مستجداتمقالات الرأي

هل يُعاقَب الغيابُ أم الحضورُ؟

أحمد الحطاب

ينصُّ القانون الداخلي لمجلس النواب على وُجُوب حضور النَّائبات و النواب للجلسات العامة. و ينصُّ كذلك هذا القانون على اتخاذ إجراءات في حق النَّائبات و النُّوأب المُتغيِّبين عن هذه الجلسات قد تصل، في حالة تكرار الغياب، إلى اقتطاعات تُخصَمُ من التَّعويضات التي يتقاضاها البرلمانيون شهريا.
غير أن هذه الإجراءات، التي ينصُّ عليها بوضوح القانون الداخلي لمجلس النواب، لم يتم تفعيلُها إلى حد الآن لتبقى مجرَّدَ حبرٍ على ورقٍ لا تَصلُح إلا للتَّباهي بها في المحافل السياسية.
حسب رأيي الشخصي، لا أجد فرقا يُذكر بين حضور النَّائبات و النُّواب في الجلسات العامة و غيابهم عنها. و بعبارة أخرى و دائما حسب رأيي الشخصي، حضور النَّائبات و النواب في الجلسات العامة ليست له قيمة مضافة على الأقل فيما يخص مراقبة العمل الحكومي. فما دامت هذه القيمة المضافة غائبة، فما هي الجدوى من حضور النواب و النائبات في الجلسات العامة؟
و هنا، يبدو لي أنه كان من الأرجح أن تتمَّ محاسبةُ النَّإثبات و النُّواب على حضورهم غير المُجدي و غير المُنتج في الجلسات العامة. خضورٌ ليس له تأثير لا على العمل الحكومي و لا على المشهد السياسي و لا على المواطنين الذين اختاروا هؤلاء النَّائبات و النواب لينوبوا عنهم.
لو افترضنا أنه تمَّ تطبيقُ مبدأ محاسبة الحضور غير المُجدي و غير المُنتِج في الجلسات العامة، لتنيَّن لنا أن البلاد ليست في حاجة إلى هذا العدد الضخم من النَّائبات و النُّواب على الأقل فيما يخصُّ مراقبة العمل الحكومي.
مراقبة عبارة عن تبادل اللَّغط و اللَّغو بدون فائدة. مراقبةٌ عبارة عن مسرحيةٍ أبطالُها النائبات و النواب و الوزراء. مراقبةٌ لا تُغيِّر و لو بقيد أنملة عملَ و سياسةَ الحكومة. و ما دامت لاتُغيِّر شيئا في العمل الحكومي، فلا وقعَ لها على حياة المواطنين علما أن هذه المراقبة، منطقيا، تتمُّ باسم الشعب.
عادةً و انطلاقا من ما ينصُّ عليه الدستور، مراقبةُ العمل الحكومي عبارة عن مساطر و وسائل موضوعة رهن إشارة النَّائبات و النُّوأب لمساءلة هذا العمل ليستجيبَ لتطلُّعات و انتظارات المواطنين. فالأمر يتعلَّق إذن بمُساءلة السياسات الحكومية لعلها تصبُّ في الصالح العام و في خدمة المواطنين اجتماعيا، اقتصاديا و ثقافيا.
ما نشاهده على أرضِ واقعِ مراقبةِ العمل الحكومي لا يرقى إلى المستوى الذي يريده و ينتظره المواطنون. و الدليل على ذلك، المشاكل الأساسية التي يعاني منها الشعب لا تزال قائمةً : الفقر، الأمية، الجهل، التهميش الهشاشة، فشل التَّعليم، تدهور قطاع الصحة، و بصفة عامة، غياب الكرامة الإنسانية إصافةً إلى هدرِ المال العام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube