ثقافة وفنونمستجدات

مقالات “عين العقل” لمحمد الأشعري تصدر مجددا مجموعة في كتاب

أحمد رباص – حرة بريس

من منا، نحن معشر المخضرمين، من لم يقرأ على الصفحة الأولى من جريدة “الاتحاد الاشتراكي” العمود اليومي لمحمد الأشعري بعنوان “عين العقل”؟
وها هي مقالات “عين العقل”، التي كتبت بين دجنبر 1990 وفبراير 1998، قد جمعها خالد الأشعري، شقيق وزير الثقافة في حكومة المجاهد عبد الرحمن اليوسفي، في كتاب صدرت طبعته الأولى سنة 2021 عن مطبعة “البيضاوي”.
في التقديم الذي خصصه الكاتب لمؤلفه الجديد حديث عن الفترة التي توالى فيها نشر مقالات عين “العقل” على الصفحة الأولى من الجريدة لسان حال الشهيد عمر بنجلون. ففي السطور الأولى من هذا التقديم، يخبرنا الكاتب بأنه تردد كثيرا قبل أن يقدم على نشر هذه المقالات مجموعة في كتاب، بدعوى أنها نتيجة “كتابة آنية، ملتصقة بلحظتها وسياقها. وهي بذلك منذورة مثل الصحيفة التي تحمل (العمود)، للاستهلاك اليومي، بما يعنيه ذلك من (أثر عابر) وتأويل للأحداث ولدلالاتها المتشابكة”.
لكن ما لبث الأخ الأشعري أن غير رأيه لسببين أساسيين. اولها يعود لكون أصدقائه اعتبروا أن نشرها في كتاب يكتسي “أهمية توثيقية لمرحلة من أهم المراحل السياسية في المغرب المستقل”. وتلك “فترة عرفت على المستوى الوطني نضالات اجتماعية كبيرة، وكثافة في العمل السياسي خصوصا على يد الكتلة الديمقراطية، ومحاولات عسيرة على الإصلاح السياسي والحقوقي، ومحاولة أولى للتناوب، ثم محاولة ثانية، وكل ما ظهر بين فشل الأولى ونجاح الثانية من تأرجح بين التشدد والانفتاح، بين إرادة التغيير وإرادة كبح جماحه”.
وعلى المستوى العربي، يتابع مؤلف رواية “جنوب الروح”، عرفت نفس المرحلة “تطورات مثيرة، منها ما له علاقة بالقضية الفلسطينية أو بالحرب على العراق أو بانفجار اللغم الإسلامي في الجزائر”، في إشارة واضحة إلى العشرية السوداء.
ولم ينس الكاتب في هذا المقام لفت انتباه القارئ إلى ما تميزت به هذه الفترة من “ترسيخ القطبية الأحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما استتبع ذلك من تفكيك وإعادة تركيب”.
لهذا كله، قد يفيد “جمع مقالات اختصت برصد هذه الأحداث، وبمحاولة فهمها وتأويلها بالنقد والسخرية والتساؤل” في تحقيق قراءة أخرى “تنظر إلى المرحلة ككل، وليس يوما بيوم”، وتلك قراءة تسمح بها التحولات اللاحقة، وكذا الثلاثون سنة الفاصلة عن اللحظة التي ظهر فيها الكتاب موضوع هذا المقال.
أما السبب الثاني فيعود إلى إدراك الكاتب بأن هذه المقالات ذات علاقة ببيت الكتابة الذي يقيم فيه منذ أمد بعيد. إنها تحمل كل شغفه باللغة التي كتب بها، شعرا ونثرا. هي تحمل ملامحه، في الحياة والكلمات التي نسجها، لهذا لا يقع هذا الكتاب، بالنسبة له على الأقل، على هامش المتن الذي كتبه، بل في جوهره.
يواصل مؤلف رواية “القوس والفراشة” حديثه عن كتابه الجديد بالاعتراف بأنه لم يتعرض لمضايقات كبيرة بسبب التزامه بنشر اعمدة “عين العقل”، مع أن المرحلة إياها لم تخل من “اعتداءات خطيرة على الحريات وحقوق الإنسان ومحاكمات سياسية، ومحاكمات رأي”؛ الشيء الذي تصادى مع مضامين المقالات.
وفي تأويله لتلك الحرية المنجرفة مع الأيام الخوالي، قال الكاتب إنها كانت “مقدارا محسوبا للإبقاء على نوع من التوازن بين القبضة الحديدية واليد الممدودة، في لحظة كانت مؤشراتها تدل على أن العهد يحضر نفسه للنهاية الوشيكة”.
وعن سؤال هل يمكن قراءة “عين العقل” اليوم، ولماذا؟ أجاب الكاتب الشاعر بأنه “من الجائز أن يقرأ هذا العمل كنموذج من كلاسيكيات الكتابة الصحفية في بلادنا، أيام كانت الحياة السياسية تعيش مخاضا عسيرا لمحاولة فتح صفحة جديدة في تاريخ المغرب المستقل، وأيام كانت الصحافة الحزبية تشغل حيزا واسعا من المهنة، وأيام كانت البلاد بدون إنترنيت ولا هواتف ذكية ولا شبكات تواصل اجتماعي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube