احمد رباصمستجدات

هل الكيف ضامن لمستقبل الريف؟ (7/2)

أحمد رباص

كل تقنين في ظل هذه الظروف لا يهدف فقط إلى ضمان حد أدنى من المستقبل الاقتصادي لمنطقة الريف وجزء من سكانها الأشد فقرا، بل يهدف أيضا إلى وضع سياسات للحفاظ على البيئة أو حتى لاستعادتها استجابة للتحدي الهائل المتمثل في تغير المناخ وتحول المراحل البيومناخية التي سيسببها من خلال “اتجاه محدد نحو الجفاف”.
من المؤكد أن ما يدعو إلى الاستعجال بشكل مطلق هو ان التدفقات الكبيرة للعائدات من القنب الهندي التي اضرت منذ فترة طويلة بالبيئة الطبيعية، التي أهملت حمايتها وغابت، خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين خاصة مع زراعة البذور الهجينة، لم تكتسب سوى أهمية هامشية في نظر السكان المحليين، لدرجة أن حماية وصيانة التراث النباتي والحفاظ على التربة في منطقة الريف أصبح اليوم قضية وطنية.
بناءً على البحوث الميدانية السابقة التي تناولت الجوانب الجيوتاريخية لزراعة القنب الهندي في الريف، وإدخال أنواع هجينة عالية الغلة إلى المنطقة واستبدالها السريع والهائل بالصنف البلدي من الكيف، وأخيراً تحديث تقنيات زراعة القنب الهندي وإنتاج مشتقاته، تدافع الحلقات القادمة عن فكرة أن الكيف هو النوع الأكثر ملاءمة للبيئة الطبيعية للريف، وبالتالي فهي الأكثر قدرة على ضمان استمرار زراعته هنا في سياق ندرة الموارد المائية المتزايدة، وهي موارد معرضة للخطر بعد أن شرع حديثا في استعمال أصناف هجينة من بذور الكيف. وتعد هذه الأصناف الجديدة أكثر خطورة لأنها تشكل أيضا تهديدا مباشرًا للكيف المغربي “البلدي” من خلال تعريضه لإدخال طبيعي ينتج عنه تلويث وراثي.
على أساس البيانات النباتية والزراعية والدلالية، تؤكد هذه الحلقات أولاً أن الكيف البلدي من إنتاج محلي يتميز بخصائص نباتية شاخصة، وأنه من المناسب الحفاظ عليها في السياق الهش للريف. إن تنوع أصناف الكيف عبر بلدات الريف يتكيف مع بيئته الطبيعية وممارسات الزراعة المحلية التي سمحت بانتقائها وتطويرها.
ثم تشرح هذه الورقة الموزعة على حلقات ما هي الصفات المحددة للكيف، فيما يتعلق، على وجه التحديد، بتطوراته بين الأصالة والمغايرة مع التركيز على تكيفه مع البيئة الطبيعية (وظيفة تباين النمط الظاهري على الخصوص).
لذلك تقترح الورقة تعزيز وحماية زراعة الكيف من خلال تحديد خصائص وحدود أراضها (المساحة الجغرافية المحددة من خلال نظام التفاعلات بين البيئة الطبيعية والعوامل البشرية: بريفوست وآخرون، 2014)، وبالتالي الاعتراف بأن المنتجات المشتقة من الكيف هي ذات جودة المنتجات المحلية (الكيف والحشيش هما منتجان ذوا تقليد معين، يتمتعان بسمعة محددة ويستمدان خصوصيتهما من منطقتهما الأصلية: بيرارد، مارشيناي، 1995 ، ص 158).
أخيرا، تقترح الحلقات القادمة من هذه السلسلة إسناد تسميات المنشأ المحمية إلى هذه المنتجات المحلية. فبمجرد أن يتم إنتاجها ومعالجتها وتطويرها في منطقة جغرافية يتم تحديدها من خلال تطبيق الدراية المعترف بها للمنتجين المحليين واستعمال المكونات الواردة من جهة معنية
إن تعزيز الزراعة العضوية (لدى المغرب علامة عضوية معتمدة خاصة به منذ سبتمبر 2018) سيمنح قيمة مضافة لهذا النوع من الإنتاج الزراعي الذي عانى لفترة طويلة من عدم شرعيته، مع ما نجم عن ذلك من معاناة الساكنة المحلية (تهميش، نبذ، قمع) وتعرض البيئة الطبيعية للاستغلال المفرط، التدهور، والتلوث بشكل كبير.
يستمد الكيف المغربي الذي يُزرع تقليديًا في المغرب مقومات تنوعه من طبيعة الأراضي التي يزرع فيها، أي صنف محلي تمت زراعته لقرون بطريقة تقليدية وبالتالي يتكيف مع محيطه الطبيعي والثقافي. يتم تحديد مجموعة متنوعة من البلدان بشكل عام من خلال التحمل العالي لسكانها (وفقًا للتباين الوراثي) للإجهاد الحيوي وغير الحيوي لمنطقة الزرع، من خلال ​​الغلة المتواضعة ولكنها مستقرة بمرور الوقت (ضمان قدر معين من الأمن)، ومن خلال التكيف مع الكميات المنخفضة من المدخلات (زيفين، 1998).
(يتبع)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube