محمد بوبكريمستجدات

محمد بوبكري “في عربدة “عبد المجيد تبون” العبيط”

محمد بوبكري

لقد قامت مؤخرا مجلة “لوبوان Le Point” اليمينية الفرنسية بإجراء حوار مع “عبد المجيد تبون”، وأنجز هذا الحوار الصحفيان الجزائريان “كمال داوود” و”عدلان مدي”، وهما كاتبان وصحفيان جزائريان معروفان. ورغم ما يمكن تقديمه من ملاحظات حول ظروف هذا الاستجواب وملابساته وجوانب ضعفه، والموقف السلبي لهذين الصحفيين من الحراك الشعبي السلمي، حيث كتبا تقديما لهذا الحوار حاولا فيه تلميع صورة “تبون” ونظام الجنرالات، فإن ما أثار انتباهي في هذا الاستجواب هو أن تبون” قد فضح نفسه بنفسه عبر إجابته على السؤال التالي: كيف يمكن لرئيس أن يقوم بإصلاحات سياسية، بدون مساندة أي حزب، ولا بإشراك أي معارضة، ولا بوجود أي مجتمع مدني مستقل، وهو مطوق بإدارة موروثة من عهود النظام السابق؟
لقد تجنب هذان الصحفيان مواجهة “تبون” بأسئلة محرجة مباشرة، ومع ذلك فإن هذا السؤال قد جعله يكشف عن طبيعته وكذبه وفراغه الفكري…، حيث كان جوابه: يمكن أن يكون جزء من الإدارة محايدا في خدمة الناس، لكنه تحول إلى خدمة لوبيات اللصوص. وإذا كان “تبون” يروم تقديم نقد لهذه اللوبيات، فلماذا لم يقم بذلك سابقا؟ ألم يكن في خدمة هذه الجماعات؟ ألم يكن جزءا منها؟ فلماذا يريد التنكر لذلك؟ ألم يكن ينبطح على بطنه أمام كل من “عبد العزيز بوتفليقة” وأخيه “سعيد”؟ ألم يكن عميلا لشركات البناء التركية عندما كان وزيرا للسكنى؟ ألا يدل هذا على فساده؟ وماذا يقول عن “فضيحة الكوكايين”، التي تورط فيه ابنه وزوجته؟ ومتى جهر بصوته ضد هاته اللوبيات؟ ألا تكشف هذه الأسئلة عن تورطه في الفساد ضمن هذه اللوبيات؟…
وفي إطار الجواب على السؤال السابق، قال هذا الشخص: لم أكن مرشحا باسم حزب معين، ولكنني كنت مرشحا باسم المجتمع والشباب، وهما الركيزتان الأساسيتان اللتان أعتمد عليهما. فمن رشحه باسم هذا الشعب؟ ومن طلب منه ذلك؟ وكيف حدث ذلك؟ ألم يرفع الحراك الشعبي شعار: ” تبون مزور، جابوه العسكر” “تبون، الكوكايين”؟ ألا يؤكد كل من هذين الشعارين رفض الشعب والشباب لـ”تبون”؟
وأضاف ” تبون” أنه لا يمثل الطبقة السياسية الحالية؛ فهي لا تمثل الشعب الجزائري، بل إنها لا تمثل تيارات فكرية، لأنه تم بناؤها حول الأشخاص الذين يسيرونها، حيث لا يتجاوز عدد أعضائها ثمانمائة ألف منخرط… لكن ألا يسعى الجنرالات إلى تنظيم الانتخابات بهذه الأحزاب التي ليست لها أية تمثيلية، و لا مشروع ؟ ولماذا تنظيم الانتخابات بهذه الأحزاب التي هي مجرد هياكل فارغة، وبتنسيق مع زعاماتها المنبوذة شعبيا؟ ولما ذا يقوم تبون باستقبال زعاماتها؟ ولماذا يمولها الجنرالات؟ لذلك، فما جدوى هذه الانتخابات؟ وإلى أين يسير الجنرالات بهذا البلد؟ ألا يسيرون به في اتجاه النفق المسدودو انهياره ، حيث إن الشعب الجزائري أعلن عن رفضه لهذه الانتخابات، التي أدرك مسبقا أنها ستكون مزورة، لأنها ستفرز نخبا سياسية عقيمة، بدون أي لون، ولا أفق ولا مشروع ؟…
إضافة إلى ذلك، فقد أعلن “تبون” أن المؤسسات ستستقر بعد الانتخابات المقبلة، وآنذاك سيتم التفكير في تأسيس حزب رئاسي. وهل يمكن تأسيس الأحزاب حسب إرادة ورغبات الأشخاص؟ ألا تبرز الأحزاب نتيجة لتحولات عميقة في المجتمع؟ أليست هناك ظروف تاريخية وراء بروزها؟ ألا تولد الأحزاب استجابة لظروف تاريخية؟ هكذا، ألا يعتقد “تبون” أن الأحزاب تولد بقرار إداري؟…
هكذا يبدو لي أن تبون فارغ فكريا وعبيط، لا يعي اقواله، لأنه لا يمتلك أي خلفية نظرية، ولا أية عدة مفهومية، ما جعله يطلق الكلام على عواهنه بدون أية ضوابط؛ فهو لا يعي الشروط الموضوعية والذاتية التي تؤدي إلى ولادة الأحزاب، حيث يعتقد أن بإمكانه خلق حزب ب “مرسوم رئاسي”… وهذه قمة ” الزلط” الفكري!!
يبدو من كلام هذا الشخص أنه لا يعي أنه لا ديمقراطية بدون تعددية حزبية قادرة على تطوير مشاريع سياسية ومجتمعية.. وهل يمكن تصور نظام ديمقراطي بدون تعددية حزبية؟ وهل يمكن إقامة نظام ديمقراطي بدون معارضة تقوم اعوجاجه؟ ألا يدافع بهذا الكلام عن وضعيته، حيث ليس له أي حزب يسانده؟ هكذا، فإن “تبون” يفضل فقط الأشياء التي تشبهه. فمن كان يعرف تبون” قبل تعيينه “رئيسا” من قبل قائد الأركان الجنرال “القايد صالح”، حيث إن الشعب الجزائري لم يصوت لصالح، بل إن الأغلبية الساحقة، حسب الإحصائيات الرسمية قد قاطعت هذه الانتخابات، ما يؤكد أنه فاقد للشرعية السياسية، وأن العسكر هم الذين فرضوه “رئيسا”، وهم يعملون على انتخاب “برلمان” على صورته… هكذا، فإنه لا يمكن بناء ديمقراطية بمرشحين مستقلين.
علاوة على ذلك، لقد اختلطت الأمور على “تبون” حتى أصبح عاجزا عن التمييز بين الأقلية والأغلبية، فصار يعتبر الأقلية أغلبية والأغلبية أقلية، حيث تؤكد نسب التصويت التي أعلنت عنها الجهات الرسمية أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية السابقة قد شارك فيها أقل من %38 من الكتلة الناخبة، ما يعني أنه قاطعتها نسبة %62 من هذه الكتلة. هكذا صارت الأمور مقلوبة في ذهن “تبون”، ما جعله يقول إن أغلبية الشعب الجزائري قد صوتت عليه، متجاهلا الأرقام الرسمية، رغم ما اعتراها من تزوير من أجل النفخ فيها. ورغم ذلك، فليست “لعبد المجيد “تبون” أية شرعية سياسية، ما جعله مرفوضا من قبل الشعب الجزائري. ونظرا لان هذا الشعب يدرك أن الانتخابات المقبلة ستكون على صورته، لأنه مجرد دمية في يد العسكر الذين صنعوه، فإنه قرر مقاطعتها للحيلولة دون تكرار المهازل التي يخطط لها العسكر، وتتسبب في العديد من المآسي للشعب وللوطن الجزائريين…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube