ثقافة وفنونمستجدات

معرض “لمنار” يضيء عوالم الفن المعاصر بطنجة

معرض لمنار برواق كنت طنجة مستمر الى غاية نهاية شهر شتنبر 2021

منير الفاطمي،فيديو ارت ،مقدم داخل رواق كنت ، تصوير  © عزيز اسعود

نص كاتالوغ المعرض ، عمر سعدون مفوض المعرض

       لم يكن اختيار هذا العنوان أمرا خاضعا لدواعي الصدفة أو الاعتباطية؛ ذلك أن اختياره جاء نتيجة تأمل عميق في تاريخ التجربة التي قطعها الفن المعاصر بالمغرب، وفي مجمل المواقع التشكيلية التي أدت إلى تعزيزه في نسق الإنتاج الجمالي، فالمنار يأتي _ هنا _ كتحديد وانتخاب لمجموعة من الفنانات والفنانين الذين قادهم ميولهم الفنيّ إلى جرأة تجاوز تقاليد الأسلاف طمعا في بلوغ إنتاج يجعل من أعمالهم الفنية منارةً للأجيال المتعاقبة. هذا دون أن نغفل أن مسألة اختيار العنوان تتصل أيضا برقعة جغرافية في بالغ الأهمية؛ حيث يقام هذا المعرض الفني بمدينة طنجة بوصفها منارةَ العبور والسفر من وإلى إفريقيا.

       إن معرض “المنار” يتغيا استضافةَ أبرز الأسماء الفنية المغربية الرائدة في الفن المعاصر، التي أمست أعمالها البصرية بمثابة منار يفصل بين حقبتي الفن المغربي الحديث والفن المغربي المعاصر، نتحدث _هنا_ عن الفنان عبد الكريم الوزاني، والباتول السحيمي، وفوزي لعتيريس، إضافة إلى الفنانة كنزة بنجلون، ومنير الفاطمي، هؤلاء هم منْ قادوا وقُدْن الفنَّ المغربيّ إلى تأسيس هوية بصرية قائمة على الجرأة، وتكسير الحدود، وتجاوز سياجات القواعد الصماء؛ فإبداع العمل الفني المعاصر بالمغرب قبل ثلاثة عقود _ وفي ظلّ أوضاع تحتفي بالحوامل الكلاسيكية _ كان أمرا يستدعي _ في الحقيقة _ نوعا خاصا من الجرأة التي تُبدع بمنأىً عن أي التفاتة إلى الخلف؛ أقصد العودة إلى التراث الاستطيقي الذي تم إرساه وترسيخه في مدرسة الفن المغربي الحديث، وإن كان هذا الأخير بنيةً أولية مهدت الطريق أمام ميلاد الفنون المعاصرة بالمغرب.

     لعل طبيعة العرض في هذا المحفل الفني ستكون ذا منحى بصريٍّ جماليٍّ غنيٍّ بالأشكال الفنية التي تحتفي بالمغايرة، وتبتعد كلّ البعد عن الوقوع في المطابقة، فبيْن النحت المعاصر والتنصيب وفن الفيديو والصباغة المعاصرة سيجد المتلقين أنفسهم في فضاء فنيّ، يجسّد تلك العلاقة المثلى التي تجمع بين الفن المعاصر والرغبة الجامحة في ابتكار أشكال تصدح بمحتويات ودلالات متضاربة، أشكال تؤسس لماهية بصرية تتماس مع كلّ ما يرتبط بالقضايا والقيم الكونية؛ أي تلك القضايا التي تقيم وزنا للإنسان والإنسانية قبل أن تنغمس في اعتبارات الذاتية الفجة والآفاق الضيقة، فكلّ من أعمال الفنان عبد الكريم الوزاني والباتول السحيمي وفوزي لعتيريس وكنزة بنجلون ومنير الفاطمي سترسم معالم السفر الجمالي في الزمن والجغرافيا والجسد والسياسية؛ وهو ما يشي بأنها أعمال تتسم بتنوع المنطلقات الجمالية وتعدد المحتويات الدلالية، لكن يظل الجامع المانع الذي يصل بينها هو تقاطعها في نزعات المعاصرة، وما تقتضيه أسس ما بعد الحداثة من تنويع وتجريب سواء في المواد أو الأشكال أو الأصناف الفنية. وهو ما يجعلنا نقول إنها أشكال ستضمن للزوار وعموم المشاهدين والمتلقين متعةَ التفاعل والعبور في الاختلاف، والإقامة في مناراته الجمالية النابضة بالإبداع والخلق والابتكار.

عمر سعدون

فنان بصري و باحث في الفنون المعاصرة

براق ابن بطوطة،فوزي لعتيريس
كنزة بنجلون،افريقيا تسانو
تنصيب،المنيوم تقطيع بالايزر 97x93x2سم قاعدة خشبية و صندوق نقود
الفنانة باتول السحيمي تتوسط زوار المعرض
روز من سلسة  نساء،عمل جديد للمبدعة باتول السحيمي

رواق كنت، جانب من الحضور  ، بطنجة،
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube