محمد بوبكريمستجدات

“تبون” و”صالح قوجيل ” كركوزان يسخرهما جنرالات الجزائر لتكريس العنف والاستبداد

محمد بوبكري


يكاد يجمع المتخصصون في الشأن الجزائري على أن جنرالات الجزائر يعانون من فراغ فكري وسياسي مهولين، ما جعلهم يعينون في المناصب العليا أشخاصا أغبياء ومعتوهين، لأن الفاشية تعادي المثقفين، والفاشيون لا يقبلون إلا الأغبياء والضعاف فكريا وسياسيا الذين يسهل عليهم التحكم فيهم، لأنهم ينفذون أوامرهم بشكل تلقائي، الأمر الذي يعمق القطيعة بين الحكام والشعب الجزائري… وللتدليل على ما أقول، يكفي أن نلقي نظرة على تصريحات “الرئيس عبد المجيد تبون” و”رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل”، حيث يقومان بإخراج القرارات الخبيثة للعسكر بشكل يعري كذبهم ومؤامراتهم وفاشيتهم…


ونظرا لتعود الجنرالات على التحايل على الشعب الجزائري والكذب عليه، فإنهم جعلوا من “عبد المجيد تبون” ناطقا رسميا باسمهم، وافتضح أمرهم أمام الرأيين العامين الوطني والدولي، حيث ورد في تقرير المخابرات الأمريكية أنه شخص ضعيف، يمارس الكذب، ولا شعبية له… لقد تحدث “تبون” عن إنجازات حكومته، لكن الشعب الجزائري لا يرى أي تغيير، حيث لا مشروع، ولا رؤية، ولا فكر، ولا تكوين، ولا كفاءة للعسكر ولا للرئيس، ولا للحكومة، ولا للبرلمان… ما يدل على أنه ليس لديهم أي شيء يقدمونه للشعب الجزائري سوى الكذب وتسويق الأوهام. فالجنرالات نهبوا خيرات الجزائر، وهربوا أموال الشعب الجزائري إلى الملاذات الضريبية الموجودة في مختلف جزر العالم البعيدة عن أعين الجزائريين. وبذلك صارت الجزائر تتخبط في أزمة اقتصادية ومالية خانقة، حيث البطالة، وندرة السيولة، وتدهور قيمة الدينار الجزائري، وانعدام المواد الأساسية في السوق، وارتفاع الأسعار، ما عمق اللهفة والاستنفار لدى الجزائري، وضاعف سعار المضاربة لدى التجار والمستوردين، الذين هم الجنرالات ذاتهم…. كما أن الشعب الجزائري صار يكره سماع صوت تبون، لأنه مل الكذب الذي يمارسه هذا الشخص الذي ينفذ أوامر الجنرالات ببلادة مفضوحة جعلت الشعب الجزائري يزداد رفضا له ولجنرالاته. وإذا كان الشعب الجزائري يرفع شعار: “تبون مزور، جابوه العسكر”، أليس من البلادة أن يكلف الجنرالات هذا الشخص، الذي لا يمثل أحدا، أن يلعب دور الوساطة بينهم وبين الشعب الجزائري؟ إن الشعب الجزائري برمته يدرك أن هذا الشخص لا شرعية سياسية له، ولا أي صلاحية. فكيف يمكن لمن لا صلاحية له أن يقدم وعودا للشعب؟ ألم يتضح بعد لهؤلاء الجنرالات أن هذا الشخص لا يمكن أن يقنع حتى ذاته بما يكلف بالتفوه به؟ أليس واضحا على وجهه وحركاته أنه لا يعي ما يقول، فأحرى أن يكون مقتنعا به؟


لقد أصبح ” تبون” يستعمل لغة التخوين والتهديد في حق وطنيين أوفياء نذروا أنفسهم لخدمة الوطن عبر ممارسة معارضة وطنية ديمقراطية ضد تسلط الجنرالات واستبدادهم. فالخطاب الذي يقدمه هذا الشخص يسيء إلى صورة الوطن ويهدده بالانهيار، حيث يتهم المعارضين للنظام بالإرهاب، كما قام في مقابلته الصحفية الأخيرة باتهامهم بما سماه بـ “المساس بأمن الدولة”. وما زاد الطين بلة هو أنه أضاف إلى ذلك قائلا: “ربما سندافع عن أمن الدولة بصفة أخرى”، ما اعتبره كل من الرأي العام الجزائري والدولي تهديدا باغتيال المعارضين. وهذا أمر مرفوض في عصرنا هذا، لأن القيم الكونية تنبذه، حيث يدل دلالة واضحة على أن حكام الجزائر سيغتالون خصومهم الذين يدعون إلى المطالبة بدولة مدنية ديمقراطية، ما سيحدث ردود فعل دولية قد تعزل الجزائر، إن لم نقل إنها قد تتسبب في انهيار كيانها، مما يدل على أن تشبث جنرالات الجزائر بممارسة العنف والاستبداد والفساد قد حولهم إلى “لا وطنيين”…
إضافة إلى ذلك، لقد أصبح حكام الجزائر يستعملون “صالح فوجيل” الذي يبلغ من العمر 91 سنة، ومع ذلك عينه الجنرالات “رئيسا لمجلس الأمة، لأنه يعبدهم من دون الله. فقد صرح هذا المخلوق أخيرا قائلا: ” لقد تجاوزت الجزائر المرحلة الانتقالية”. وهذا ما يعكس الجهل القانوني والدستوري لهذا الرجل الذي يرأس ما يسمى بـ ” مجلس الأمة”؛ فهو لا يدرك أن الجزائر لم تمر قط بمرحلة انتقالية، حيث ما تزال في انتظار مرحلة انتقالية حاسمة. كما قام هذا الشخص بتوجيه انتقاده للنقد الآتي من الخارج، حيث قال: “إن أعداء الجزائر لا يحبون أن تكون هناك ديمقراطية في الجزائر، لأنها هي الضمانة الوحيدة التي تحمي الجزائر من التدخلات الأجنبية”. لكن الجزائريين يعون أن هذا الشخص يقول ذلك مقابل الامتيازات التي أغدقها عليه الجنرالات. ويكفي الانتباه إلى الإرهاب والعنف الذي مورس على مناضلي الحراك الشعبي في الداخل والخارج، لنتأكد بأن كلامه عار من أي صحة. لذلك، فماذا يقول هذا الشخص عن معاناة الشعب الجزائري في كل مجالات الحياة، حيث لا تعليم، ولا تطبيب، ولا شغل، ولا حرية، ولا كرامة… وهذا ما ينم عن انعدام الديمقراطية في الجزائر، حيث لا مأسسة، ولا فضاء عام، ولا دولة. فالشعب الجزائر يعي أن هذا الشخص يتوصل بالقوانين التي يأمره الجنرالات بمصادقة “مجلس الامة” عليها. لذلك، فهو لا يسمع ولا يبصر عندما يتعلق الأمر بجرائم أسياده الجنرالات وخروقاتهم. لذلك، لقد مل الشعب الجزائري دولة الغاب التي يسود فيها العسكر، الذين يسعون إلى افتراس الشعب ومعارضيهم.
هكذا، فإن “تبون” ووزراءه و”صالح فوجيل” وأعضاء مجلسه يمارسون الكذب أكثر مما يتنفسون، ويمارسون النفاق أكثر مما يأكلون ويشربون. فضلا عن ذلك، لقد قام الأخير بامتداح المؤسسة العسكرية، معتبرا إياها ضامنة لاستقرار والوطن، رغم أنها نهبت الوطن وأفقرته وطغت عليه، وأضعفته دوليا، ولا تتوقف عن خلق الشقاق بين أبنائه، عبر إثارة نعرات طائفية وقبلية بينهم، ما يؤكد أنها ضد الوطن وضد الوحدة الوطنية…
وما لا يدركه هذا الشخص أن الشعب الجزائري يعي أنه عندما يمتدح العسكر، فإنه يمتدح “شنقريحة” وأفراد عصابته، الذين هم أصلا ضد الدولة المدنية التي هي مطلب أساس للحراك الشعبي. والشعب يعي أن كل من يناهض بناء دولة مدنية، هو ضد الديمقراطية والحرية ومقتضياتهما… فالشعب هو الضمانة الوحيدة لحماية الوطن، والعسكر هم من يخربونه. هكذا فإن الموالين للعسكر لا يعرفون إلا المهاترات السياسية والمزايدات داخل العلب السوداء، والالتفاف على مطالب الشعب والانقلابات عليه ومساعدة العسكر على ممارستها ضد بعضهم البعض. إن على هذا الشخص أن يصمت ويعتزل، لأن سنه لا يسمح له بتسيير مجلس الأمة الذي هو أصلا مؤسسة قزم، ليس لها أي معنى في زمن جنرالات يستعملون القبضة الأمنية للسيطرة على مقدرات البلاد التي هي مقدرات الشعب الجزائري.


وخلاصة القول إن أمن الدولة ليس هو أمن العصابة الحاكمة التي أصبح استمرارها يهدد الوحدة الوطنية، ما قد يفضي إلى انهيار الكيان الجزائري. وعلى عكس العسكر الذين يتمسكون بالسير بالبلاد في اتجاه الفوضى والانهيار، فإن الحراك الشعبي قد جسد الوحدة الوطنية عبر رفع شعار “دولة مدنية، ماشي عسكرية”. أتمنى للشعب الجزائري التمكن من إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube