سياسةضد التيارمستجداتمقالات الرأي

المغرب: مشروع قانون لحماية الفساد

ذ. المصطفى القادري، لندن

المغرب: مشروع قانون لحماية الفساد.

في حين تتجه كل الدول المحترمة إلى تعميم سياسات المراقبة وحماية المال العام عن طريق إعتماد مزيد من اليات المراقبة و تمكين كل المتدخلين سواء تعلق الأمر بمؤسسات أومواطنين للإطلاع على المشاريع المنجزة و اللتكلفات المرتبطة بها بالإضافة إلى افتحاص موارد صرف أموال دافعي الضرائب للتأكد من إحترام المقتضيات القانونية أو حتى ذات الجانب الأخلاقي على إعتبار أنه من غير المقبول تخصيص المال العام لمشاريع تطالها تجوزات أخلاقية حتى و إن غلفت بغلاف القانونية.

ناهيك عن سن القوانين التي تجرم الفساد و تتابع قضائيا المضطلعين بممارسات السطو على مال الشعب بدون موجب قانوني، بل قوانين تجرم مقاربة ”عفا الله عما سلف” كما فعلت دولة إسبانيا من خلال إقرار قانون يمنع الفاسدين من الإفلات من طائلة القانون و المحاسبة في قضايا الفساد المرتبطة بالمال العام.

مشروع القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمة الدولة في إطار هيكلة جذرية للمقاولات و المؤسسات العمومية تحت إسم مجهول وبإدراج بنود تحول أزيد من 64 مؤسسة عمومية بالإضافة إلى فروعها إلى صناديق سوداء يمنع على أي كان إفتحاصها و تدقيق حساباتها ومواردها و طرق تصريف إمكانياتها، من بين هاته المؤسسات التي تدخل ضمن نطاق الوكالة المجهول وفقا لما نشره موقع العمق، نجد مجموعة الخطوط الملكية المغربية، و مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط، و مجموعة بريد المغرب، و المكتب الوطني للسكك الحديدية، و مجموعة العمران، و مجموعة إتصالات المغرب و شركة الطرق السيارة المغرب و اللائحة طويلة من مؤسسات سوف توضع خارج طائلة القانون باسم القانون في تركيز للسلطة المالية تحت يد إطار مجهول و غير قابل للمحاسبة بل و يمنع مراقبته و لا نستغرب أن يتم تجريم الإفتحاص و المراقبة في سابقة قانونية فريدة تؤسس لحماية الفساد بقوة القانون.

خبر مشروع القانون يأتي ليؤكد مجددا أن دولة التعليمات تتفنن في خلق إطار هلامي يتصرف في أموال الدولة، هذه الأخيرة تبقى المالك المباشر للرساميل التي يتم ضخها في هاته الوكالة البوندية (جيمس بوند)، لكن دون قدرة الدولة على فرض أية رقابة مالية بحسب المادة العاشرة من المشروع، هذا بالإضافة إلى خلق مجموعة من المناصب الريعية التي ستشكل مجلسا للإدارة للوكالة المرتقبة وما سوف يكلف ذلك من عبء إضافي على مالية الدولة.

محاربة الفساد المالي الذي ينخر جسم الدولة المغربية و الذي يجعلها تحتل مراتب مشينة على المستوى الترتيب الدولي المعتمد، يمر عبر تحصين المؤسسات عن طريق فرض المزيد من اليات المراقبة و فرض إجبارية الشفافية المؤسساتية من خلال نشرها كل المعطيات العمومية بهدف تمكين مراقبة مسؤولة و إعادة ثقة المواطن في الدولة، و ليس عن طريق وضع مقاولات و مؤسسات الدولة خارج القانون مما يفتح المجال أمام الفاسدين للإستفادة من الوضع و الإستمرار في نهب مالية الدولة بإطمئنان تام لعدم وجود أي نوع من المراقبة أو إفتحاص و بالتالي الإفلات من العقاب و ترسيب مقولة ” عفا الله عما سلف” لتصبح القاعدة المعمول بها.

الأحزاب السياسية الوطنية إن بقي منها شئ يذكر و القوى الحية للمجتمع المدني مطالبة بالتصدي لمشروع القانون الجديد الذي يضيف صناديقا سوداء إلى الهيكلة المالية و يفتح المجال إلى تقنين اللاقانون وتجريم المراقبة و المحاسبة، هذا بالإضافة إلى إستحواذ الدولة العميقة على المقدرات المالية للشعب و إحتكار المعطيات و المعلومات التي من شأنها أن تمكن أطر و كفاءات الأحزاب من تكوين رأي حول إقتصاد البلد و السياسات التي يجب نهجها و اضعا إياهم تحت رحمة الدولة التي سوف تقدم لهم التعليمات بدل أن تكون الفضاء المفترض لتصريف برامج حزبية ولكم واسع النظر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube