فضاء الخبراءمستجدات

في إفلاس المنظومة الصحية لجنرالات الجزائر

محمد بوبكري

يعيش الشعب الجزائري في المدن والقرى في حالة ضياع كامل، حيث ليست هناك دولة، ولا نظام سياسي، وإنما هناك عصابة تتحكم في الوطن والشعب الجزائريين، ولا تتقن إلا العنف والفساد والنهب، كما أنها تعمل على عرقلة أغراض الجزائريين عوض تلبية حاجاتهم، ما جعل الجزائر تعيش أوضاعا لا تزداد إلا اضطرابا. وقد بلغت الحالة المأساوية للشعب الجزائري مرحلة لم تعد المشكلة فيها فقط قضية حرية وكرامة، بل إن الجزائريين صاروا يعانون من العطش، وانعدام الماء والكهرباء، حيث كلما غاب الماء انعدمت الحياة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الشعب الجزائري يعاني من انقطاع الأوكسيجين عن المستشفيات، ما يعني الفناء، لأن انقطاع الأوكسيجين يترك الناس عرضة للموت، وخصوصا مع استفحال وباء “كورونا” الذي صار يفتك بالشعب الجزائري. ونظرا لحاجة المصابين بهذا الوباء إلى الأوكسيجين، فإن انقطاعه عن المستشفيات يؤدي إلى وفاة المرضى اختناقا. هكذا، فإن الأوكسيجين هو من أولى الأولويات، التي ينبغي توفرها في المستشفيات الجزائرية في هذه الظرفية…
ونظرا لأن محاربة “كورونا” تقتضي النظافة، فإن انقطاع الماء عن الشعب الجزائري يؤدي إلى انعدام النظافة وتفشي النفايات والأزبال في كل الأحياء والمدن، ما قد يزيد من استفحال وباء “كورونا”. كما يؤدي انقطاع الكهرباء عن المستشفيات إلى عدم القدرة على تشغيل أجهزة التنفس الاصطناعي، فلا يستطيع المصابون بهذا الوباء استرجاع أنفاسهم، فيختنقون، ويتوفون جراء ذلك…
تبعا لكل ذلك، صار الشعب الجزائري يعيش أزمة مكعبة، الأمر الذي يعكس صورة “الجزائر الجديدة” التي يروج لها “عبد المجيد تبون” وجنرالاته… ويقول متتبعو الوضع الوبائي بالجزائر من الداخل إنهم لا حظوا عشرات سيارات نقل الأموات تصل إلى مقبرة “العالية” بالجزائر العاصمة، وفسروا ذلك بأن وباء “كورونا” يحصد عددا كبيرا من الأرواح يوميا. كما يؤكدون أن هذا هو حال المقابر في مختلف المدن والقرى الجزائرية، حيث عرفت العديد من الولايات والمدن وعلى رأسها ولاية “سكيكدة” احتجاجات على انقطاع الأوكسيجين عن المستشفيات…
ويعود ذلك إلى أن أوضاع المستشفيات الجزائرية كارثية، حيث لا توجد تجهيزات طبية تكنولوجية، ولا أدوية، ولا أوكسيجين… كما قام ملاحظون في مدينة “مغنية”، بإحصاء 25 حالة وفاة خلال خمس ساعات في يوم واحد، وكان أغلب المتوفين من الشباب. ويعود ذلك إلى انقطاع الأوكسيجين والكهرباء، وانعدام أجهزة التنفس، أو عطالتها أحيانا. هكذا تعمقت نكبة هذه المدينة، لأنها تعاني كثيرا من إغلاق الجنرالات للحدود مع المغرب، حيث تم قطع أرزاق سكانها…
ويؤكد هؤلاء الملاحظون أنه لا يمكن للفئات الاجتماعية المتوسطة أن تنجو من الموت بسبب مع هذا الوباء في الجزائر، لأنه صار مستحيلا تجنب الوفاة، حيث لا يمكن لأفراد هذه الفئة الحصول على الأوكسيجين، إذ يقتضي ذلك السفر إلى الخارج من أجل العلاج، الأمر الذي صار مستحيلا بالنسبة لهم، ما يفيد قضاء سياسة الجنرالات على هذه الفئات الاجتماعية، التي تضمن توازن المجتمع، ما حول المجتمع الجزائري إلى مجتمع تتكون غالبيته من الفقراء. وهذا ما يفسر انفجار المجتمع في وجه حكام الجزائر، ما قد يؤدي إلى رحيلهم.
فمن المسؤول عن انقطاع الأوكسيجين عن المستشفيات؟ طبعا الحكام ومسؤولو إدارتهم هم الجهات المسؤولة عن هذا الانقطاع، حيث يلاحظ الجميع أن هناك سوء تدبير إداري لقطاع الصحة عموما، وللأوكسيجين، خصوصا، ما يتحمل الحكام مسؤوليته سياسيا، لأنهم نهبوا أموال الشعب الجزائري وبذورها في اقتناء الأسلحة وتمويل مليشيات ” البوليساريو”، الأمر الذي أفرغ الخزينة من العملة الصعبة، فأصبح الجنرالات عاجزين عن اقتناء اللقاح المضاد لـ”كوفيد19″، وتوفير الأدوية وأجهزة التنفس الاصطناعي، والأوكسيجين، فتركوا الشعب الجزائري يعاني مع هذا الوباء، الأمر الذي صار فضيحة مدوية في جميع أنحاء المعمور، لأن الجنرالات صاروا يتسولون اللقاح من مختلف الدول والمنظمات الدولية، فأصبح الجميع يدرك أن الجنرالات لا وطنية لهم، ولا غيرة لهم على الشعب الجزائري، لأنهم ماضون في نهب خيراته ، بدون شفقة، ولا رحمة. ويقول خبراء جزائريون إن ثمن طائرة حربية واحدة يمكن أن تشيد مجموعة من وحدات إنتاج الأوكسيجين، التي يمكن أن تغطي حاجات المستشفيات الجزائرية كلها. وهذا ما يؤكد سوء تدبير الجنرالات، لأنهم يفتقرون إلى بعد النظر، ولا يمتلكون ملكة التوقع، التي هي عماد تدبير الشأن العام، حيث لا يستطيعون التنبؤ بما سيحدث غدا، فصاروا عاجزين عن التطوير المسبق لسيناريوهات الحلول، وغرقت الجزائر في العديد من المشكلات الخانقة…
كما لاحظ بعض المتتبعين بولاية “بومرداس” أن الأوكسيجين موجود بالمستشفيات، لكنهم لا يستطيعون أن يمدوا به المصابين بهذا الوباء، لأن المستشفيات تفتقر إلى المعدات التقنية التي تمكن من ذلك، أو بسبب انقطاع الكهرباء الذي يحول دون تشغيل هذه المعدات…
وما زاد الوضع الوبائي استفحالا هو أن المدن الجزائرية قد تحولت إلى مطارح للنفايات، وحرارة الصيف جعلت الوضعية الصحية تزداد سوءا، حيث تفوح روائح كريهة من هذه المطارح، التي تحولت إلى بؤر تساهم بشكل كبير في تفشي هذا الوباء. هكذا، فإن انعدام النظافة وانقطاع الماء، وتراكم الأزبال في الشوارع، قد عمق الأزمة الوبائية في الجزائر. لكن على من تقع مسؤولية ذلك؟ إن المسؤولية سياسية والإدارية، حيث على المسؤولين السياسيين تطبيق القانون وتغريم كل من يخل بواجبه ومعاقبته. هكذا تفرض علينا الأسئلة الآتية ذاتها: لماذا يتم تغريم شباب الحراك الشعبي الذين يطالبون بحقوقهم سلميا؟ ولماذا يتم توظيف جهاز القضاء ضدهم؟ ألا يتم توظيف قضاء الجنرالات من أجل ترهيب أحرار الجزائر؟ ألا يعاقب القضاء من يطالبون بالحرية ومختلف الحقوق…؟ ولماذا لا يعاقب من يخلون بواجباتهم، ومن يمارسون النهب والفساد؟ ولماذا لا يعاقب أعضاء المخابرات الذين يغتصبون جنسيا الكبار والقاصرين؟ ألم تتحول المدن الجزائرية إلى مزابل كبيرة تجعل وباء “كورونا” مستشرية فيها؟ ألا يعيش الجنرالات الذين يستعمرون الجزائر في “مستوطنات” خاصة بهم تقع في ضواحي العاصمة، تتوفر فيها مسابح وحدائق وكل شروط الراحة، وكل ما يمكنهم من رغد العيش؟ ألا تقيهم هذه “المستوطنات” من شر هذا الوباء، الذي يفتك بالشعب في كل وقت وحين؟
و إذاكان قد سبق لـ”تبون” أن صرح، بعنترية الجاهلية قائلا: “إن المنظومة الصحية الجزائرية هي أفضل منظومة صحية في القارة الإفريقية، أحب من أحب وكره من كره”، وأضاف إلى ذلك لا حقا إن الجزائر استطاعت القضاء على وباء “كورونا” بنجاعة أفضل من نجاعة الدول العظمى ذاتها، فلماذا يتسول جنرالات الجزائر اللقاح من الدول العظمى ومختلف المنظمات الدولية؟ ولماذا يذهب حكام الجزائر للعلاج في الخارج على حساب أموال الشعب الجزائري؟ لقد سبق أن أعلن حكام الجزائر أنهم سيصبحون أول بلد إفريقي ينتج اللقاحات المضادة لهذا الوباء، لكنهم نهبوا كل شيء حتى أنهم أصبحوا عاجزين عن تجهيز مستشفيات الجزائر بالأوكسجين والأدوية وأجهزة التنفس الاصطناعي. لقد باتوا غير قادرين على اقتناء أي شيء من الخارج، لأنهم نهبوا العملة الصعبة كلها، وهربوها إلى الخارج….
وتجدر الإشارة إلى أن جريدة “لوموند” الفرنسية قد نشرت مؤخرا تغطية للوضعية الوبائية في الجزائر، فنشرت أن الجزائر غارقة في مستنقع “كورونا”، لأن أمواجا بشرية تذهب إلى مستشفيات الجزائر يوميا بحثا عن العلاج من هذا الوباء. وأضافت هذه الجريدة أن الإحصائيات التي تنشرها السلطة الجزائرية حول عدد الإصابات الجديدة والوفيات بسبب هذا الوباء هي أرقام خاطئة، لا تعكس حقيقة الوضع الوبائي، إذ ينبغي ضربها في ثلاثين للحصول على الرقم الحقيقي لعدد الإصابات الجديدة وكذا لعدد الوفيات، ما يفيد أن حكام الجزائر مستمرون في كذبهم، لأنهم يخافون من أن يكتشف الشعب الجزائري حقيقتهم، وينتفض ضدهم، حيث إنهم يكذبون كما يتنفسون؛ فالواقع عنيد يدحض ادعاءاتهم في كل مرة. وهذا ما جعل الشعب الجزائري يناهضهم، لأنه يرفض أن يؤمنهم على مستقبل البلاد والشعب معا؛ لقد صار يدرك جيدا أنهم أصل الخراب، فأصبح يطالب برحيلهم…
وأخيرا، أتمنى للشعب الجزائري الشقيق الشفاء العاجل والتمكن من بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وأنني أتمنى للبشرية جمعاء التخلص من هذا الوباء الفتاك، والتمكن من استتباب الأمن والسلام والازدهار في جميع أنحاء المعمور…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube