مجتمع

العولمة المتوحشة تكشف أنيابها في طنجة

الأحمدي رضوان

(بنت أبيها) Amal belga Atrari

نص جميل من طرف أختنا امال يطلعنا عن خبايا عالم مر المذاق ، هضمه عسير… “طنجة ثاني اكبر مدينة صناعية في المغرب بعد الدار البيضاء، مدينة قفزت للصدارة الصناعية في عشر سنوات بعدما وسع ميناؤها tanger med وطورت منطقتها الحرة. Zone offshore -, فاستطاعت جذب المستثمرين الاجانب في عز الازمة الاقتصادية التي عصفت باوروبا وامريكا ، وازمة “أخلاقية” او لنقل خلاف سياسي بين معسكر شيوعي وآخر ظاهرا-اشتراكي “في بلدان اسيوية كانت الى حين قبلة للمصانع الباحثة عن يد عاملة رخيصة. أتوها بحثا عن الرخص والسهولة والقرب ، فكانت طنجة العاصمة الثقافية العالمية، مركز يطل على امريكا واوروبا القبلة المختارة. 60%من الاستثمارات الاجنبية تذهب لقطاع النسيج متبوعا بالصناعة الخفيفة من تجميع سيارات (شركة رونو وبوجو نموذجا)، وقطع الاجهزة الكهربائية ذات الاستخدام المنزلي ومؤخرا اتجهت أيضا نحو القطاع الفلاحي . شركات مثل Inditex مالكة Zara , mango كبرى شركات النسيج الاسبانية بل والعالمية ، وهي من ضمن 35 شركة تحدد مؤشر البورصة الاسباني ibex 35 وتمثل اسهمها 11% من قيمة المؤشر، نزلت بكل ثقلها ، بعدما اقفلت مصانع لها في اوروبا الشرقية وخفضت بدءا من عمالها في مصانعها الاسبانية لصالح مصنعها الطنجاوي. بدأت تتسرب للسوق المغربية قطع الثياب الاسبانية من اخر خطوط الانتاج لهذه الشركات وشعار made in Morocco تعرفك بان المنتج مغربي وصل سوقنا قبل ان يصل السوق الاوروبية ( وفي هذا اكثر من سؤال واستفسار خصوصا اذا عرفنا ان هذه القطع تباع في محلات اخرى غير الفروع الرسمية لهذه الماركات العالمية). منذ سنوات قامت احدى القنوات الاسبانية التلفزيونية باجراء تحقيق في موضوع استغلال العمال في مصانع الشركات الاسبانية والاوربية ووجهت اتهامات لشركات مثل Zara, Cortefiel, Massimo Dutti, El Corte Inglés . واتهمت بتزوير تقارير التفتيش الدوري ومثلها قدمت مؤسسة sitem تقارير عن الطرق الملتوية لتشغيل العمال والتعاقد مع عملاء ووسطاء آخرين دونما احترام لشروط السلامة ولا لقوانين العمل حتى القانون الداخلي لكل شركة، ذاك الذي تتبجج به وتعلقه في كادر جميل. وباعتراف الاتحاد العام لمقاولات المغرب CGEM من فأزيد من نصف منتجات النسيج والجلد في المغرب تأتي من شركات غير مهيكلة و لاقانونية. الحاصل ان الفساد ركبنا واستشرى في منظومتنا كلها من اسفل الهرم لأعلاه، اذ ان بعض المسؤولين في فروع الشركات الأجنبية استغلوا حاجة الناس واتفقوا مع الوسطاء لتشغيلهم في معامل سرية غير مصرح بها في شروط غير انسانية ولا قانونية للرفع من مستوى الانتاج باقل تكلفة، وفرق الانتاج يذهب لجيوب الكبار، اجهل ان كان المسؤولين الاسبان يعرفون بما يحدث في الخفاء والغالب انهم يعرفون..لكن طالما تكلفة الانتاج أرخص وهامش الربح اعلى فيبدو انهم “يتجاهلون”.. مع كارثة غرق عمال مصنع حي البرانس وهو حي معروف في طنجة ولا هو هامشي ولا هو معزول وبعيد عن عيون الامن والقائد والمقدم. اهتمت الصحافة العالمية و الاسبانية خصوصا بالخبر وتناقلته وسائل إعلامها بكل توجهاتها ومشاربها، لتفتح نقاشا حول “قانونية واخلاقية” وجود مصانع إسبانية في المغرب ، بل وتفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع وسم جديد يدعو لمقاطعة المنتجات المغربية او المصنعة في المغرب، وهذا يذكرنا بحادثة مشابهة في بنغلادش حينما إنهار مصنع رانا بلازا واضطرت شركات مثل و mango Benetton لنقل خطوط انتاجها خارجا بعدما دشن وسم بمقاطعة منتجاتها المصنعة في بنغلادش. طبعا السلطات فتحت تحقيقا في الموضوع ، هذه الجملة الكريهة والرتيبة هي التي نسمعها في كل مرة وصاحب المصنع الذي يشتغل في سلام منذ ثلاث سنوات، ستعلق له المشنقة، وستقفل تلك المصانع الموجودة في كل حي البرانس تحت الفلل وفي المرائب. هي فترة مؤقتة لتعود ريما لعادتها القديمة، وليعود شيخ الحارة لإغماض عيونه على ما يراه ويعرفه نظير بضعة اوراق نقدية..تلك العيون التي تعرف كل شاردة وواردة وتفك الشبكات الارهابية وتقبض على الدواعش وتمدحها الدول الغربية لتعاونها وجاهزيتها الامنية. ما حدث في طنجة يحدث في تطوان والحسيمة واكادير.. بالمناسبه هل حوكم من طحن الشهيد محسن فكري لأجل صندوق سمك؟ هل حوكمت مافيا الصيد البحري في الحسيمة؟ هل أنصفوه وعائلته؟ هل أعيد فتح مصانعها؟ هل استطاعت قوارب الصيد الصغيرة الرسو في ميناء آمن؟ وهل تجد ما تصطاده بسبب الاستغلال البشع للثروات السمكية من السفن الاوروبية الكبيرة دون احترام لشروط الصيد ومواسم صيد اسماك دون اخرى، واستخدام الديناميت والشباك القاتلة لباقي مكونات البحار.. وبمبلغ يومي أستحي من كتابته وتصديقه( خذ المبلغ المتفق عليه في اتفاقيات الصيد البحري ورخص الصيد الممنوحة لأوروبا واليابان وروسيا وقسمه على عدد ايام الله وانت تعرف..).وماذا فعلت شرطة الموانئ المستحدثة او لنقل ماذا عساها ان تفعل امام هذا الفساد المستشري؟ لا نستطيع إلقاء اللوم على الدولة واجهزتها الكبيرة فقط، لا.. نحن نعاني أزمة أخلاقية فظيعة والعيب في الأفراد قبل الجماعة، شيخ الحارة تعود ان يدسوا ورقة نقدية في يده او في جيبه ..”خذ حق قهوة” ، ونحن تعودنا ألا نجري معاملة إدارية إلا بالدفع المسبق، حتى لو رأيت شعار لا للفساد فوق مكتب المسؤول. فلا ردع نفع ولا زجر نفع ولا مظاهرات نفعت. الفساد أقوى من كورونا ولا علاج له.. بالأمس قرأت ان استراتيجية الدولة لمحاربة الفساد فشلت وكان الغلاف المالي المخصص لهذه الاستراتيجية 180 مليار سنتيم! ضاعت هي الاخرى… رحم الله شهداء لقمة الخبز، فيهم اخوة رحلوا جمعا وفيهم ازواج تركوا يتامى وفيهم فتيات في عمر الزهور..”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube