مجتمعمستجدات

هل تصلح دبلوماسية “اللقاح” ما افسدته أجواء السياسة؟

بقلم: احمد بابا اهل عبيد الله

“باحث في العلوم السياسية العلاقات الدولية”

في ظل الظرفية العالمية الإستثنائية(جائحة كوفيد_19) ،و التي أصبحت فيها الظرفية الصحية متدهورة، و جل سكان المعمورة يعانون من تأثيراتها.

و ما خلفته من تداعيات سلبية على المنظومة الصحية لكل دول العالم ،حتى أن بعد الدول وخاصة النامية و الفقيرة منها ،والمتواجدة في القارة الإفريقية و الآسيوية و أمريكا الجنوبية لم تستطيع مسايرة هذا الوباء وانعكاساته السلبية على المنظومة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية.

من هنا، يمكن القول إن العالم بات يعيش حصار من نوع آخر ،وهذا ما تجلى من خلال حالة الطوارئ العالمية، والتي باتت العرف السائد في معظم دول العالم ،وذلك من أجل الحد من انتشار الوباء وخاصة سلالاته المتحورة ،وهي أكثر فتكا و انتشارا وسط البشرية ،هذا التحول النوعي في الوباء أصبح يهدد العالم بأسره سوى الدول المتقدمة منها أو الفقيرة ،وذلك ماكدته منظمة الصحة عالمية في أخر تقرير لها ،واكدته الاحصائيات المتعلقة برصد تحركات الوباء.

هذا التوجه السلبي للوباء كوفيد_19″،اعطى معطى آخر داخل الساحة السياسية والدولية العالمية ،وهو بروز توجه ومفهوم جديد على الحياة السياسة الدولية، وهو ما يمكن وصفه أو تسميته بدبلوماسية اللقاحات ،هذا التوجه الإيجابي إذا استمر ستكون له تداعيات إيجابية على حياة الملايين من البشر على امتداد الكرة الأرضية ،وهنا نطرح السؤال :هل تنجح دبلوماسية اللقاحات في إنجاح ما أفسدته السياسات الدولية وخاصة على المنظومة الصحية و توزيع اللقاحات ؟

من المعلوم إن العالم عرف ضبابية خلال بداية الجائحة كوفيد 19،بسبب عدم تعاون البلدان في ما بينها ،(حتى منها التي كانت تتواجد داخل تكتلات إقليمية) ،لمواجهة هذا المستجد الصحي مثلا على ذلك الإتحاد الأوروبيالتي أغلقت دولها حدودها على باقي أعضائها بدون مقدمات أو اشعار مسبق.

هذا خلف آراء متباينة بين جل بلدان العالم ،كونها اعتمدت على إمكانياتها الذاتية لمحاربة هذا الوباء المنتشر ،وهذا ما أعطى الانطباع أن الدول باتت محاصرة بسب هذا المستجد، دون أي تعاون دولي يذكر لمكافحة هذا الوباء وهنا طرح السؤال :هل المنتظم الدولي قادر على مواجهة هذا التحديكوفيد_19″، وجميع أعطاه محاصر بالوباء ولايمتلك رؤية جاهزة لمواجهته ؟

هذا السؤل ظل مطروح داخل المشهد السياسي الدولي ،حتى بدأت إعلانات اللقاحات تطرح من قبل الدول والشركات المصنعة له ،هنا أيضا(طرح سؤال آخر وهو هل تستغل الشركات والدول المصنعة الوباء لأغراض إقتصادية؟).هذا الإعلان الإيجابي ادخل العالم في طور آخر لمواجهة الوباء.

لاسيما، وأنه فتح له المجال على المستوى الصحي بالبحث عن اختبار وتصنيع اللقاحات، لكي تواجه بيهم هذا المستجد كوفيد_19″ ،وبالتالي يعطي الآمال للبشرية في حياة جديدة .كل هذا جعل الشركات الكبرى تتسابق من أجل الوصول إلى اللقاح المنشود.

لكن في أخر المطاف، وجدت الدول حالها في مساحة متعددة من انتاج اللقاحات، وخاصة الدول النامية و الفقيرة و الغير منتج اللقاحات والتي تحتاج إلى أموال كثيرة لشراء هذا اللقاحومن أهمها دول القارة الإفريقية.

هذا التحول في إنتاج اللقاح إلى جانب أنه خلق فوارق سلبية لدى الدول الفقيرة، وذلك في عدم قدرتها على شراءه ،اعطى فقرة أخرى للدول الغنية، و التي تستطيع شراء اللقاحات ،لترسم خطط و سيناريوهات مع الدول والشركات المنتجة ،لتكون بذلك السباقة في الحصول عليه والمشاركة في التجارب السريرية ،حتى تتمكن من شراءه في المواعيد المحددة له.

وهذا ظهر جليا خلال أول أيام التطعيم ،التي بدأت بيها بعد الدول لسكانها من أجل الحد من انتشار الوباء، و محاولة التقليص من تداعياته الاقتصادية والإجتماعية على المواطنين.

غير إن الأهم في هذا الاتجاه هو ظهور مبادرات من قبل بعض الدول المصنعة للقاح ،وهي تقوم بإعطاء كميات مهمة من اللقاحات للدول الفقيرة أو التي لا تستطيع شراء الدواء ،وهذا المعطى أعطى دينامية جديدة للعلاقات بين الدول ،واصبحنا أمام مفهوم جديد وهو دبلوماسية اللقاح“.

في الختام ،يمكن القول أن العالم دخل في بلورة مفهوم جديد للعلاقات الدولية، وهو مصطلح دبلوماسية اللقاحات ،لذاك نرى من يسقط في عدم فهم و تنزيل و إعتماد هذا المفهوم على أرض الواقع وفي المجال الدولي، وخاصة مع الدول المنتجة للقاح،سوف يكون معرض للخطر (إقتصاديا و اجتماعيا).

لذلك، العلاقات الدولية في ظل كوفيد 19″، تتجه إلى عدة تغيرات، وسيناريوهات ،اما تداعياتها هي الإطاحة بدول وصعود بأخرى؛ إذا لم تنجح في كبح تداعيات هذا الوباء والحفاظ على تماسكها وسيادتها، وذلك لن يتأتى دون أن تحصل على دواءلمواجهة الوباء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube