إقتصادمستجدات

الفاعلون السياحيون المغاربة يطالبون بإعادة فتح الحدود

أحمد رباص – حرة بريس

كلما مر الوقت كلما أصبحت التنبيهات التي يطلقها مهنيو السياحة مسموعة بنسبة أقل بسبب تأثير التعب، وكلما ازدادت صعوبة تعافي القطاع. عندما يتم وضع نشاط تجاري في وضع سكون، فإنه لا يتم إعادة تشغيله بلمسة إصبع. وكلما اغلقت أبوابه كلما زاد الأمرأسوءأ، وكلما ارتفعت الفاتورة التي يؤديها الاقتصاد الوطني.
في هذا المقال محاولة وصف واقع صعب، من خلال سيل من المعلومات التي تدل على أن السياحة والصناعة التقليدية والنقل هي القطاعات التي دفعت الثمن الأكبر بسبب الوباء.
في عام 2020، أدى فرض حظر تجول وطني خلال موسم العطل إلى ثني الغالبية العظمى من السياح الأجانب عن اختيار المغرب. في عام 2021، منعهم قرار إغلاق الحدود الدولية في بداية شهر ديسمبر وحتى نهاية الشهر الماضي من القيام بذلك. عاشت المهنة أسوأ أيامها تحت تأثير التقييد المروري الساري على الأقل حتى 31 يناير الحالي، والذي لم يفسد موسم الشتاء فحسب بل أثر أيضا وقبل كل شيء على المواسم السياحية المقبلة، مع تأجيل آخر للعودة إلى النشاط الطبيعي.
في هذا السياق المأزوم، لوحظ بطء غير مبرر في رد فعل السلطات. وإذا كان من السابق لأوانه إجراء تقييم للنشاط السياحي خلال موسم الذروة العائدة إلى احتفالات نهاية السنة الميلادية، يؤكد احد الحرفيين الكبار أن هذا التقييم لن يغير شيئا، لأن الفاعلين السياحيين وهم يواجهون الإغلاقات الجارية، مهددون بالإفلاس.
“من المؤكد أن الوزيرة ملتزمة باحترام التوصيات العشر الأخيرة للمكتب الوطني للسياحة مثل وقف إجراءات الإغلاق. لكن الحقيقة تبقى أننا لا نرى أي شيء يدخل إلى حيز التنفيذ”، يقول أحد الفاعلين.
“لا يزال رجال الأعمال، الذين رهنوا منازلهم لضخ السيولة في أرصدتهم، يتلقون تذكيرات من مانحي الديون، علما بأن هذه الاعتمادات قد استخدمت لأداء أجور مئات الآلاف من المستخدمين ، فمن الوهم، بل من غير اللائق، إعداد الميزانية العمومية للعام الجديد التي لن تغير شيئا على الإطلاق في وضعهم المالي”، يتابع بحسرة نفس المتحدث المالك لفندق.

وأردف قائلا: “كما نعلم، الحاجة الملحة هي الحفاظ على أكبر عدد ممكن من الوظائف من خلال تمديد دفع تعويضات الضندوق الوطني للضمان الاجتماعي من سبتمبر إلى ديسمبر. لكن في هذه الحالة، لا تفهم المهنة سبب استغراق الدولة كل هذا الوقت لتطبيق الإجراءات التي تم تضمينها بالفعل في عقد البرنامج الموقع في غشت 2020؟″
بعيدا عن التشكيك في حسن نية الحكومة “التي تظن أنها تقوم بعملها على أحسن ما يرام”، حتى لو كان ذلك على حساب بقاء السياحة، يعتقد المتحدث أنه من الصعب الوثوق بالفريق الجديد الذي تولى جزء منه المهام خلال سنة 2020.
في ما يتعلق بالانتعاش المحتمل في عام 2022، يعتقد صاحب الفندق أن كل شيء سيعتمد على القرارات الصادرة عن السلطات المشرفة على القطاع السياحي، لكن “فصل الشتاء مات فعلا ودُفن”. و”رغم ظهور متحور جديد، إلا أن الطلب الدولي على السفر متوفر كفاية، والحركة الجوية الدولية مستمرة في الارتفاع مقارنة بالعام الماضي. لكن للأسف، من الجانب المغربي، لم تتخذ الإجراءات المطلوبة لإعادة تشغيل الآلة”، يستطرد نفس المتحدث.
يذكر هذا الفاعل السياحي السنغال كمثال ليقول إن هذا البلد لم يقم بتطعيم سكانه على نطاق واسع، وأبقى على حدوده الدولية مفتوحة دون عواقب صحية خطيرة.
وضمن ذات السياق، يصر المتحدث على أن الأولوية الحقيقية هي معرفة متى سيتم تنفيذ هذه السياسة العامة لدعم القطاع، مشيراً بالبنان إلى مشكلة حقيقية في تنفيذ الإجراءات التي حظيت مع ذلك بدعم رسمي من الوزارة الوصية.
والأفضل من ذلك، يدعو الفاعل السيحي إلى إعادة فتح الحدود بسرعة كبيرة للسماح لممثلي القطاع بالعمل، على غرار منافسيهم الذين يستغلون غياب المغرب عن خريطة العالم للوجهات السياحية.
اليوم، أبقت 80 ٪ من دول العالم حدودها مفتوحة، مطالبة الزوار بإلإدلاء بشهادات التلقيح الدالة على أنهم تلقوا الجرعة الثانية أو أوالثالثة. “من خلال الإبقاء على حدوده مغلقة، يؤجل المغرب لعدة سنوات الاستئناف الكامل لنشاطنا”. هذا ما قاله صاحب الفندق وهو يعرب عن أسفه.
هكذا تتراجع يوما بعد يوم احتمالية العودة إلى مستوى النشاط كما كان في السنة المرجعية 2019، مع إضافة مآس لمن فقدوا كل ممتلكاتهم.
واضاف محذرا: “قد تميل مجموعات دولية كبيرة إلى مغادرة المغرب لتقيم في وجهات أخرى، ما سيجعلها تخسر أموالاً أقل في استثماراتها”.
هناك مشكل آخر لا يقل إثارة للقلق ويتعلق بالهجرة المحتملة لكبار الأطر في مجال السياحة، الذين احتاجوا إلى تكوين مطول ليكونوا قادرين على تطوير قطاع الفنادق الفاخرة، مثلا.
وعبر صاحب الفندق عن قلقه قائلا: “مع العلم أن القطاع ينتعش في كل مكان، فإن الكثير من هذه الكفاءات التي يتزايد الطلب عليها تترك مناصبها في المغرب من أجل حياة أفضل بين المنافسين”.
لتقديم مثالً ملموس ومقنع، أشار المتحدث أن العديد من الموظفين رفيعي المستوى في الفنادق الفخمة الكبيرة في مراكش، والذين لم يتلقوا رواتبهم من قبل أرباب العمل، تم استقطابهم من قبل مجموعات دولية كبيرة للعمل في وجهات سياحية مثل دبي.”
يوضح نفس المصدر أن هذه الظاهرة المتنامية تتعلق بكل من المناصب الإدارية وكبار الطهاة. ووفقا له، لن ترضى هذه الفئة من المستخدمين بكل تأكيد بالعيش على مساعدة عمومية تبلغ 2000 درهم، وبالتالي، لن تتأخر عن الاستسلام قريبا لنداءات المشغلين في الخارج.
وفي نظره، الدول التي أعادت فتح حدودها في وقت سابق، سواءا أكانت من الشرق الأوسط أومن أمريكا الشمالية أو من أوروبا، تقترب بالفعل من تحقيق نفس أرقام الوافدين المسجلة قبل ظهور الأزمة الصحية.
علاوة على ذلك، فقد استعاد معظمها بالفعل 80 ٪ من المستوى المرجعي لأرقام أعمالهم.
ويرى في ذلك تحديا سيكون من الصعوبة بمكان تحقيقه بسرعة بالنسبة للمغرب، خاصة عندما نعلم أنه يجب أن يبدأ بالكاد من 2 مليون سائح حاليا للعودة تدريجيا إلى الرقم المسجل في عام 2019 وهو 13 مليون.
يذكر أخيرا على سبيل المثال مصر وتركيا اللتين وضعتا أول بروتوكولات دخول صحي لاستقبال الأجانب، فبإمكانهما أن تقفا على أقدامهما في عام 2023، في حين أن بلادنا، التي تستمر في إغلاق حدودها، ستعود فقط إلى مستواها المسجل عام 2019 خلال عام 2024 إذا أعادت فتحها في أوائل عام 2022، أو حتى عام 2025 إذا تأخرت، يخمن المتحدث، الذي يقدر أنه بين قرار إعادة الفتح والعودة إلى الحياة الطبيعية، يستغرق الأمر من سنتين إلى ثلاث سنوات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube