سياسةمستجدات

هل بمقدور أخنوش اقتلاع مسامير حزب “العدالة والتنمية” التي غرزها في دواليب الدولة كخلايا نائمة؟

أحمد رباص – حرة بريس

انهزم في انتخابات ثامن سبتمبر الحزب الإسلامي الذي تولى رئاسة الحكومة خلال الولايتين الأخيرتين المتعاقبتين ولم يفز في الاستحقاق التشريعي بمقاعد تؤهله ليكون له فريق برلماني، وما عمق من مأساته هو أن الفصائل الإسلامية الصغرى المشاركة في الانتخابات الأخيرة لم تحصل على عدد ولو قليل من المقاعد البرلمانية حتى يمكن إضافته إلى مقاعد “المصباح” لتكوين فريق إسلامي متجانس.
لكن علينا ألا ننسى أن لسان حزب “العدالة والتنمية” يردد الآن بهمس يكاد يسمع أن “اللي عندو غير باب واحد الله يسدو عليه”. يقول ذلك لأن له خلايا نائمة في مفاصل الدولة، تدين له بالولاء وتنتظر الإذن من أسيادها لتنفيذ ما يطلب منها.
الحكاية وما فيها أن حزب “المصباح” حرص أشد الحرص في الأشواط الأخيرة من ولايته الحكومية على تنصيب اتباعه والموالين له في المناصب العليا في القطاعات الوزارية التي كانت من نصيبه، أقتناعا منه بأن هؤلاء الذين وزعت عليهم المناصب التي صودق عليها في المجالس الحكومية من شأنهم تعويض خسارة الحزب في الانتخابات وضمان انبعاثه من رماده، كعنقاء الأسطورة اليونانية.
لم تذهب بطنة قادة “العدالة والتنمية” عنهم الفطنة التي هدتهم إلى أن تعيين الموالين لهم والمؤمنين بإيديولوجيتهم في المناصب المهمة ودواوين الوزارات واعتبارهم كخلايا نائمة لا بد وأن يعود عليهم بالنفع الكثير عندما تسود الدنيا في وجوههم كما حدث لهم اليوم، وبشكل بديلا عن هزيمتهم بإمكانهم توظيفه لصالحهم ولأجل تحقيق شروط عودتهم إلى مكانتهم وقوتهم اللتين فقدوهما في إطار عقاب مزدوج: رسمي وشعبي.
منذ تسلمه مقاليد الحكومة سنة 2011, كان أول شيء استرعى انتباه حزب بنكيران هو المصادقة بسرعة على القانون التنظيمي الخاص بالتعيين في المناصب العليا، بينما تراخى، بل تغاضى عن استصدار مراسيم قوانين أكثر أهمية.
إلى ذلك، وجه الحزب الذي اشتد عوده داخل قوقعة الخطيب الفارغة فوهات مدافعه صوب أطر المؤسسات العليا، مهددا ومتوعدا إياهم بحساب عسير بذريعة محاربة الفساد الذي استمرأوه ومارسوه في العلن والخفاء. كل ذلك من أجل حمل تلك الأطر على أن يتملكها الخوف وتنسحب إلى الخلف؛ الشيء الذي نتج عنه إصابة الكثير من المؤسسات بالشلل.
ليس حزب “العدالة والتنمية” حالة استثنائية في لجوئه إلى هذه الآلية الدفاعية المكشوفة، بل لم يعمل سوى على تقليد أحزاب إسلامية سبقت إلى استغلال نفس الآلية التي تقتضي الانزواء في الأركان الخلفية وتحريك البيادق المبثوثة هنا وهناك عبر دواليب الدولة.

اتضح الآن أن الدولة المغربية سلت شعرة الإسلاميين من العجين بلا ضجيج وخسران، بخلاف العراق الذي لن يتخلص منهم في الانتخابات التي تجري الآن الاستعدادات لتنظيمها في بلاد الرافدين، وعلى عكس الجارة الجزائر التي عاملتهم بعنف عندما تيقنت من اكتساحهم للساحة عن طريق انتخابات 1992، فعاشت بلاد مليون شهيد في أتون عشرية رهيبة لا زالت لحد الإن تلعق جراحها التي لم تندمل بعد.
جرب الحزب الإسلامي المغربي تلك الآلية الدفاعية في نهاية ولايته الحكومية الاولى فأتت أكلها، حيث أرهب العديد من رؤساء المؤسسات ودفعهم للتراجع للوراء، ووطن أتباعه الموالين له في المناصب الشاغرة، وتمكن في الأخير من بقائه جاثما على مراكز صنع القرار الذي اصبح أكثر إيلاما للشعب نظرا لضلوعهم في الخبث وإمعانهم في نقض وعودهم.
ختاما، على أخنوش التفكير من الآن في توفير ملقاط كبير لاقتلاع هذه المسامير الكبيرة والصدئة التي غرزها “بيجيدي” في دواليب الدولة، إن أراد الوفاء بالوعود التي ينتظر ناخبوه تفعيلها على أرض الواقع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube