أحمد رباص – حرة بريس
دعا يوم أمس الجمعة الفيلسوف وعالم الاجتماع إدغار موران البشرية إلى “إدراك” جميع الأخطار التي تهدد وجودها: الأسلحة النووية والأزمة البيئية ووباء كوفيد -19.
قال هذا المفكر الذي أقامت له اليونسكو حفل تكريم في باريس، قبل ستة أيام من عيد ميلاده المائة، “إنها ليست نبوءة، بل تحذير”.
تحدث إدغار موران دون رؤوس أقلام أو تردد لأكثر من 45 دقيقة، وعاد أولاً إلى “سيرة” فكره منذ دراسته في ظل الحرب العالمية الثانية، قبل أن يشرح بالتفصيل إحدى السمات التي أذهلته كثيرا في الفترة التي نعيش فيه.
إنه يرى فيها تراكما للتهديدات، منذ اختراع القنبلة الذرية عام 1945، وأزمة تدمير النظم البيئية التي وصفت لأول مرة بشكل نظامي في عام 1972، وطموح “ما بعد الإنسانية”، لإنسان “معزز”، منذ سنوات ثمانينيات القرن الماضي، ووباء كوفيد -19 العالمي منذ عام 2020.
وفقا للفيلسوف الفرنسي، “بدلًا من خلق وعي مجتمعي بمصير الإنسان في مواجهة الخطر النووي والخطر الاقتصادي، وحتى في مواجهة هذه الهيمنة، هذا الغزو للربح (المكتسح) للكوكب بأسره. هناك على العكس من ذلك تراجع الثقافات عن ذاتها، ميل إلى الانغلاق.”
وشدد على أن “الاعتمادات المتبادلة التقنية والاقتصادية لم تخلق أي تضامن، وهو ما أثبتته أزمة الفيروس منذ البداية، حيث انغلقت كل دولة على نفسها، وأحيانا عن حق، واكتشفت أنها لا تملك الوسائل الصيدلانية، والإمكانيات الصحية”.
وأشار إدغار موران إلى أن هذا الوباء هو “أزمة عملاقة لم تنته بعد، وتخلق باستمرار شكوكا جديدة”.
وقال إنه قلق للغاية بشأن التأثير المتزايد للعلم والتكنولوجيا على حياة الإنسان: “العلماء عميان عن أنفسهم (…) عن مغامرة العلم، التي تفلت من أي سيطرة عقلانية في الوقت الحاضر، على وجه الخصوص، منذ إطلاق العنان للطاقة الذرية، لعلم الوراثة”.كما ندد بظهور “مجتمع مراقبة وخضوع يمكن اعتباره كليانية جديدة” في البلدان غير الديمقراطية، بما فيها الصين.
“هل ستستمر كل هذه الظواهر الارتدادية؟ المستقبل لا يزال ملغزا، لأن لديك في نفس الوقت مسار الكارثة البيئية. هل سنوقفها في الوقت المناسب، أم سننجح في التخفيف منها على الاقل؟ المسار النووي (…)، مسار ما بعد الإنسانية (…) التي تجعل هذا الإنسان المعزز مجتمعا مقلقا لأنها هي نفسها، من خلال ترتيب وتنظيم كل شيء، تدمر كل حرية”، يقول شارحا.
وبحسب الفيلسوف، فإن “الوعي الأساسي هو ألا نحلم بمجتمع آخر. بل أن نعرف أننا بصدد مغامرة إنسانية”.
