مستجداتمقالات الرأي

تقييم مكامن الخلل المالي للرفع من المنسوب الاقتصادي


بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

يجمع المحللون في النظام المالي بمملكتنا الشريفة أن استقرار الأسعار يسيّر بطريقة سلسة وفق السياسة النقدية المتبعة من طرف الجهاز الوصي و أن المشاكل البنكية التي تعترض 39% من المقاولات الصغرى والمتوسطة من فسيفساء النسيج الاقتصادي لم تستفد من القروض البنكية في إطار برنامج “انطلاقة” بسبب عدم جودة المشاريع المقترحة.
فالنسيج الإنتاجي الوطني مقرون بحجم الاستثمارات، حيث أشارت نتائج بحث الاستثمار من طرف البنك الدولي لسنة 2020 أنه تم تمويل الاستثمار بمغربنا الحبيب بنسبة 8 في المائة عن طريق الاقتراضات البنكية و أن القروض البنكية تظل المصدر الرئيسي للتمويل غير الذاتي بنسبة 96.6 في المائة، وهو ما يعني تواضع مستوى اللجوء إلى الرساميل. في حين، نجد أن نسبة القروض البنكية الممنوحة للمقاولات وصلت إلى نسبة 51 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى مقارنة بالاقتصاديات المشابهة مثل بولونيا وجنوب إفريقيا والأرجنتين.
اما المعيقات الرئيسية لتطور المقاولات بالمغرب، فنجد على سبيل المثال لا الحصر:

  • أجل الأداءات،
  • القوانين المنظمة لطلبات العروض التي لازالت معقدة جدا بالنسبة لعدد من المقاولات،
  • إضافة إلى معيقات انتشار الرشوة والفساد.
  • كما أن نسب الضريبة مقارنة بالعديد من الدول، حيث يصل مستوى الضرائب المتعلقة بالدخل على الأرباح إلى 32.9 في المائة، وهو مستوى عال مقارنة مع دول مثل الأردن التي تحدد نسبة الضريبة على الأرباح في 13.2 في المائة، وبولونيا بنسبة 13.3 في المائة، وتشيك بنسبة 16 في المائة، وتركيا بنسبة 18.5 في المائة.
    وللصمود ضد هذه المعيقات، أصبح من الضروري أن يقوم بنكنا المركزي” بنك المغرب” بدعم وتطوير القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار، وخلق الثروة وفرص الشغل في ظل المرحلة الصعبة المطبوعة بتداعيات جائحة كورونا، آثار الجفاف ومخلفاته على النمو و كذا الحرب الروسية الأوكرانية. كما أن التراجع الملحوظ في رؤوس الأموال و تباطؤ حجم النمو الاقتصادي يدعو إلى إعادة النظر في السياسات المتبعة التي أثبتت التجربة عجزها عن تحسين مستوى الاستثمار والرفع من معدلات النمو بهدف تحسين مناخ الأعمال و أصبح من الضروري مطالبة بنك المغرب بإدخال إصلاحات تهدف إلى دعم تمويل المقاولة ومواكبتها والحد من التعامل السلبي للمؤسسات البنكية مع مختلف البرامج التي تطلقها الحكومة لتشجيع الاستثمار وإنعاش الحياة الاقتصادية وتعزيز الرأسمال البشري من خلال الانخراط في النسيج الاقتصادي عبر خلق المقاولات.
    وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن توضيح الإجراءات المتخذة لضمان تمويل برنامج “فرصة” وكيفية تفعيل توجهات النموذج التنموي الجديد المتعلقة بالتحول الاقتصادي وتأمين المبادرة الخاصة وتحرير الطاقات المنتجة للمشاريع من شأنها إيجاد مخارج للركود الاقتصادي الوطني والنهوض بطاقات متجددة قادرة على امتصاص انهياره.
    لقد بات مفروضا على السلطات الوصية على نظامنا المالي طمأنة الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين بالمغرب بخصوص تعافي الاستثمار والفرص المتاحة لعودة مناخ الأعمال إلى ديناميته السابقة قبل جائحة كوفيد و استمرار ورش إصلاح المؤسسات والحكامة من أجل تطوير الاستثمارات، وتشجيع المقاولات الصغرى والصغرى جدا والمتوسطة، فمن يا ترى المؤهل للقيام بهذه المهمة، أهو بنك المغرب؟ أم الاتحاد العام للمقاولات المغربية؟ أم المجموعة المهنية لابناك المغرب؟ أم…؟ أم أننا سنبقى حيارى، تائهين، حبيسي استشارات تفوح توجهاتها من الخارج كالبنك الدولي وآخرين…
    نبقى طامعين في تواصل بنكنا المركزي، بنك المغرب، مع مختلف الهيئات الوطنية منها الرسمية والمجتمع المدني في انتظار ما ستجود به علينا الأيام في مقبلها.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube