مقالات الرأي

رسالة إلى اليساري م. ع، المتعاون لدى شبكة الاستخبارات المغربيّة بأوروبا

-منير الكرودي- الولايات المتحدة الأمريكية

أحيانا تكون الضريبة التي يتحتم أن يؤديها الإنسان المبدئي مقابل التباث على الموقف باهضة جدا، خصوصا عندما تتمزق الأواصر الأسرية و علاقات الدم والنسب, بسبب الفكرة. ليست المرة الأولى في التاريخ الإنساني التي يقف فيها إخوة الدم على مشارف خنادق الوغى الدامية. حيث العداء أشد بأسا والشعور بالغذر و الخيانة لا يمكن أن يغتفر.
هذه الرسالة التي وجهها الصديق منير الكرودي إلى أحد أفراد أسرته بعد أن نفذ صبره و تهاوت مقدرته على احتمال امتهان قريبه فنون الخيانة و الغذر و الوشاية و التأمر على حركة مجتمعية نبيلة صدحت حناجرها الريفية بشعارات تحلم بقيام الدولة الإجتماعية التي تضمن الكرامة و العدالة الإجتماعية و توفر الخدمات الأساسية لمواطينها. الحراك الذي أرغم الدولة أن تزج بالبعض في غياهب السجون في محاولة يائسة وبائسة لإخفاء عوراتها التي بدت للعيان بالداخل و الخارج وإذ بمسرحية المصالحة و الإنصاف تتهاوى في عهد جديد أضحى أوهى من بيت عنكبوت.
كان الزمن في الريف يتأوه تحت وطأة الحصار و العسكرة و مسرحيات المحاكمات الصورية، في نفس الوقت الذي اجتهدت خلاله الأجهزة في قطع حبل الوريد بمقص صدء، المقص الذي أريد له أن يجهض كل ما من شأنه أن يوحد شمل الحراك بالداخل و الخارج، ذاك الخارج الذي يرعب الدولة و يؤرقها لأنه منفلت من مخالبها الوهنة.
سبق للرسالة أن نشرت بأحد المواقع الذي لم يستطع مقاومة الضغوطات بحسب كاتبها، ليقدم الموقع على حذفها بعد ساعتين فقط إرضاء لبعض النافذين.
الأستاذ منير الكرودي، ذلك المناضل الصامت و المؤدب و الشاهد على الكثير من الفضاعات و المماراسات سواء خلال المرحلة التي عرفت خروج حركة 20 فبراير و المضطلع على بعض خبايا الإتفاقات التي كانت تبرم هنا وهناك لتبقى الحركة داخل دائرة رضا السلطة و مخططاتها، أو عندما تعلق الأمر بمؤمرات منتديات أسست بالشمال بمباركة ثلة من النافذين الريفيين بالرباط لإقتسام ريع الجهات الشمالية التاريخية و إجهاض الحراك الريفي والزج ببعض من نشطائه في سجون النظام تأجيجا للوضع و إنذرا بتغول العهد الجديد و طغيانه أو ربما استعدادا لإنتقال جديد بنكهة الإستجابة لمطالب اجتماعية كعنوان أخر لعهد جديد ـ قديم تراهن فيه الدولة على الزمن بينما تضيع أجيال مكلومة بتأدية أثمان باهضة وكأنهم رفعوا شعارات ثورة جذرية بينما يتعلق الأمر بفاتورة الكهرباء و مستشفى و جامعة.
منير يعدنا بالخوض في تفاصيل الكثير من القضايا عبر مقالات قادمة لتنوير الرأي العام الريفي أولا والوطني بشكل عام لتتضح لنا ـ ربما ـ الصورة ونتمكن من تحديد منابع التلاعبات بمصائر المواطنين الكرماء. فالبرغم من مغادرته لأرض الوطن و استقراره بالمهجر أو المنفى الإختياري كما يسميه، فإن لعنات المتابعة لازالت تلاحقه حتى بعد اتخاذه قرار عدم الخوض مجددا في مواضيع مرتبطة بالموضوع، لكن، هيهات … هيهات أن تترك و أنت تملك أيها الرفيق بعضا من المعطيات و الكثير من الأسماء التي لا تزال متربعة على عرش النضال كذبا وزورا.

ابن الخالة المحترم جدّا، اليساري م. ع، المتعاون لدى شبكة المخبرين الموزّعين على أروبّا خدمة للنّظام السّياسي المغربي، وعضو لجنة محسن فكري بروكسيل في الحراك الرّيفي، إنّ الدّمع ليتحجّر في المُقل، والدّم ليتجمّد في العروق، والكلمات لتتحشرج في الحلق وأنا أحاول أن أخطّ إليك هذه الكلمات جزافًا ومجازفة، وأنا أستحضر بين عينيّ كل أفراد العائلة، يؤسفني أن أكون ذلك الطّفل الأرعن الذي نطق بالحقيقة التي لم يقوى على نُطقها أحد لمّا صاح “إنّ الإمبراطور لا يرتدي أيّ ملابس على الإطلاق..!”..

ابن الخالة، م. ع، المحترم جدّا، المحترم قبل أن تسقط عنك صفة الإحترام الواجب لشخصك، وتفقد ذاك التّقدير المبجّل لمكانتك داخل العائلة، لم تعد تشفع لك تلك البراءة الطّفوليّة المنسدلة على وجهك، ولا تلك الطّيبة المصطنعة في تصرّفاتك، ولا ذاك الطّفل الغرير المغرّر به.. كنتَ إلى وقت قريب إنسانًا يعلو فوق الشّبهات، إنساناً تجافيه كلّ الشّكوك، إلى أن جلست إلى طاولة النّرد تلك المشؤومة، وأنا لا أشكّ في جهلك أبدا أنّك حينها غمست يدك في دم خنزير، وعدت مادًّا يدك إلينا بالسّلام، سلاماً من إبليس في جُبّة إلاه إنسيّ، تتلو علينا من كتاب “وصايا” ما شاء الله من الوصايا، حتى اختلطت عليك “القداسة بالدّناسة”، وتشابه عليك “النّضال بالتّديّث”، كما تشابه البقر على بني إسرائيل، فتمخترت في طريقك الذي رسمه لك غيرك مثل ديك روميّ بريش طاووس، فكان سهلاً عليك أن تسير بخطى ثابتة إلى السّقوط في حضن شبكة المخبرين المنتشرين في أوروبا خدمة للدّولة المغربيّة في مراقبتها لسكنات وتحرّكات الرّيفيّين بالخارج..

ابن الخالة، م. ع، هل لي بقليل من رحابة صدرك، وجميل صبرك، أن أتجاسرَ على طرح بعض أسئلة حِرْتُ في الإجابة عنها منذ آخر مكالمة لنا.. هل التّديّث إحدى جينات الخريطة الصبغيّة المحدّدة لصفات الإنسان، خِلقيّة كانت أم خُلقيّة.. هل هذه الجينات تنتقل بالوراثة.. إن كانت كذلك فهي أكيد ليست من جهتنا.. هل جينات التّديّث تتولّد في الخريطة الصّبغيّة للإنسان بالرّفقة أم بالتّلقين الإيديولوجي.. هل التّديّث لعنة أم وباء.. أم هو اجتهاد شخصي.. حقيقة ستبقى هذه الأسئلة لغزًا محيّرا لي، رغم أنّي إلى وقت قريب كنت أعتبره اختيّارا حرّا ناتجا عن إرادة حرّة، يتولّد عن هذا الإختيّار الحرّ مسؤوليّة كنت مستعدّا أن أدافع عن هذا الإختيّار المسؤول إلى أبعد الحدود، وقد فعلت، ونادم على ذلك حتى أَصْدُقك القول، وقد أقنعتني تجربتك الحياتيّة فعلا، الدّيوثيّة ليست منهج حياة، مهما اجتهدنا في إلباسها ثوب الحداثة، وحياة الذّل لا تُستحقّ أن تُعاش، مهما حاولنا أن نجد لها من أعذار..

ابن الخالة، م. ع، يحضرني في قليل المكالمات التي كنّا نجريها سابقا، على قلّتها، قبل أن تسقط الأقنعة، أو بالأحرى قبل أن أسقطها عنك بقليل من الحيلة، وبقليل من الصّبر، كيف كنت جرّيئا جدًّا، ورجل مبادئ ومواقف، رجل ثبات عند الإقدام، أن تخبرني بأنّ المخابرات قد وضعت أفعى سامة في بيتك، وفي سريرك، تفتّش في أغراضك، تعدّ عنك التّقارير، وقد ضبطتها أكثر من مرّة.. أكيد نسيت نصيحتي آنذاك.. استغربت أن تستشيرني في أمور كنت قد حسمت فيها مسبقًا، وهو الأمر الذي كان، أعلنت الزّواج، ورفعت شعار “عرس من داخل الحراك”.. لكنّ الغريب أن تدعوني لهذا العرس النّضالي، وأنت تعلم موقفي من بعض أصدقائك الجبناء الذين كانوا لا يقوون على النّقاش، ولا حتى على الرّد، بل كانوا يفرّون فرار الفئران من أيّ نقاش، فكانوا يكيلون لي السباب من داخل حسابات فايسبوكية مستعارة كنت تتربّع على عرش قائمة أصدقائها، دون أن تحرّك ساكنا، هذا قبل أن أكتشف يدك الطّولى في هذا العمل الجبان، وكنت تجتهد في اختباري إن كنت أعلم مَن هؤلاء، كنت أستحيي منك، أذكر لك أسماء رفاقك في النّضال، وأستثنيك أنت، رأفة بك، لقد غابت عنك قاعدة “صديق عدوّك.. هو عدوّ”..

ابن الخالة، م. ع، كم كان صعبا عليّ أن أدرك مدى حساسيتك فِي النّقاش عندما كنت تستدرجني في الكلام عمدا متعمّدا، وكنت أجاريك بغباء مصطنع، لكن بمعطيات تعلم يقينًا صحّتها، فلا أنت تنكرها، ولا أنت تقرّها، تمتعض وتخفي انفعالك وغضبك، كنت أخبرك، بالكثير من الإستمتاع الممزوج بالألم، بخيّانة الرّفاق لقضايا الشّعب عامّة، وللرّيف خاصّة، أخبرك بأحداث ومواقف باعوا فيها إخوانهم وقدّموهم للجلاّد، أخبرك بما تقاضوه عن الخيّانة، وبما استفادوا به من الرّيع، أخبرك بمخطّطاتهم الجبانة، وبتاريخهم المليئ بالغدر والمؤامرات ضد الشّعب خدمة لأجندة النظام السّياسي المغربي، وهذا لأنهم يشتركون معه في بعض شرعيّته المؤسّسَة على العروبة، ومن هذا المنطلق يقع على عاتقهم واجب حمايته.. لكن كان أكثر ما يغيضك، عندما أَحُطّ من شأن رموزك وقيّاديّيك، وأرميهم بالجهل وأميّة المتعلّم المنغرسة في ثنايا ذواتهم، وأمعن تشفيّا عندما أقول لك إنّ بطن المتعلّم الجائع قلمه مأجور، وعقله خربة مهجورة إلاّ من المشرّدين يقضون فيها حوائجهم البيولوجيّة الطّبيعيّة.. كيف لا أفعل ذلك، وأغلبهم لا يستطيع تركيب معنى واحد صحيح على جملة مفيدة خاليّة من الأخطاء الإملائيّة والنّحويّة، ورغم أنّك حاولت عبثًا أن تدافع عنهم بما استحضَرَتْهُ قريحتُك من ثقافة، وبما استجمعتَهُ من علم منفلت الأركان، والمضحك المبكي في الأمر أَنّكُم أطلقتم عليهم وصف “الحكماء والعقلاء”، كيف لا تفعلون، وأنتم تصدّقون أنفسكم أَنّكُم حُزْتُمْ مجامع العلم والمعرفة في غطرسة وعجرفة المتعالي الفارغ..

ابن الخالة، م. ع، يؤسفي، وأسفي نابع من عميق الشفقة على ما آل إليه حالك، أن أخبرك أنّك تعتبر نفسك زعيمهم وقائدهم.. كيف لا، وأنت تبني لهم منزلًا ريفيّا “ثادارت ناريف” لتجمع شملهم، وتلمّ تشتّتهم، وأعتقد أنك على علم ببعض التّاريخ الإسلامي، وتعلم يقينًا ما اقتسمه معشر الأنصار مع معشر المهاجرين، الزّاد والفراش، والرّيفيّين من طينتكم يشابهونهم في ذات الصّفات، كما في ذات الأفعال.. على الأقلّ هذا ما أخبرتني به عن زعامتك، وعن قيّادتك الفذّة، وبالدّقّة، وكما قلت، أنّك الأكثر تمكّنا من اللّغة الفرنسيّة، وهذا أشهد لك به، ولقدرتك التّواصليّة مع الهيآت والمؤسّسات الأوربيّة، وللعلاقات التي نسجت خيوطها.. للأسف هذه الكفاءة استُعملت لفرملة الحراك الرّيفي في أوروبّا، وقطع الطّريق أمامه، تلقّيتم الأوامر فكنتم على أهبة الإستعداد للتّنفيذ، لكي تمثّلوا الحراك الرّيفي في أوروبّا بما يخدم أجندة الدّولة المغربيَة.. كيف لا، وأنتم من رفع شعار “الرّيف قضيّة وطنيّة” حتى لا يتمّ تدويل القضيّة، وتنفلت الأمور من بين أجهزة الإستخبارات المغربيّة هناك.. كيف لا، وأنتم من رفع شعار “لا لإغراق المعتقلين”، وأنتم تُمْعِنون في إغراقهم، وتقطعون الطّريق عمّن يريد إيصال قضيّتهم إلى المؤسّسات الدّوليّة، بل تتحرّشون بهم عند أيّ خطوة يقومون بها.. كيف لا، وأنتم من نصّبتم وليّا على الحراك من “الجهلاء والدهماء”.. كيف لا، وأنتم من شحذتم سكاكينكم لذبح الحراك الرّيفي في أوروبّا على أنخاب الويسكي في خيمة، بل خيمات، باريس، واستنكرت نقدي اللاّذع عن الحدث بخنوع ممزوج بلا مبالاة مصطنعة، وأيضا رفعتم أنخاب كؤوس الشّاي المنعنع في تلك المقاهي البئيسة التي دعوتني إليها، تشهد على فترة هتلر لمّا شدّ الزحف العسكري إلى أوروبّا.. كيف لا..

ابن الخالة، م. ع، وأنا أسترسل في كتابتي لك، أرجو أن لا تأخذها على محمل العداء المستبط المستكين في صمت كعادتك، فلا تغرّنك قسوتي، ولا غضبي، فأنا لا أبطن لك أيّ عداء من أيّ نوع كان، ولست هنا بصدد الإنتقام منك بما أتيته من أفعال مشينة في حقّي، وفي شرفي، فأنا أعلم جيّدا كم يحرجك كلامي ونقاشي الحاد، وأعلم مدى رهافة مشاعرك، وأعلم كم من مرّة جرحت فيها أحاسيسك، فأنت والحقّ يقال، رجل حسّاس، والحسّاس هنا بالمعنى المتعارف عليه في الرّيف الغربي.. واعذرني مجدّدا، فقد غفلت عن بعض الأسئلة لا أريد أن أنهي رسالتي دون تضمينها.. وأنت ضمن شبكة المتعاونين مع المخبرين المتمخضّة عن اجتماع عقد بإحدى العواصم الأوروبيّة، بإنشاء فيلق إلكتروني، أسميتموه “الذّباب الإلكتروني”، مهمّته خلق حسابات فايسبوكية وهميَّة للإيقاع بكلّ من يخالفكم الرأي، أو على الأقلّ، يفضحكم، ويعرّي عن مخطّطاتكم، ويعترض مشاريعكم، يساندكم فيها بعض الهاكرز المبتدئين الموضوعين رهن إشارتكم، انقسمتم إلى فريق للسّبّ والشّتم، وفريق للإغراء والإغواء.. هل كانت زوجتك المصون ضمن فريق الإغراء والإغواء المسلّط عليّ، أم كانت في الإعداد دون التّنفيذ، هل مازالت العضو الصّامت بأسمائها المستعارة في مجموعات الواتساب للتّجسّس.. اعذر سؤالي فقد أكون قد قلّلت عليها حيائي بلغة أو فعل اغترفته من معجمكم الواطي دون قصد، وأنا هنا بصدد الاعتذار، وطلب الصّفح.. الاعتذار من شيّم الرّجال، والهروب للأمام من شيّم المناضل اليساري التّقدمي الحداثي..

ابن الخالة، م. ع، أطلت عليك الحديث، كما لم أطله عليك في محادثاتنا السّابقة، أعلم ميلك للصمت والاقتضاب، شأنك شأن من تمرّس في فنّ الوشاية، والوشاية هنا فعل مبتدأ يتعلّم كيف يصبح واشيّا عظيما في حضن عائلته قبل أن ينطلق إلى خارج الفضاء العائلي، لكنّ رغم ذلك فأنت سريع التّعلّم، فلا خوف عليك ولا هم يحزنون.. استنتجت هذا لما طلبت منك التّقرير الذّي أعدّته الجمعيّة المغربيّة لحقوق الإنسان، بالمناسبة تعتبر عضوا نشيطا في هذا الإطار العتيد بأوروبا، فقلت “لا يمكنني فعل ذلك قبل أنّ أستشير المكتب المركزي في الرّباط”، أعتقد أنّ تقارير الجمعيّة يغلب عليها طابع السّريّة، ويغلب عليها طابع التّوازنات والحسابات السيّاسيّة، أو بالأحرى، يغلب عليها طابع المصالح، مصالح القيّادات طبعا.. أكملنا الحوار في ما بعد عن الخطوات التي قمتم بها لصالح الرّيف في المنتظم الدّولي.. لاحظت حينها أنّك مازلت لا تفرّق جيّدا متى يجب أنّ تسترسل في ما لقّنوك من أكاذيب جاهزة للدّهماء، ومتى يجب أن تسكت عندما يتعلّق الأمر بمن يدرك دهاليز اللّعبة القذرة التي تلعبونها، وتكرّرونها دون ملل في أيّ حراك جماهيري.. استوقفتك، بل حاصرتك بأسئلة واقعيّة، من قبيل، ماذا فعلتم في الدّيبلوماسيّة الموازيّة.. ماذا فعلتم بكلّ علاقاتكم مع تنظيمات دوليّة.. ماذا فعلتم على مستوى الاتّفاقيّات والشّراكات في قضيّة الرّيف.. ماذا فعلت مع البرلمان الأوروبي ومنظّمة الأمم المتّحدة.. غير أَنّكُم سوّقتم لاجتماعات في قاعات البرلمان الأوروبي، وهيأة الأمم المتّحدة، أنها رسميَة وجادّة، وليست اجتماعات في ما بينكم، استغللتم فيها القاعة بموجب طلب استغلال القاعة، وفي أحسن الظروف استدعيتهم شركاءكم من أحزاب صغيرة غير مأثّرة لتستكملوا بهم تمثيليّتكم الهزيلة الإخراج، وليسوقّوا هم بكم لانتخاباتهم المحليّة، فغرّرتم بالرّيفيّين تغريرا لتُودِعُوهم زنازين المحتلّ الغاصب.. أُطبق الصّمت على النّقاش..

ابن الخالة، م. ع، أفكار كثيرة تتدافع في ذهني تريد الانسلال إلى قلمي، لكنّي لست أدري لما أستحضر فجأة، وفي هذه اللّحظة، كيف تُدرّب الكلاب البوليسيّة، لا أعتقد أنّ لك بها علم.. هل تعلم بأنّ تدريبها يتماثل مع تدريب المجنّدين من الواشين والمتعاونين والمخبرين.. لكن صدقا، لست أدري من أين أستقي يقيني هذا بأنّ تعليم المناضل اليساري أبجديّات الخيّانة أسهل من تدريب الكلاب.. ولست أدري لما هو تدريب الكلاب مكلِّف على تدريب المناضل اليساري.. هل هذا راجع إلى الإستعداد الفطري للمناضل اليساري للتدريب الكلبي.. ولكنّ للشّهادة، المناضل التّقدّميّ الحداثي فاق الكلاب البوليسيّة في الشّمشمة، وفي الكثير من الأحيان في العضّ.. اجتهدتم أكثر، بل تفوّقتم على الكلاب، فأضفتم باجتهادكم الشّخصي، تدريبا مُضْنِيّا في القِوادة حتى فُقْتُم كلّ القوّادات في تاريخ القِوادة، وهذا يحسب لكم.. لست خبيرا في تدريب الكلاب، لكن ربّما هذا راجع لكوني في فترة ما، كنت أعتقد نفسي ضمن صفوف المناضلين قبل أن أكتشف أنّني ضمن قطيع كلاب مدرّبة.. ربّما من هنا أستقي هذه المقارنة.. مع كامل احترامي للكلاب، فهي تعرف جيدا معنى الوفاء والإخلاص، خصوصا المدرّبة منها.. أرجو من المناضل التّقدّمي الحداثي اليساري أن يتعلّم من الكلاب دون اجتهاد شخصي، كما يجب أن يتعلّم من الخنزير غيرته القاتلة على شرفه..

ابن الخالة، م. ع، اعذر مروري وتجسّري على رفع كلّ حواجز قواعد الإحترام بيننا، اليوم وليس قبلا.. فقد دفعتني إلى أن أنزع عنّي كل الرّوابط العائليّة دفعا، وأقطع ما تبقّى من قطرات الدّم الجامعة بيننا، وهو أمر ليس بالهيّن عليّ طبعا.. وإلى حدود تسطير فواصل خواتم الكلام هذا، أهمس في أذنك، لا يشرّفني أن تكون فردًا من العائلة.. لا يشرّفني أن تربطني علاقات دم بشخص مثلك اختار الاصطفاف إلى جانب خونة الرّيف.. أستودعكم الله على سيل من التّضامن والمؤازرة المتدفّق من رفاق النّضال، وأترك لك تلك الفظاعات الإجتماعيّة، عفوا فضاءات التّواصل الاجتماعي، لكي تلعب وتلهو فيها بتلك الحركات الصّبيانيّة..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube