نجاة مصطفى الكاظمي من طائرة مسيرة مفخخة استهدفت منزله في بغداد
أحمد رباص – حرة بريس
نجا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من محاولة اغتيال بعد أن استهدفت طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات منزله في العاصمة بغداد، في حادث أثار التوتر بشكل كبير في البلاد بعد أسابيع من الانتخابات العامة المتنازع عليها من قبل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
ونجا الكاظمي دون أن يصاب بأذى، لكن مصادر أمنية قالت لوكالة رويترز للأنباء إن ستة على الأقل من أفراد قوة الحماية الشخصية لرئيس الوزراء أصيبوا في هجوم يومه الأحد.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن لتلفزيون العراقية الرسمي، إن القوات الأمنية في المنطقة أسقطت طائرتين مسيرتين بينما تمكنت الثالثة من قصف منزل الكاظمي في المنطقة الخضراء ببغداد، والتي تضم مباني حكومية وسفارات أجنبية.
لم يصب الكاظمي بأذى بينما أصيب بعض من في المنزل بجروح. وأضاف المسؤول دون الخوض في التفاصيل “إنهم يتلقون العلاج”.
ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها على الفور عن هجوم الأحد. ودعا الكاظمي في منشور على تويتر إلى التزام الهدوء وضبط النفس. وقال: “أنا بخير والحمد لله وأدعو الجميع إلى الهدوء وضبط النفس من أجل خير العراق”.
وظهر لاحقا على شاشة التلفزيون العراقي، جالسا خلف مكتب يكسوه قميص أبيض والارتياح باد على ملامحه. وقال: “الهجمات الجبانة بالصواريخ والطائرات بدون طيار لا تبني أوطانا ولا تبني مستقبلًا”.
من جانبه، ووصف الرئيس العراقي برهم صالح الهجوم بأنه “عدوان إرهابي” و “جريمة شنيعة” ضد العراق.
وغرد صالح على تويتر “هذا يتطلب الوحدة ضد الفاعلين الذين يستهدفون أمن هذا البلد وسلامة أبنائه”.
جاء هجوم الصباح الباكر بعد يومين من احتجاجات دامية في العاصمة العراقية على نتيجة الانتخابات العامة التي جرت يوم 10 أكتوبر الماضي. والجماعات التي تقود الاحتجاجات هي ميليشيات مدججة بالسلاح مدعومة من إيران فقدت الكثير من قوتها البرلمانية في الانتخابات. وزعموا حدوث مخالفات في التصويت وفرز الأصوات.
واوردت قناة فضائية عربية أن سكان المدينة سمعوا انفجارات وإطلاق نار من المنطقة الخضراء يوم الأحد وأنه تم تشديد الأمن في المنطقة الوسطى وما حولها.
وقال أيضا المتحدث باسم الميليشيات الموالية لإيران والمعروفة باسم الحشد الشعبي، إنه “متشكك للغاية في محاولة الاغتيال، قائلا إن ذلك من اختلاق الحكومة في محاولة لإلقاء اللوم على المتظاهرين.
ويأتي الهجوم بعد أن تحولت احتجاجات أنصار الأحزاب التي تعارض نتائج الانتخابات إلى أعمال عنف يوم الجمعة، حيث رشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة بالقرب من المنطقة الخضراء. وردت الشرطة بالغاز المسيل للدموع والدخيرة الحية، ما أسفر عن مقتل متظاهر واحد على الأقل. وألقى بعض قادة أقوى فصائل الميليشيات باللوم علانية على الكاظمي في اشتباكات الجمعة ومقتل احد المتظاهرين.
وقال قيس الخزعلي زعيم الميليشيا التابعة لحركة عصائب أهل الحق أمام الكاظمي في جنازة المتظاهر: “دماء الشهداء تحملكم المسؤولية”.
وأضاف الخزعلي مخاطبا الكاظمي انه كان لدى المتظاهرين مطلب واحد فقط ضد التزوير في الانتخابات، وبالتالي فإن الرد على هذا النحو (بالذخيرة الحية) يعني أنه المسؤول الأول عن هذا التزوير.
وأظهرت النتائج الأولية لتلك الانتخابات أن كتلة يقودها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر فازت بـ 73 مقعدا، لتحافظ على مكانتها كأكبر كتلة في البرلمان العراقي المؤلف من 329 عضوا. وبينما يحافظ على علاقات جيدة مع إيران، يعارض الصدر علناً التدخل الخارجي في شؤون العراق.
في غضون ذلك، فاز الذراع السياسي للحشد الشعبي المعروف باسم تحالف الفتح بنحو 15 مقعدا، متراجعا عن 48 مقعدا مقارنة بعدد مقاعده في البرلمان السابق.
ويقول محللون مستقلون إن نتائج الانتخابات كانت انعكاسا للغضب تجاه الحشد الشعبي، المتهم على نطاق واسع بالتورط في قتل ما يقرب من 600 محتج خرجوا في 2019 إلى الشوارع في مظاهرات مناهضة للحكومة.
وفي تعليقها على محاولة اغتيال الكاظمي، قالت رندا سليم، مديرة برنامج الحوار في معهد الشرق الاوسط الاميركي، إن هجوم الأحد لم يكن “مجرد هجوم على الكاظمي، بل هو أيضا هجوم على الطبقة السياسية”.
وقالت لقناة فضائية عربية إن الأمر يرقى حقا إلى محاولة انقلاب، مضيفة أنه على الرغم من عدم وجود دليل على إعلان المسؤولية، هناك الكثير من الإشارات الظرفية إلى الميليشيات العراقية المدعومة من إيران.
وفي إشارة إلى أن الميليشيات ألقت باللوم على الكاظمي في مقتل المتظاهر يوم الجمعة، قالت إن العلاقة بين الكاظمي والميليشيات المدعومة من إيران كانت متوترة منذ فترة طويلة.
وفي الآونة الأخيرة، وجهت لوائح اتهام لبعض أعضاء الميليشيات بقتل بعض المتظاهرين قبل عامين. واغتيل هشام الهاشمي مستشار الكاظمي الراحل على يد أعضاء يشتبه في انتمائهم لهذه المليشيات. لذا فقد انخرطوا مع الكاظمي في شد الحبل وسيستفيدون أكثر من إجبار الكاظمي على الخروج من الصورة.
تلك، إذا، في نظرها، خطوة غبية للغاية وقصيرة النظر، لأنه إذا كان هناك أي شيء سيجعل الكاظمي ضحية وسيزيد من فرصه السياسية في العودة إلى منصب رئيس الوزراء من جهة أخرى، دان المسؤول الأمني الإيراني، علي شمخاني ، هجوم الأحد، واصفا إياه بأنه “فتنة جديدة”. وغرد على تويتر قائلا: “المحاولة … فتنة جديدة يجب إحالتها على مؤسسات الفكر والرأي الأجنبية”، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
كما أدانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “بأشد العبارات محاولة الاغتيال” ضد الكاظمي.