مجتمعمستجدات

رمضان 1443ه، كورونا، حرب أوكرانيا و غلاء الأسعار

بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

لا أحد ينكر الضغط الهائل الذي نعيشه هذه الأيام. فباقتراب رمضان الأغر لعام 1443 هجرية و القلق الذي يلازمنا جراء كورونا نلاحظ الغلاء المهول في أسعار المواد الغذائية الأساسية و بعض المنتجات الزراعية كما يشكل تفاقم الصراع العسكري في أوكرانيا تهديدا للأمن الغذائي العالمي.
لقد لاحظنا الارتفاع الجنوني لأسعار زيت الطبخ و بعض الحبوب بعد تفجر الأزمة الأوكرانية، فأين حكومة السي اخنوش من هذا؟
في مجلتها الشهرية لشهر فبراير 2022، نشرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) (FAO) مؤشر أسعار الغذاء الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق ويعزى هذا الوضع إلى الاضطرابات التي طالت الأسواق الزراعية خلال السنوات الثلاث الماضية، وعلى وجه التحديد البذور الزيتية والحبوب بما في ذلك الأرز. ولم يكن لجائحة كورونا تأثير كبير على الطلب كما هو الحال الآن بالنسبة للسلع والخدمات الصناعية.
إن الحرب الروسية- الأوكرانية لم تتسبب في انقطاع إمدادات الغاز والنفط الروسية فحسب، بل وإنما قطع جميع شحنات الحبوب الأوكرانية التي يمر 95% منها عبر موانئ البحر الأسود، وينطبق الأمر ذاته على الشحنات الروسية من بحر آزوف. وقد كان لهذا الانقطاع في خطوط الإمداد تأثير مباشر على توازن السوق العالمية لـ 3 منتجات: القمح والذرة وعباد الشمس.
و يعتبر القمح أكثر أنواع الحبوب تداولا في العالم، وتستأثر كل من روسيا وأوكرانيا بما لا يقل عن 15% من الإنتاج العالمي وحوالي 30% من صادرات هذا المحصول الحيوي.
قبل اندلاع الحرب، بلغت كمية القمح الموجهة للتصدير في أوكرانيا -التي حصدت محصولا قياسيا عام 2021- حوالي 6 ملايين طن مقابل ما يقارب 8 ملايين بالنسبة لروسيا فكانت الصادرات موجهة بشكل أساسي إلى دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط المصنفة ضمن المشترين الرئيسيين.
و بفعل الحرب، إذا ما تأثرت خطوط إمداد هذه المنتجات بسبب العقوبات الغربية، فإن الأسعار سترتفع ومن شأن ذلك أن يؤثر على منتجي الحبوب كما سيعاني مربو الماشية من زيادة ثقيلة في تكلفة الإنتاج تشمل الحبوب والأعلاف والأسمدة والوقود.
و إذا ما انتهى الصراع بانتصار روسيا، فإن الكرملين سيستحوذ على ثلث سوق القمح العالمي وحوالي 20% من سوق الذرة و75% من السوق العالمي لعباد الشمس وأكثر من نصف سوق الأسمدة النيتروجينية والبوتاس و هو بذلك سيصير يمتلك سلاحا غذائيا هائلا. دون أن ننسى أن روسيا تعد ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم بعد السعودية، حيث تشكل 12٪ من الإمدادات العالمية، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. كما أنها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم وأكبر منتج للأسمدة. 
لقد أثارت الزيادة الحادة في سعر زيت عباد الشمس حالة من الذعر ووصل ثمن 5 لترات إلى 95 درهما و شعر المواطن بالغضب و بات يشكو الله لبؤس معيشته.
إن الضغوط التي تسببها الحروب تتجاوز حدود البلاد التي تحدث على أرضها، ولا تكون هذه التأثيرات فقط على الصعيد الاقتصادي، إنما أيضاً على الصعيدين النفسي والاجتماعي، فهناك حالة من الفزع من الارتفاع المفاجئ في الأسعار، الذي أصبح المواطن العادي يربطه بالحرب الروسية – الأوكرانية، علاوة على تزامن ذلك كله مع اقتراب شهر رمضان الكريم المعروف بطقوسه الشرائية الخاصة.
و في مقابل كل هذا، تبقى حكومتنا غائبة على الأقل في تواصلها مع الشعب لتوضيح رؤيتها في تسيير المرحلة ويبقى الوضع على ما هو عليه الى ان نعرف ما تخبؤه لنا الأقدار. “رجانا فالله وفي ملكنا اما السي اخنوش ورباعتو باركا عليهم ما حاسين بوالو”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube