أخبار العربأخبار دوليةمستجدات

الجزائر تستدعي سفيرها في باريس وتحظر مجالها الجوي على الطائرات العسكرية الفرنسية

أحمد رباص – حرة بريس

أعلن متحدث باسم الأركان العامة الفرنسية، يومه الأحد، أن الجزائر منعت الطائرات العسكرية الفرنسية من التحليق فوق أراضيها. ويأتي هذا القرار في أعقاب التعليقات التي أدلى بها رئيس الدولة الفرنسية يوم الخميس الأخير.
قبل صدور هذا الإعلان، قررت الجزائر يوم السبت 2 أكتوبر استدعاء سفيرها في باريس محمد عنتر داود “للتشاور”، حسبما أعلنه التلفزيون العمومي نقلا عن بيان رسمي للرئاسة الجزائرية، ملفتا انتباه المشاهدين إلى أن بيانا توضيحيًا آخر سيتبع الأول. وبررت الجزائر هذا الاستدعاء بـ “رفضها لأي تدخل في شؤونها الداخلية”.
جاء قرارها في أعقاب “تصريحات منسوبة” إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “عقب التصريحات، غير المفندة، التي نسبتها العديد من المصادر الفرنسية لرئيس الجمهورية الفرنسية، تعرب الجزائر عن رفضها القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية، مثلما ورد في هذه التصريحات”، تعلن الرئاسة الجزائرية، مشيرة إلى إنها “تحمل في طياتها اعتداء غير مقبول على 5630000 شهيد، الذين ضحوا بالنفس والنفيس في مقاومتهم البطولية، ضد الغزو الاستعماري الفرنسي، وكذا في حرب التحرير الوطني المباركة.”
من جانبه، أكد الكولونيل باسكال إيني المعلومات التي كشفت عنها صحيفة “لو فيغارو” اليومية صباح هذا اليوم، من خلال تقديم برنامجي طيران لطائرتين، والتي أفادت بأن الجزائريين منعوا التحليق فوق أراضيهم على الطائرات العسكرية الفرنسية.
اعتادت الطائرات العسكرية الفرنسية على المرور عبر المجال الجوي الجزائري يوميا للالتحاق بمنطقة الساحل والصحراء أو مغادرتها حيث تنتشر قوات عملية “برخان” المناهضة للجهاديين.
وبحسب السيد ياني، ليس لهذا القرار سوى تأثير ضئيل على عدة حوانب، لكنه ذو تأثير سلبي على العمليات أو المهمات الاستخباراتية” التي تنفذها فرنسا في منطقة الساحل.
وحتى قبل أن تصدر الجزائر بيانا صحفيا ثانيًا يشرح استدعاء سفيرها في باريس، والذي تم الإعلان عنه في البداية في بيان قصير على التلفزيون العمومي، كشفت وسائل الإعلام الجزائرية أن القرار جاء كرد فعل على تصريحات الرئيس الفرنسي خلال لقاء الخميس مع. أحفاد وأبناء أبطال الحرب الجزائرية، بهدف التخفيف من الم “هذا الجرح في الذاكرة”.
خلال هذه المناقشة التي نُشرت في صحيفة لوموند، قدر إيمانويل ماكرون أنه بعد استقلالها عام 1962، بُنيت الجزائر على “ريع تذكاري”، يحافظ عليه “النظام السياسي العسكري”. كما أنه استحضر “تاريخا رسميا”، حسب قوله، “أعيدت كتابته بالكامل” ، وهو “ليس قائما على حقائق” بل على “خطاب يقوم على كراهية فرنسا”.
في بيانها سالف الذكر، انتقدت الرئاسة الجزائرية التقييمات السطحية والتقريبية والمغرضة التي ألصقت ببناء الدولة الوطنية الجزائرية ومست تأكيد الهوية الوطنية، واعتبرتها جزء من مفهوم الهيمنة البالية للعلاقات بين الدول. ورأت الرئاسة الجزائرية فيها محاولة للترويج لنسخة اعتذارية من الاستعمار ، مع ملاحظة أن هذا التدخل المؤسف يتعارض بشكل أساسي مع المبادئ التي ينبغي أن تحكم التعاون الجزائري الفرنسي المحتمل فيما يتعلق بالذاكرة، مقدرة أن “لا شيء ولا أحد يمكن أن يعفي القوى الاستعمارية من جرائمها، بما فيها مذابح 17 أكتوبر [1961] في باريس، والتي تستعد الجزائر وجاليتها المقيمة في فرنسا لإحياء ذكراها بكرامة، بحسب لغة البيان.
وتحت عنوان “ماكرون في نقد لاذع ل”النظام الجزائري””، أعادت الجريدة الإلكترونية الناطقة بالفرنسية 24H Algérie نشر أقسام كبيرة من مقال لوموند، الذي يستشهد بحوار بين الرئيس الفرنسي وعشرين شاباوشابة من أبناء أو حفدة المقاتلين السابقين في جبهة التحرير الوطني خلال الحرب الجزائرية (1954-1962) ، أو الحركيين (القوات شبه العسكرية في خدمة فرنسا) أو العائدين إلى الوطن.
رداً على سؤال تقدمت به فتاة شابة نشأت في الجزائر العاصمة، قال السيد ماكرون إنه لا يعتقد أن هناك “كراهية” ضد فرنسا يكنها المجتمع الجزائري لها من أعماقه، ولكنها من نظام سياسي عسكري مبني على هذا الريع التذكاري “.
وبحسب رئيس الدولة الفرنسية، يمكننا أن نرى أن النظام الجزائري منهك، والحراك [الحركة التي ظهرت عام 2019 مؤيدة للديمقراطية وكانت وراء استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي توفي مؤخرا] قد أضعفه. وأكد الرئيس الفرنسي في حديثه مع الشباب الحزائريين أنه أجرى حوارا جيدا مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مضيفا أنه رآه عالقا في نظام قاس جدا. وترى صحيفة الوطن الخاصة، التي خصصت صفحتها الأولى ليوم الأحد لـ “انزلاق ماكرون”، أن الرئيس الفرنسي وجه انتقادات حادة للقادة الجزائريين.
وبحسب وسائل إعلام محلية، أثارت فقرة أخرى من تصريحات إيمانويل ماكرون غضب السلطات الجزائرية. في ها الموضع، طرح ماكرون هذا السؤال: هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ وأجاب الرئيس الفرنسي مذكرا بأن هناك استعمارا سابقا.
وفي نبرة ساخرة، قال إنه مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والسيطرة التي مارستها، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية. واستفرب من كونهم [الفرنسيين] مطالبين بتوضيح كيف انهم المستعمرون الوحيدون.
كانت العلاقات بين باريس والجزائر متوترة بالفعل قبل يوم السبت، حيث استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، يوم الأربعاء، السفير الفرنسي بالجزائر العاصمة، فرانسوا غوييت، لإبلاغه “باحتجاج حكومي رسمي” بعد قرار باريس تخفيض التأشيرات للراغبين في السفر إلى فرنسا إلى مستوى النصف.
في فرنسا، كما نعلم، أعلنت باريس ، يوم الثلاثاء، عن نخفيض حاد في عدد التأشيرات الممنوحة لمواطني المغرب والجزائر وتونس، مستشهدة بـ “رفض” هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها الذين يوجدون في فرنسا بشكل غير قانوني.
هذه هي المرة الثانية التي تستدعي فيها الجزائر سفيرها في باريس منذ ماي 2020. وكان السفير آنذاك، صلاح اللبيوي، موضوع استدعاء “فوري” بعد بث فيلم وثائقي عن الحراك الاحتجاجي المؤيد للديمقراطية، تم بثه على قناة فرانس 5 والقناة البرلمانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube