مستجداتمقالات الرأي

قراءة في المشهد السياسي بالمغرب ج 2

حرةبريس -أحمد الونزاني

كانت خيبة المغاربة كبيرة من الحصيلة الهزيلة لحكومة بنكيران و خصوصا في ما يخص عدم تنزيل بنود الدستور الجديد التي بقيت حبرا على ورق و التي كانت أولوية وبالخصوص كل ما يتعلق بالشق الاجتماعي و التنمية المستدامة و إصلاح التعليم و تنزيل الجهوية كخيار نحو حكامة جيدة في تدبير الموارد البشرية و الطبيعية لكل جهة في إطار تكاملي بين الجهات.
كل هذا ساهم في وضع حزب العدالة والتنمية أمام واقع يصعب معه التنبؤ بنتيجة الانتخابات البرلمانية لسنة 2016.
كانت كل المؤشرات تعطي الفوز لحزب الأصالة و المعاصرة. حزب سلطوي مدعوم دعما مباشرا من السلطات المحلية و من أعوان السلطة في المدن الكبرى و بالخصوص في البوادي المغربية.
كان الهدف هو إخراج الإسلاميين من المشهد السياسي و بأي ثمن. لتقليص دورهم في فرض الإصلاح السياسي الحقيقي المنشود . أو لعب أي دور يزعج المتحكمين في اللعبة السياسية بالمغرب.
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
فالتدخل السافر و الواضح للعيان للسلطة و أجهزتها في العملية السياسية خلق ردة فعل عكسية إزاءه.
فبالرغم من تذمر الناس من الحصيلة الهزيلة لحكومة بنكيران و فشل حكومة العدالة والتنمية النسبي في كل ما هو اجتماعي و اقتصادي و تنمية إلا أن الناس نكاية من تدخل السلطة في العملية السياسية. توجهت للتصويت بكثافة و أعطت فرصة ثانية لهذا الحزب بالرغم من كل ما سبق ذكره من معطيات و مؤشرات تفيد بتأزم في الحالة الاجتماعية و الاقتصادية و ازدياد و تفشي الفساد و الفقر.
فرصة ثانية كانت صعبة الهضم على السلطويين. فهم لم يستسيغوا فوز الإسلاميين مرة أخرى. فكانت العراقيل من أول وهلة في تشكيل حكومة انتقالية أو وطنية أو حكومة أقلية أو أي شيء. مما أدى إلى الدخول في أزمة انتهت بتشكيل حكومة هجينة و ضعيفة .
و كان هذا بمثابة انقلاب سياسي على الشرعية الشعبية، تقوده الدولة للتراجع عن مكتسبات اللحظة التاريخية. انقلاب على الإرادة الشعبية. كانت تبعاته مريرة على الحياة السياسية و الاجتماعية و الثقافية. و أدت إلى تراجعات خطيرة في ما يتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة.
و إذا كانت بداية الحكومة الجديدة قد اتسم بذلك الانقلاب الضمني مما يعني أننا أمام تراجع واضح عن الخيار الديمقراطي و عن دولة الحق و القانون. فإن نهاية عهدتها قد اتسم بتطبيع رخيص مع الكيان الصهيوني مما شكل ضربة للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية والإسلامية.
و إذا كانت كل التجارب السياسية التي عرفها المغرب قد باءت بالفشل و أدخلت البلاد السكتة القلبية. و لم تستطع أي من الحكومات على مدى عقود من وضع المغرب على سكة قطار التنمية الحقيقية و إخراج البلاد من مرحلة التنفس الصناعي إلى مرحلة النقاهة و الشفاء المتدرج ثم تخطي مرحلة الخطر بصفة نهائية .
فما هي السيناريوهات المحتملة للانتخابات البرلمانية و المحلية و الجهوية المقبلة?
في ظل غياب الإرادة السياسية و النية في الإصلاح و تبني سياسة الإصلاح من الفاعل السياسي أولا و غياب هذه الإرادة كذلك لدى الدولة.
لا يمكن الحديث عن أي أفق لإصلاح سياسي محتمل أو حقيقي، و سنبقى ندور في الحلقة المفرغة، نجتر و نعيد الفشل و الخيبات و الأزمات.
من غير رؤية واضحة و مشروع مجتمعي بمعالم و خطة طريق واضحة مع توفر الإرادة السياسية من كل الأطراف، دولة و فرقاء سياسيين و مجتمع مدني، لا يمكننا الخروج من النفق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube