ثقافة وفنونمستجدات

الأمراء الثلاثة و الجميلة نورافيروس ج1

حرة بريس -أحمد الونزاني


كان يا ما كان في عصر العولمة قرية مطمئنة يحكمها ملك عادل و له ثلاثة من الأبناء الشجعان. أحس الملك بدنو أجله فأمر باجتماع عاجل يقرر فيه من يخلفه على عرش القرية و يحكم بالعدل من بعده في الرعية.
حضر حكماء القرية و بعض المستشارين لمجلس الديوان، فأخبرهم الملك برغبته و باح لهم بسره، فأشاروا على الملك بحيلة يختبر بها حكمة و حب أبناءه الشجعان الثلاثة لبعضهم البعض.
فكر الملك في الحيلة و وجدها أحسن وسيلة لتفادي أي صراع بين الإخوة الثلاثة على الملك و السلطة من بعده.
كتب الملك العادل ثلاثة رسائل و جعلها في قراطيس و ختمها بخاتمه الملكي، ثم نادى على الأمراء الثلاثة، و قال لهم مخاطبا :سأرسلكم في مهمة خارجية ولا تأتوني إلا بعد إنجازها، كل على حدة و عند نجاحكم في تلكم المهام و بعد العودة سيعقد مجلس الشورى لنخرج منه بقرار في غاية الأهمية. أحدد فيه بعد الاستشارة مصير ولاية العهد من بعدي. و التي ستكون حتما من نصيب أحدكم يا أبنائي. و من وقع عليه الإختيار سيحظى ببيعة من أهل الحل و العقد و مجلسي هذا يا ابنائي الكرام.
تسلم الشجعان الثلاثة قراطيسهم، و في كل قرطاس رسالة بإسم أحد الأمراء الشجعان. ثم انطلقوا بعدما تفرقوا صوب وجهاتهم المختلفة و حسب المأمورية التي عهدت و تكلف بها كل واحد منهم.
كان الأمير الأكبر أول المنطلقين بحيث كانت وجهته طريق الشمال. أما الأمير الأوسط فكانت وجهته نحو الشرق. فيما كانت وجهة الأمير الأصغر هي الجنوب.
و كان أبوهم الملك العادل قد طلب منهم جميعا، عدم الإطلاع على فحوى الرسائل التي يحملها كل واحد منهم في قرطاسه، حتى بلوغ مسيرة يوم و ليلة من قريتهم التي خرجوا منها. و هذا لغرض في نفس الملك العادل لم يفصح لهم به في حينه.
ذهب الأمراء الثلاثة لتنفيذ المهمة التي كلفهم بها الملك العادل، و هم لا يعلمون شيئا عن فحوى رسائلهم و لا السر الغامض وراء مهمتهم.
و بعد يوم و ليلة من المسير أخرج الأمير الأكبر القرطاس و سحب منه الرسالة و بدأ يقرأ ،و بدت الحيرة و الدهشة على ملامح الأمير الأكبر و تعجب كثيرا من فحوى الرسالة الغامض و المليء بالرموز. كان فحوى الرسالة كالتالي :اقض على نورافيروس.
كان سفر الأمير الأكبر شاقا، لذلك ما إن قرأ الرسالة حتى نام من شدة الإرهاق و التعب.
أما الأمير الأوسط فقد بلغ منه التعب حد العياء التام، هو و حصانه الأبيض. و بعد بلوغ مسافة يوم و ليلة ،استلقى تحت ظل شجرة من تين و نام نومة الطفل الصغير. و عند الصباح الباكر أخرج الرسالة من القرطاس، ثم بدأ في القراءة و كانت المفاجأة. كان نص الرسالة كالتالي :أنقذ نورافيروس.
تعجب الأمير الأوسط من فحوى الرسالة و غموضها و أطرق في التفكير حتى غلبه النعاس مرة أخرى و أغرق في النوم من جديد.
أما بالنسبة للأمير الأصغر فهو كذلك كان قد بلغ منه التعب مبلغا كبيرا، إلى حد الإجهاد .فقرر أخذ قسط من الراحة بعد يوم و ليلة من السير. فاقترب من شجرة عملاقة و استظل بظلها و ربط حصانه إلى جوارها، ثم غفا من شدة التعب و الإرهاق، و لم يعد يحس بأي شيء من حوله، حتى استفاق مقيدا بالأغلال و مجرورا جر العبيد. لم يستطع أن يفهم ماذا يجري، حتى أنه من كثرة الضرب بالسياط أغمي عليه و لم يستفيق إلا و قد وجد نفسه ملقى داخل كهف سحيق.
تذكر الأمير الأصغر القرطاس و الرسالة، لكنه مع وضعه هذا، مقيدا و في الأغلال و جريحا ،لا يمكنه إخراج القرطاس من جيبه و قراءة ما في الرسالة.
اندهش الأمير الأكبر لما وجد في الرسالة من لغز محير و صعب على الفهم، و يحتاج إلى لبيب و ذو فكر ثاقب.
أما الأمير الأوسط فهو كذلك تعجب من فحوى الرسالة كل العجب، و أطرق الرأس للتفكير و التأويل.
أما الأمير الأصغر فقد أحس بأنه أحيط به و سقط في فخ و سوء مصير عند عصابة لا يعلم عنها شيئا، و لا لأي سبب تم اعتقاله و اقتياده إلى الكهف ،و وكر العصابة و مركزها.
كان اسم نورافيروس غريبا على الأذهان، و صعب إدراك كنهه و المغزى منه، و ما هو المراد و المقصود من هذا الإسم الغريب.
اتفق تفكير الأمير الأكبر و الأمير الأوسط، على العودة و تشارك لغزي رسالتيهما ثم العمل على فك طلاسم اللغزين و حل شيفرتيهما.
فقررا كل على حدة العودة للقاء بعضهما البعض. . عاد الأمير الأكبر متوجها من الشمال نحو الشرق، و عاد الأمير الأوسط متوجها من الشرق نحو الشمال.
كان الأميرين الأكبر و الأوسط يتمتعان بالحاسة السادسة بحيث كان يستطيع كل واحد منهما قراءة أفكار أخيه، و هذه ميزة تميزا بها منذ نعومة اظافرهما حتى عرفا بها بين اقرانهما من شباب القرية. كما عرفا بالقدرة على فك الألغاز و التفوق في مادة الرياضيات و الفلسفة و ذلك لأنهما تلقيا تعليما خاصا على يد أساتذة من الطراز الرفيع و مرموقين من القرية.
إلتقى الأخوين بعد جهد و عناء كبير. تعانقا و أخذا قسطا من الراحة ثم أفضى كل واحد منهما للآخر على ما جاء في رسالة أبيهما و ما فيها من لغز محير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube