ثقافة وفنونمستجدات

للذكرى فقط..في مثل هذا اليوم من 2014 توفي سيد من أسياد الحقيقةالكبير السي محمد بسطاوي

حرة بريس

محمد بسطاوي ولد يوم 3 يونيو 1954 بقرية مريزيك غرب مدينة خريبكة، كان والده يشتغل بمحطة القطار بالمدينة نفسها، التحق محمد بسطاوي بمدرسة الصفرا، ثم مدرسة جماح، فثانوية الإمام مالك في أواسط الثمانينات، فانتقل ما بين سنتي 1973 و 1976 للاشتغال ضمن فرقة العمليات السرية بالبحرية الملكية بالحسيمة، ومازالت المؤسسة تحتفظ بمخطوطاته ورسوماته على جدرانها، وكأقرانه من شباب منطقة خريبكة حلم محمد بسطاوي بالهجرة إلى الخارج، فهكذا هاجر لفرنسا فهولندا، ثم استقر في إيطاليا لمدة 5 سنوات، مارس المسرح في إيطاليا بمسرح الهواة، بلحيته الكثيفة التي تطول وتقصر، وتتغير بتغير الأدوار المسرحية، وشاربه الكتيف، وشعره المفتول.
عاد محمد بسطاوي إلى المغرب، من أجل خوض غمار خشبة المسرح المغربي، بعدما ظهرت موهبته في هذا المجال الفني منذ المدرسة الابتدائية، من خلال نشاطه المسرحي ب”فرقة النصر للمسرح والموسيقى” بمدينة خريبكة.
التحق محمد بسطاوي بفرقة “مسرح اليوم” سنة 1987، وقد كان دور “برنية” في مسرحية “بوغابة” أول عمل مسرحي يتألق فيه محمد بسطاوي، دور فتح لمحمد بسطاوي الطريق للعب أدوار عديدة من بعد، بالرغم من أن هذا الدور المسرحي لعبه بسطاوي بالصدفة، إذ قلد فيه “امرأة عجوز”، بطلب من المخرج المسرحي “عبد الواحد عزري”، وفي العرض الأول على خشبة المسرح، وهو يقوم بتقليد امرأة عجوز، ظنه الجمهور أنه امرأة فعلا، ولم يكتشفوا المفاجأة إلا بعد نهاية المسرحية.
ساهمت فرقة “مسرح اليوم” في صقل موهبة الممثل المغربي محمد بسطاوي، من خلال الأدوار المهمة التي لعبها في مجموعة من المسرحيات، التي تقمص فيها شخصيات بأسماء مغايرة، لكنها مليئة بالمضامين الإنسانية والاجتماعية، بترانيمه اللغوية الخاصة، وهي أعمال مسرحية أضحت اليوم من كلاسيكيات المسرح المغربي. “محمد بسطاوي يمثل أدواره بنفحة مغربية قحة، ولكن كان يعطيها أفقا عالميا وإنسانيا، فهو فنان شامل وموسيقي ومغني يكتب الكلمات، يقول محمد بسطاوي عن نفسه: “أُمثل الشخصيات التي أنبذها، وأغلب الشخصيات الفاسدة والسيئة التي كنت أمثلها أردت إيصال رسالة إلى الجمهور فحواها الابتعاد عن هذه الشخصيات الفاسدة… تلك الشخصيات سلبية بالنسبة إلي ولا يجب أن تكون موجودة في البلاد”- انفصل محمد عن فرقة “مسرح اليوم”، بحثا عن “الحرية” يقول محمد بسطاوي؛ فأسس برفقة عبد المجيد الهواس، والشاعر العماني عبد الله الريامي، ويوسف فاضل، ومحمد خيي، فرقة “مسرح الشمس”، التي ترأسها محمد بسطاوي، وفي ظرف عامين أصبح لهذه الفرقة اشعاع كبير داخل المغرب؛ عن طريق عرض مجموعة من الأعمال المسرحية الراقية ك (ولاد البلاد، وسيدنا قدر، وخبز وحجر…).
في مجال التلفزيون والسينما محمد بسطاوي رجل صالح لكل المواقف والأدوار، فهو “الشيخ”، و”رجل السلطة”، و”المقامر”، و”الخائن”، و”الدجال”، و”الأب الصالح”، والسكير، والفلاح، والصياد، والقناص، والمغني، والابن العاق … في مجموعة من الأفلام والمسلسلات ك: ( “الملائكة لا تحلق فوق الدار البيضاء”، و”صقر قريش”، “وفي انتظار بازوليني”، و”الطيور على أشكالها تقع”، و”خيال الذئب”، و”سيد الغابة”، و”أيادي خشنة”، و”جوق العميين”، و”وجع التراب “و”دواير الزمان” و”الكبش”، و”الوشاح الأحمر”…)، في شخصية يلعبها يأسس لأبعادها بشكل كبير وعميق، وبها يصبح الفنان سيد من أسياد الحقيقة، ويصبح الفن آلية تتجلى فيها الحقيقة، حقيقة الواقع والوجود. “فشخصية “بوجمعة” مثلا في دواير الزمان، خليط من شخصيات مغربية، فيه شخصيات كثيرة من المجتمع المغربي، أخذ المشية والصوت والحركة من كل الشخصيات المغربية. وأما “شعيبة” شخصية من مسلسل “وجع التراب” فهو صناعة الشخصية، فشعيبة رجل مغربي، في كل مكان تجده”.
وعن عمر يناهز ستة عقود، نصفها في المسرح والسينما والتلفزيون، نشبت المنية أظافرها على روح الفنان المغربي محمد بسطاوي، بعد انتهاءه من تصوير سلسلة “دار الغزلان”، آخر سلسلة يشارك فيها محمد بسطاوي، وقد شاءت الصدف، أن يقرر التبرع بالدم، فبينت النتائج أنه مصاب بانتفاخات في الرئة، فدخل على إثره إلى المستشفى العسكري بالرباط، لكنه سيرحل إلى مثواه الأخير في صبيحة يوم17 دجنبر 2014، وعقارب الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube