محمد بوبكريمستجدات

حكام الجزائر يقفون وراء كل الحرائق والجرائم التي عرفتها الجزائر

محمد بوبكري

يرى خبراء في الشأن الجزائري أن حكام الجزائر يلعبون على الحبلين: أولهما اختلاق عدو داخلي، وثانيهما اختلاق عدو خارجي. وهذا ما يتضح من المضامين التي تنشرها مختلف وسائل الإعلام التابعة للجنرالات التي نشرت افتراءات من نسج أوهام المخابرات الجزائرية التي تتحكم فيها. فقد نشرت مؤخرا خبرا كاذبا مفاده أن “فرحات مهني زعيم حركة الماك”، قد عقد اجتماعا سريا في باريس مع ” محمد العربي زيتوت”، ممثلا عن حركة رشاد. وقد انعقد هذا الاجتماع للتخطيط لاغتيال الشهيد “جمال بن إسماعيل”، وإشعال الحرائق في مختلف المناطق الجزائرية، كما أنهما اتفقا على مد المنتمين لمنظمتيهما بتوجيهات للقيام بأنشطة كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تأجيج الأوضاع في الجزائر. أضف إلى ذلك أنهما اتفقا على تقسيم الجزائر، حيث ستكون الجزائر الوسطى وشرقها من نصيب حركة “الماك”، كما سيكون جنوب الجزائر وغربها من نصيب جماعة “رشاد”. علاوة على ذلك، نشرت وسائل الإعلام التابعة للجنرالات أن هذا الاجتماع بين “فرحات مهني” و”العربي زيتوت” حضره ممثل عن السفارة المغربية في باريس، وممثل عن دولة إسرائيل.
زد على ذلك، أن وسائل الإعلام هذه لا تتوقف عن ترويج أن حركة “الماك” هي من قتلت الفنان الشاب “جمال بن إسماعيل”، وأن إشعال الحرائق في الجزائر قد كان بواسطة طائرة “درون” إسرائيلية.
هكذا، يتضح انطلاقا مما تنشره وسائل الإعلام هذه، أن العدو الداخلي لحكام الجزائر يتمثل في كل من حركة “الماك” وجماعة “رشاد”، وأن عدوهم الخارجي يتمثل في كل من المغرب وإسرائيل. لذلك، فإن ما تنشره وسائل الإعلام هذه، يبدو وكأنه مسلسل هوليودي من نسج الخيال، ما يستوجب تفكيكه…
وتجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام ليس لها قراء، ولا مشاهدين، لأن الشعب الجزائري يدرك أنها تابعة للمخابرات الجزائرية، وأن كل ما تنشره ينأى كليا عن الحقيقة، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالواقع، لأنه محض أوهام وخيال، وترويج للأكاذيب والإشاعات والافتراءات الباطلة التي تسعى من ورائها إلى تدمير خصوم الجنرالات ومعارضيهم السياسيين، ما جعلها بدون تأثير، حيث يرى بعض الخبراء الجزائريين أنها تبتلع الملايير بدون فائدة للجنرالات، ولا للشعب، ولا للوطن..!
تبعا لكل ذلك، لماذا يروج الجنرالات هذه الإشاعات والافتراءات والاكاذيب؟ ألم يقوموا بذلك لتبرئة ذمتهم من جريمة قتل الشاب “جمال بن إسماعيل” حرقا، وإضرام النار في مختلف المناطق الجزائرية؟
لما أشعلت الحرائق في ” تيزي وزو”، عقد ممثل النيابة العامة بمحكمة هذه المدينة ندوة صحفية، أعلن فيها أن تلك الحرائق هي من افتعال أياد إجرامية، ستكشف التحقيقات عنها. وبعد هذا التصريح وقبله، اندلعت الحرائق في 16 ولاية أخرى، ولم يخرج ممثلو النيابة العامة بهذه المناطق لقول الشيء نفسه. وهذا ما جعل بعض الجزائريين العارفين بكيفية اشتغال القضاء الجزائري يؤكدون أن ممثل النيابة العامة بمحكمة “تيزي وزو” قد توصل بمكالمة هاتفية من الجنرالات أمروه فيها بإلقاء ذلك التصريح، لأن الشعب جميعه يعلم أن النيابة العامة في الجزائر لا تقول أي شيء دون إذن المخابرات الجزائرية، كما أنها لا تفعل أي شيء، ولا تتخذ أي قرار بناء على قناعتها؛ بل إن كل ما تقوم به يكون بأمر المخابرات، الأمر الذي يؤكد أن منطقة “القبايل” مهددة من قبل الجنرالات، وأن إحراق هذه المنطقة كان بتدبير من الجنرالات، الذين خططوا له انتقاما من تلك المنطقة وأهاليها؛ نظرا إلى كرههم الشديد لها بسبب ماضيها وحاضرها النضاليين، ويريدون إلحاق كل الشرور بها.
لقد كان هم جنرالات الجزائر هو إيقاف مد الحراك الشعبي السلمي. ولإنجاز ذلك، فقد قاموا بإنزال 35 ألف شرطي إلى حي “باب الواد’ بالعاصمة، كما أنهم لجأوا إلى إنزال 30 ألف شرطي إلى شوارع وهران، وبعد ذلك، أنزلوا 20 ألف شرطي إلى شوارع “سكيكدة’، ثم 30 ألف شرطي إلى شوارع “قسنطينة”. ونظرا إلى عجز الجنرالات عن فعل الشيء نفسه في منطقة “القبايل”، حيث كانت ستقوم القيامة، فإن الحراك الشعبي السلمي قد انتقل وطنيا إلى هذه المنطقة، التي تجسدت فيها الوحدة الوطنية الجزائرية، فانكسرت أحلام الجنرالات، وأدركوا أن إشعال الحرب بين العرب و”القبايل” قد فشلوا فيه، فصارت منطقة “القبايل” تشكل عقدة للجنرالات، ما دفعهم إلى إضرام الحرائق فيها. كما أن كراهيتهم للشعب الجزائري برمته، جعلتهم يشعلون الحرائق في كافة المناطق الجزائرية. لذلك كان رد هؤلاء الحكام عنيفا وفتاكا، حيث إن الجنرال “خالد نزار”، القائد الفعلي لحكام الجزائر، لا يعرف إلا لغة الإحراق والقتل والاغتيال…
وإذا كانت الحرائق قد اشتعلت في تركيا واليونان وإسبانيا… فإن هذه البلدان لم تعلن أن الحرائق هي من تدبير أياد إجرامية. وهذا ما يفسر أن حكام الجزائر هم وحدهم في المنطقة الذين يريدون تلفيق تهمة إضرام الحرائق إلى خصومهم ومعارضيهم السياسيين، الأمر الذي يؤكد سوء نية جنرالات الجزائر، وتورطهم في القيام بهذه الجريمة الشنيعة وغيرها من الجرائم النكراء وتلفيقها لخصومهم بغية إخفاء مسؤوليتهم عنها.
وإذا كان حكام الجزائر يتهمون المغرب بوقوفه وراء حركة “الماك”، علما أن مخابراتهم متأكدة من عكس ذلك، فلم لا ينددون باحتضان فرنسا لـ”الحكومة المؤقتة لحركة “الماك” “وزعيمها” فرحات مهني”؟ ألا يدل هذا عن خوفهم من فرنسا، لأنهم يعلمون علم اليقين أنها قادرة على الإطاحة بهم؟ وهنا نتساءل: أين هو “الاستقلال” الذي يتبجح به الجنرالات؟ ألا يعني ذلك أنهم تنكروا للثورة الجزائرية، وأنهم تابعون لليمين الفرنسي المتطرف؟ ألا يؤكد ذلك أنهم مجرد أقزام أمام فرنسا؟
ونظرا إلى حقد الجنرالات على أهالي منطقة “القبايل”، فإنهم قرروا إضرام النار فيها، لأن ما يهمهم هو وضع حد للحراك فيها، لأنهم لا يطيقون استمراره فيها، وبما أن المخابرات تعرف مسبقا أن الشاب “جمال بن إسماعيل” هو رمز من رموز الحراك، فإنهم قاموا بتوقيفه عند وصوله إلى “تيزي وزو”، لأنهم اعتقدوا أنه جاء هو وجماعته لتأجيج الحراك الشعبي هناك، ما جعل المخابرات تقدم على تجنيد بعض أفرادها لاغتياله حرقا، الأمر الذي يؤكد تورطهم في هذه الجريمة البشعة كذلك.
كما أن رفض الجنرالات للمساعدات الإنسانية التي عرضها المغرب وتونس من أجل إخماد النيران، يؤكد أن حكام الجزائر يريدون استمرار الحرائق رغبة في قتل الشعب الجزائري حرقا.
هكذا، يتضح أن هدف حكام الجزائر هو إيقاف الحراك الشعبي، ولو أدى ذلك إلى قتل الجميع حرقا، حيث كانوا يهدفون من وراء ذلك إلى إشعال حرب أهلية بين العرب و”القبايل”، لكنهم لم يفلحوا في ذلك؛ إذ تأكد أن الشعب يقف في وجههم وقفة رجل واحد. ولم يعد أمامهم سوى خوض حرب على أهالي “القبايل”. لذلك، نجدهم يوجهون سهامهم إليهم، وإلى حركة “الماك”.
ومادامت المخابرات الجزائرية تعرف كل نشطاء الحراك، فمن المحتمل ألا تترد في اختطافهم واعتقالهم، وحتى اغتيالهم عبر اتهامهم بكونهم أعضاء ناشطين في حركة “الماك”، أو جماعة “رشاد”…
لذلك، على حكام الجزائر أن يعلموا أن الحراك الشعبي هو نار ملتهبة، وأن من أراد إشعال نار الفتنة سيصب الزيت على النار.
وإذا كان الجنرالات يعتمدون في ترويج أضاليلهم على وسائل الإعلام التابعة لهم، فإنهم لا يعلمون أنه ليس لها أي تأثير في المجتمع الجزائري، حيث لا يقرأها أحد، ولا يشاهدها أحد. كما أن قراءة بسيطة لما تنشره، تجعل المرء يكتشف أن الذين يدبجون ما تروجه لا يثقون هم ذواتهم في ما يكتبونه، لأنهم يعلمون أنه من إملاء المخابرات التي تنسجه بهدف ترويج الافتراءات التي تتوهمها، حيث لا حجة متينة، ولا قرائن ملموسة، الأمر الذي جعل خطابها خال من أي منطق، أو أي أساس عقلي… فمتى يخجلون؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube