حزبيات مغربيةمستجدات

مفاخر “العشرية السوداء”

محمد بوبكري/ مرشح الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

حسنا فعلت مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد في اختيارها نقاش موضوع مستقبل الاتحاد تخليدا للذكرى الثلاثين لرحيل عبد الرحيم بوعبيد. حسنا فعلت لأن هذا النقاش هو ما يخيف زعيم الاتحاد الحالي، ولأن نقاش المستقبل ينطلق من الحاضر، ومن تشخيص الأعطاب، ووضع اليد على الخلل.
واعتقد أن مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد قد سحبت البساط من تحت قدمي الزعيم، الذي كان ينوي تخليد ذكرى رحيل هرم الاتحاديين للمتاجرة بها، قُبيل المؤتمر الوطني الحادي عشر، ولم لا يضيفها لرصيد مفاخره بين مواليه وأتباعه.
حسنا فعلت المؤسسة عندما أبعدت رمز عبد الرحيم بوعبيد عن “سمسرات” الزعيم التي تعود عليها طيلة عشرية كاملة، وحسنا فعلت المؤسسة عندما وجهت دعوة عامة لتخليد هذه الذكرى مساوية في ذلك بين كل المغاربة، لتحرم زعيم العرعار من خداع الاتحاديين بأنه كان وراء تخليد ذكرى رحيل الزعيم الكبير، الذي وصفه يوما ما “بقليل الكفاءة والحنكة، وبمن ساعده حظه في أن يكون ما كان، مؤكدا أن شرعيته تفوق شرعية الراحل بكثير”
لقد دأب زعيم الاتحاد الاشتراكي على التفاخر “بـإنجازات” يعتبرها مع مواليه إنجازات لكن الواقع يظهرها إخفاقات.
يفاخر الزعيم في الحديث عن حصيلة عشريته السوداء بأنه ضاعف عدد المقاعد التي حصل عليها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال الانتخابات الماضية، وطبعا هناك حاجة ملحة لتذكير الزعيم بأنه تسلم الحزب والاتحاديون ممثلون بأكثر من أربعين نائبا برلمانيا كانوا أبناء أصلاء للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبأن صورة الحزب اهتزت في الولاية السابقة وبشق الأنفس تمكن الاتحاد من تشكيل فريق بمجلس النواب.
ولعلي لست في حاجة لتذكير الزعيم أن الأصل في المقاعد التي حصل عليها الاتحاد ويفاخر زعيم الاتحاديين بأنه كان مهندسها، هو أمرين لا ثالث لها الأول أن الحزب استفاد مما قدمته القوانين الانتخابية من اعتماد قاسم انتخابي جديد يلغي العتبة، ويعتمد عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية عوضا الأصوات الصحيحة، وكذا اعتماد لائحة جهوية للنساء، الأمر الثاني هو لجوء الزعيم لاستقدام أعيان انتخابات، إن لم أقل شيئا آخر.
في التفاخر بالنتائج على الزعيم أن يدلي بما يُفيد أن النتائج المحصل عليها كان من نتاج حركية ونشاط فروع الحزب في الجهات والأقاليم، لكن الواقع يبدي أن معظم هذه الفروع مشلولة ومفككة ولا تكاد تذكر إلا في لحظات الانتخابات، وهذا الواقع لم يكن من مسؤول عنه سوى سياسات الزعيم التي حولت الاتحاد الاشتراكي من امتداد سياسي ونضالي عتيد، لحزب يُدار داخل مركز العرعار وتتخذ فيه القرارات بمزاجية الزعيم، وبرضاه وغضبه، وتتكلف مليشياته بشن المعارك اللازمة لتصفية كل معارض.
الواقع أن السؤال الذي يجب طرحه الآن وبعيدا عن الغوغائية الفارغة والتبجح المفرط، هو المحصلة التي خرج منها الاتحاد بعد الانتخابات؟ تقريبا هي الحصول على فريق من 34 برلمانيا وبقي الاتحاد خاوي الوفاض في الجهات والمدن الكبرى والجماعات المحلية، وهذا مرجعه الأساس أن الحزب أصبح دون امتداد في الجهات والأقاليم وأصبح حزبا أبكما لا روح ولا حياة فيه، وتحول كلية نحو وكالة انتخابات يستقدم فيها أعيان الانتخابات في كل موسم. فبما يفاخر زعيم الاتحاد؟
أتقاسم وجهة النظر التي التي تعتبر أن ما حصل عليه الاتحاد الاشتراكي من مقاعد في الانتخابات الماضية لا يمكن أن يشكل منتهى طموح الاتحاديين من قيادة وقواعد، وأرجع الأمر للهدايا التي قدمتها القوانين الانتخابية للأحزاب الكسولة، لا لدينامية هذه الأحزاب عبر المجالات الترابية.
ولا بد من الهمس في أذن زعيم الاتحاد، ولما لا الصراخ في وجهه وإخباره بحقيقة مفادها أن النتائج التي حصل عليها حزب الاستقلال، الذي كانت نتائجه قريبة من الاتحاد، هي اليوم تضاعف ما حصل عليه الاتحاد الاشتراكي وهذا يسجل لأول مرة في التاريخ، فبأي مفخرة يتحدث الزعيم؟
المفخرة الوحيدة التي يمكن أن يتباهى بها الزعيم، هو تمكنه من السطو على مفاصل الحزب والتمكن بسهولة الديكتاتور الصغير من تغيير القوانين بعد نصرة الموالين الذين يعتبرون أن لا أحد قادر على قيادة الاتحاد غير زعيمهم، الذي تحول لهتلر صغير.
لا يفاخر زعيم الاتحاديين بعدد المناظرات التي أنتجها الاتحاد الاشتراكي خلال ولايته السوداء ولا عن عدد المشاريع الفكرية والندوات الوطنية والدولية التي نظمها الاتحاد ولا عن ترافع الحزب لصالح المواطنين ولصالح الوطن، ولا يفاخر الزعيم أبدا بالنقاش الحر واحتواء الأصوات المعارضة، إنه فقط يفتخر بعدد الأصوات وعدد المقاعد التي حصل عليها من تجارة انتخابية بائرة، يتوهم أنها ستضمن له البقاء مستبدا بالاتحاد جاثما على أنفاس الاتحاديين.
ولعل أحد الظرفاء كان محقا عندما اعتبر أن محصلة الزعيم على رأس الاتحاد خلال العشرية السوداء لم تتجاوز محاولته الفاشلة في تخفيض وزنه، وفي تجميل أسنانه، لكنه فشل في تجميل نفسه لأن الجمال ينبع من روح جميلة أساسا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube