اقواس

مَرْثِيَةُ الجَبَلِ الأَعْلَى

الفاعل الجمعوي عزيز سارت بلجيكا

عَانَقْتُ تُبْقَالَ
مُوَدِّعاً
فَوَدَّعَنِي الكِبْرِيَاءُ
وَ العُنْفُوَانُ

وَ بَكَيْتُ فِي حُضْنِهِ
وَ طَالَ بُكَائِي، فَسَأَلْتُهُ
هَلْ يَجْمَعُنَا بَعْدَ اليَوْمِ
مَوْعِدٌ وَ عُنْوَانُ

وَ أَيْنَ أَبْحَثُ عَنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ
بَعْدَكَ يَا مَغْرِبِي
وَ كَيْفَ يَهْنَا كَبِدٌ
تُلْهِبُهُ ذِكْرَيَاتٌ وَ أَزْمَانُ

رَحَلْنَا وَ قُلُوبُنَا
فِي حَنَاجِرِنَا حُزْنًا عَلَيْكَ
يَا حُضْنَ دِفْئٍ
نُغَادِرُهُ فَتُلَاحِقُنَا الأَشْجَانُ

وَ كَيْفَ نَحْيَا،
وَ نَمُوتُ غَرِيبَةٌ جَنَائِزُنَا
وَ بِأَيِّ لِسَانٍ
تَرْوِي تَارِيخَنَا الأَكْفَانُ

قَصَدْنَا قِبْلَةَ المَنْفَى
فَآوَتْنَا أُمَمٌ
الحَقُّ فِيهَا حُقُوقٌ
وَ الحَكَامَةُ تَدْبِيرٌ وَ عُمْرَانُ

وَ العَدْلُ سَيْفٌ
مَسْلُولٌ فَوْقَ ُرؤُوسِهِمْ
مُتَوَّجٌ، لَا تَعْلُو عَلَيْهِ
مَحْسُوبِيَّةٌ وَ أَعْيَانُ

حَتَّى إِذَا حَلَّتْ كُورُونَا
وَ تَفَشَّى الوَبَاء
تَبَرَّأَ الرِّبَاطُ مِنَّا
فَخَابَ الظَّنّ وَ ضَاعَ الرِّهَانُ

وَ انْحَلَّ حَبْلٌ
عَهْدِي بِهِ مَتِينًا يُؤَلِّفُنَا
رَمَوْهُ فِي مِحْرَقَةِ الخَلَاصِ
يُشَيِّعُهُ رَمَادٌ وَ دُخَّانُ

فَأَعْلِنِ الحِدَادَ
يَا شَتَاتًا طَالَهُ الهَوَانُ
وَ خَانَتْ عَهْدَهَا بِكَ جَهْرًا
سَاسَةٌ وَ أَوْطَانُ

تَنَكَّرَتْ لَكَ الحُكُومَاتُ
وَ الوِزَارَاتُ جَمِيعُهَا
وَ أَهْدَرَتْ حَقَّكَ غَصْبًا
سُلْطَةٌ وَ أَعْوَانُ

يُسْتَهَانُ بِنَا
فِي كُلِّ شَأنٍ وَ كُلِّ إِدَارَةٍ
وَ نُحْشَرُ فِي الهَوَامِشِ
دَرْبُنَا ذُلٌّ وَ خِذْلَانُ

عَطَّلُوا خِطَابَ نُوَنْبَر
وَ أَلْغَوْا وُعُودَهُ
وَ دَاسُوا دُسْتُورًا
فِي كُلِّ انْتِخَابٍ يُهَانُ

يَا بَقَرَةً حَلُوبًا
وَفَّتْ كَمَا يَكُونُ الوَفَاءُ
وَ اليَوْمَ حَظُّكِ غِلّ
نَصِيبُكِ صَدٌّ وَ نُكْرَانُ

رَفَعْنَا رَايَةَ المَغْرِبِ
أَيْنَمَا حَطَّتْ مَطَالِبُهُ
فَأَقْصَانَا الرِّبَاطُ مِنْ مَجَالِسِهِ
وَ انْسَدَّ البَرْلَمَانُ

تَكَالَبَتْ عَلَيْنَا الخُصُومُ
بَيْنَ أَهْلِ إِفْكٍ
وَ شُهَدَاءِ زُورٍ
لَهُمْ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ وَ قَنَاةٍ بَيَانُ

صُحُفُ البَقْشِيشِ
أَسْقَطَتْنَا مِنْ عَنَاوِينِهَا
مُرْتَزِقَةٌ أَقْلَامُهَا
سَيَكْشِفُ عَوْرَتَهَا الزَّمَانُ

أَحْزَابُنَا تَمَخْزَنَتْ دَكَاكِينُهَا
فَغَيَّبَتْنَا
فَلَا الأَحْزَابُ أَحْزَابٌ
وَ لَا الأَلْوَانُ أَلْوَانُ

وَ لَا المُشَارَكَةُ
وَ المُوَاطَنَةُ وَارِدَتَانِ
وَ التَّدْرِيجُ بِالوَكَالَةِ
غَايُهُ إِقْصَاءٌ وَ حِرْمَانُ

تُبْقَالُ، تُبْقَالُ
أَمِيرُ الجِبَالِ وَ تَاجُهَا،
هَلْ تَسْمَعُنِي
مَتَى انْحَلَّتِ العُرَى
و كَيْفَ انْفَسَخَ القِرَانُ

وَ هَلْ جَارَيْتَ نُخْبَةَ الرِّبَاطِ
فِي غَيِّهَا
وَ هَلْ لَمْ يَبْقَ بِبِلَادِي لِلْحَقِّ
ضَمِيرٌ وَ لِسَانُ

نَعَمْ تَاجَرَ القَوْمُ
بِأَمْجَادِ نِضَالِهِمْ
صَلَبُوا مَسِيحَهُمْ
فَتَعَدَّدَتِ الصُّلْبَانُ

إِلَى مَزْبَلَةِ التَّارِيخِ
مَوْكِبُهُمْ مُنْصَرِفٌ،
عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ
حُجَّةٌ وَ بُرْهَانُ

يَا وَطَنًا عَزِيزًا
مُذْ تَرَكْنَاهُ لَمْ تَهْدَأ لَهُ جَوَاِنحُنَا
فَحَفِظْنَا عَهْدَهُ
كَمَا حَفِظَتْ صَلِيبَهَا الرُّهْبَانُ

حَسِبْنَا الرِّبَاطَ رَوَابِطاً
ثَابِتٌ أَصْلُهَا
مَوَاسِمُهُ حَجٌّ
زِيَارَتُهُ طُهْرٌ وَ غُفْرَانُ

سَيَرْوِي التَّارِيخُ
فُصُولَ جَفْوَتِنَا
كَيْفَ اجْتُثَّتْ أَوَاصِرٌ
وَ انْهَدَّتْ ثَوَابِتٌ وَ هَوَتْ أَرْكَانُ

صُغْتُ شِعْراً
مَرَارَةَ ظُلْمٍ اِشْتَدَّ بَأْسُهُ
حَتَّى صَرَخَ تُبْقَالُ فِينَا
كَفَى لَقَدْ آنَ الأَوَانُ

فَيَا مَسَاجِدَ الغُرَبَاءِ
مَتَى تُعْلِنِي مُؤَذِّنَةً
أَنَّ أَمْنَهُمْ الرُّوحِي
شِعَارُ دِعَايَةٍ وَ إِعْلَانُ

وَ يَا شَبِيبَةَ الشَّتَاتِ
مَتَى تَنْهَضِي وَاعِيَةً
أَنَّ عِنَايَةَ الرِّبَاطِ بِنَا
زُورٌ وَ بُهْتَانُ

سَيَأْتِي مَوْسِمٌ
لَنْ يَجْمَعَنَا بِالرِّبَاطِ حَبْلٌ بَعْدَهُ
يَوْمَ تَسْقُطُ أَصْنَامُهُمْ
وَ تَنْتَحِرُ الأَوْثاَنُ

عبدالعزيز سارت
لوفان، 26 نونبر2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube