إن العقدة المبرمة بيننا والاشقاء الجزائريين كان مقررا لها أن تنتهي في يوم 31 أكتوبر (من 2021)، وهذا كان في علم المغرب. ثم إن هذا خبر سيادي وأول من يكون على علم به هو الملك، وحتى لو افترضنا أن الخبر إياه وصل لرئيس الحكومة (يقصد العثماني)، فلماذا يخبرك أنت؟ وبأي صفة يخبرك؟ هل بصفتك بائعا للغاز حتى تأخذ ما يلزم من الاحتياطات؟
واستمر بنكيران في كيل الضربات لخصمه، معتبرا ما قاله تحت قبة البرلمان شيئا صعبا، ومفترضا إما أن شخصا أحمق أملى عليه هذا الكلام أو قاله من تلقاء ذاته.

بعد ذلك، أكد بنكيران أن مثل هذا الخبر يدخل ضمن الأمور السيادية للدولة المغربية. واستغرب من تفاجؤ اخنوش بانقطاع الغاز علما أن الاوضاع سارت على ما يرام والأضواء استمرت مشتعلة.
ولتفنيد مزاعم خصمه اللدود، استحضر بنكيران ما صرحت به أخيرا السيدة بنخضرا المنتمية لحزب الحمامة ومديرة لشركة مجهولة الاسم عاملة في قطاع المحروقات، من كون المغرب كان يتوقع الأزمة الحالية ومستعدا لها، ثم إن الموقف الرسمي لبلادنا هو أن هذا التغيير الذي طرأ على قرار إخواننا الجزائريين لن يكون له سوى تأثير ضعيف، يقول بنكيران، مشيرا إلى أن أخنوش جعل من الحبة قبة ومتسائلا عن الداعي إلى تقديم هذه الفرصة لخصوم العدالة والتنمية.
قال أخنوش كل ذلك، يتابع بنكيران، لأجل شيء واحد وهو تصفية حسابه مع حزبه الذي فاز بالمرتبة الأولى منذ فترة والآن أنزلتموه إلى الرتبة الثامنة بمجموعة نيابية بلغ عدد أفرادها 13 نائبا فقط، ومع ذلك ما زالت فرائصكم ترتعد خوفا من العدالة والتنمية.
وأضاف بنكيران قائلا: “انا جاني هاد الشي صعيب، بكل صراحة. انا لا أتفق مع الناس اللي كيقولوا ليك ارحل، ولكن إذا استمريت بهذه الطريقة، كتشير وتقول اللي قالها ليك راسك، ولا تقول شي حاجة قالها ليك شي واحد من ديوانك، را الأمور ما شي سهلة وما شي مقبولة. كنت قبل منك رئيس حكومة فالمغرب وأعرف أشنو اللي مقبول وأشنو اللي ما شي مقبول، وبالمناسبة خصوصا في السياسة الخارجية، لأن هاداك (الخبر) داخل في السياسة الخارجية، وهو قرار سيادي”.
واصل بنكيران حديثه بالقول إن الملك تتبع الموضوع وعرف أن كل شيء على ما يرام، وعرف أن الغاز متوفر بغض النظر عن ما اتخذته الجزائر من قرار. وفي علاقة بنفس الموضوع ذكر المتحدث بأن اخاه الوزير السابق عمارة قام عام 2014 بمجهوده لكي يكون مخزون الغاز كافيا، وفي هذا الإطار دشن الملك ميناء آسفي ووضع الحجر الأساس لإنشاء تجهيزات أساسية خاصة بتخزين الغاز، غير أن إنجاز هذا المشروع يتطلب الوقت بطبيعة الحال.
وفي الأخير، أوضح بنكيران لأخنوش انه كان يتغاضى عن كلامه لو لم يقله في البرلمان وسمعه الجميع، مذكرا بانه لم يعد له وجود في البرلمان ولا تأتي عنده الصحافة الوطنية نهائيا، مع أنها تستدعي سائر رؤساء الأحزاب في كل المناسبات، “إلا عبد الإله بنكيران، دايرين عليه كروا”.
وفي غياب فرص الظهور في وسائل الإعلام، اكتفى زعيم البيجيدي بأن يتكلم مع الشعب المغربي عبر الفيسبوك، ليقول إنه من الناس الذين ينادون بإعطاء الفرصة للحكومة الجديدة لتعمل وبعد ذلك نرى ما أنجزت، اما الآن فلا..قال بنكيران ذلك وهو ينبه أخنوش إلى ان الخصوم “نايضين ليك”، داعيا إياه إلى أن يقرأ ما يكتبونه عنه، وهو شيء مؤلم جدآ، وناصحا إياه بأن يلملم أطرافه حتى يحسن أداءه، فاخنوش في نظره رئيس حكومة مبتدئ: ” ما كاين باس، انت عاد جيتي راك كتدرب”..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube