محمد بوبكريمستجدات

جنرالات الجزائر وعقدة المغرب

محمد بوبكري


يكاد يجمع المختصون في العلاقات الجزائرية -المغربية أن حكام الجزائر يحقدون على المغرب إلى درجة أنهم يرغبون في تدميره. ويعود ذلك إلى غيرتهم منه، وقدرته على التفوق عليهم في مختلف المجالات. وللبرهنة على ذلك، سأحاول أن أعرض مثالين حديثين: أولهما يتجلى في أن الجامعة العربية قامت مؤخرا باستدعاء المغرب ليكون عضوا في لجنة الدفاع عن القدس والشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة، وكذا في لجنة الوساطة لفض الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. لكن حكام الجزائر، وتعبيرا عن حقدهم على المغرب، لم يهضموا ذلك؛ إذ عبر “وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم”، عن غضبه العارم من عدم استدعاء الجزائر لعضوية هذه اللجنة وإشراكها في لجنة الوساطة لفض الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. ويأتي هذا في الوقت الذي يبيع فيه حكام الجزائر الأوهام للشعب الفلسطيني، ولا يقومون بأية مبادرة ملموسة لصالحه، في حين أن دول المنطقة، ومن ضمنها المغرب، قامت بتقديم مساعدات للشعب الفلسطيني بغية فك الحصار المضروب عليه.
هذا هو الأسلوب الذي اعتاد عليه جنرالات الجزائر، الذين لا يترددون في طعن جيرانهم من الخلف كلما وجدوا فرصة لذلك؛ فقد تحالفوا مع إثيوبيا ضد مصر في قضية “سد النهضة”، كما أنهم تحالفوا مع إسبانيا ضد المغرب في قضية المدينتين المغربيتين السليبتين “سبتة” و”مليلة”. وقبل هذا وذاك فهم من اختلقوا مشكلة الصحراء المغربية، وبددوا أموال الشعب الجزائري تلبية لرغبتهم التوسعية على حساب المغرب ودول الجوار. لقد شكلت “الجامعة العربية” لجنة للدفاع عن القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة، وإطلاق عملية الوساطة لفض الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وتتشكل هذه اللجنة من وفد وزاري يضم في عضويته كلا من العربية السعودية ومصر والأردن وقطر والمغرب. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل كان حكام الجزائر سينفجرون غضبا لو لم يتم اختيار المغرب عضوا في هذه اللجنة؟
الأكيد أنهم لن يفعلوا؛ لأن ما يهمهم هو إقصاء المغرب، ومعاكسته دوما؛ لأنه يشكل عقدتهم التاريخية.
وللتدليل على ما أقول، يكفي أن أقدم مثالا آخر. لقد أصبح المغرب أول بلد مصنع للسيارات في أفريقيا؛ وهو ما جعل هذا القطاع أول مصدر للعملة الصعبة، وذلك على عكس جنرالات الجزائر الذين يعتبرون تصدير الطاقة أول مصدر للعملة الصعبة بالنسبة إليهم. لذلك، خطط المغرب لتصنيع مليون سيارة سنويا. ورغبة في تقليد المغرب ومنافسته في هذا المجال، قرر حكام الجزائر الانخراط في تصنيع السيارات، لكن خطتهم باءت بالفشل؛ إذ “أعلن وزير الاتصال الجزائري عمار بلحيمر” أن مشروع استيراد السيارات وتصنيعها لم يتم على الوجه المطلوب، ما يؤكد اعتراف جنرالات الجزائر بفشلهم في مجال تصنيع السيارات. ويعود ذلك إلى أن التصنيع لا يمكن أن ينجح بدافع التقليد فقط؛ بل يتطلب شروطا تتطلب الإرادة والمعرفة والخيال والصبر والمثابرة. لكن حكام الجزائر أرادوا تحقيق ذلك بسرعة فائقة، ما جعل ذلك مستحيلا، لأن إنجاز هذا المشروع بسرعة ومن باب تقليد الآخر فقط، لا يمكن أن يتكلل بالنجاح. لقد تطلب ذلك من المغرب مجهودا كبيرا وإعمالا للعقل، وقراءة متأنية لتجارب الآخرين، كما اقتضى ذلك منه مدة طويلة وصبرا ومثابرة وعملا دؤوبا. فنجاح هذه المشاريع ليس عملية تتم بين عشية وضحاها، كما لا يمكن أن يكون بالطريقة نفسها التي يعتمدها العطار الذي يخلط بين أعشاب معينة لصنع خلطة معينة… لذلك، فالمنهجية مختلفة بين المغرب وجنرالات الجزائر، لأن هؤلاء أرادوا تصنيع السيارات بسرعة ومن باب التقليد، كما أن هدف المغرب من تصنيع السيارات يختلف تماما عن هدف حكام الجزائر من ذلك؛ فالمغرب انخرط في ذلك من أجل التنمية الاقتصادية للبلاد، أما جنرالات الجزائر، فقد فعلوا ذلك بهدف تقليد المغرب، وبغية ضرب مصالحه. ويؤكد بعض الجزائريين أن فشلهم في ذلك يعود إلى عوامل أخرى قد تكون قد أثرت سلبا في المشروع. لكن يؤكد بعض الخبراء أن السبب الأساس راجع إلى دوافع حكام الجزائر، الذين لاحظ الجميع أن ملفهم الوحيد في الصناعة والتجارة والعلاقات الخارجية هو الإساءة إلى المغرب وضرب مصالحه. وهذه ظاهرة مرضية تكلف الشعب الجزائري ملايير خيالية، ما أدى إلى تفقيره وتجويعه… كما أنها قد تتسبب في رحيل الجنرالات، وربما تؤدي إلى انهيار الكيان الجزائري، لا قدر الله…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube