حيمري البشير

تعليق على خبر من المغرب

كم أسعدني خبر تبرئة مواطن مصري إطار طبي معارض للنظام ،ومطلوب بسبب انتمائه السياسي لحركة الإخوان المسلمين المحظورة ،ولم يرتكب جرما في حق الدولة المصرية.هذا الكادر الطبي أصبح يحمل الجنسية التركية منذ سنوات ويقيم يشتغل في هذا البلد وقرر قضاء عطلة استجمام في بلد مسلم .وبما أنه كان موضع مذكرة بحث من طرف النظام في مصر وبموجب اتفاقية مبرمة بين المغرب ومصر فقد تم اعتقاله بمجرد ولوجه التراب المغربي .المواطن يحمل الجنسية التركية ،ومن دون شك أن الدولة التركية تدخلت لدى السلطات المغربية ولكونه ككادر طبي ،اعترضت السلطات التركية على مذكرة التوقيف الصادرة من طرف الدولة المصرية .القضية أدرجت في المحاكم المغربية لكونها معقدة ولكن المتهم ناشط سياسي تابع للتيار الإسلامي ولكون الحزب الحاكم في مصر هو حزب العدالة الإسلامي ،فإن القضية أصبحت من وجهة نظري تكتسي طابعا سياسيا .المغرب بدى منذ البداية في موقف حرج أمام تركيا ومصر لأن المواطن موضع مذكرة اعتقال بسبب آرائه السياسية أصبح يحمل الجنسية التركية منذ سنوات ويقيم ويشتغل في تركيا .تركيا واحتراما للقضاء المغربي ،اتّبعت الطرق القانونية ولم تمارس أي ضغوط على المملكة المغربية.في حين أن السلطات المصرية والتي وضعت هذا المواطن في قائمة المطلوبين للمحاكمة في مصر بتهمة انتمائه لحركة الإخوان المسلمين .وهي حركة اعتقل العديد من منتسبيها وحوكموا محاكمات غير عادلة والكثير منهم نفذ فيهم حكم الإعدام. المواطن المصري الذي اختار تغيير الأجواء بزيارته للمغرب ،لم يكن مطلقا يترقب اعتقال أمن مطار الدار البيضاء له بسبب مذكرة صادرة من السلطات المصرية.المواطن المصري وضع تحت الحراسة النظرية حتى تبث السلطات القضائية في أمره.وبما أنه دخل بجواز سفر تركي ،فإن الدولة التي يحمل جنسيتها ستكون ملزمة بالتدخل لإطلاق سراحه وتبرئته من التهم الموجهة إليه.وفي كلتا الحالتين سواءا تبرئته وإطلاق سراحه،أوتسليمه للسلطات المصرية فإن القضاء المغربي وعلاقت المغرب مع الدولتين معا ستكون في موقف حرج.نزاهة القضاء المغربي أنصفت هذا الدكتور المصري سابقا والتركي حاليا وبرأته من التهم الواهية الموجهة إليه من طرف السلطات المصرية لمواطن تركي وكان سابقا مصريا وتخلى عن جنسيته بسبب اضطهاد النظام الحاكم في مصر .كان القضاء المغربي في موقف حرج .وبعد مداولات دامت أكثر من شهرين على ما أظن ،قررت إحدى الهيئات القضائية بمدينة الدار البيضاء إطلاق سراحه وتبرئته من التهم الموجهة إليه.الحكم الصادم يثبت مرة أخرى عدالة القضاء المغربي بالحكم الصادر بتبرئة هذا المواطن التركي حاليا المصري سابقا .المحكمة المستقلة البعيدة عن السياسة .كانت أمام خيارين إما أن تبرئ المواطن التركي الذي كان مصريا سابقا وتتفادى أي أزمة سياسية مع المغرب أو تسليم هذا المواطن التركي للسلطات المصرية بموجب مذكرة اعتقال صادرة في حقه.إلا أن الإجتهاد القضائي المغربي أنصف هذا المواطن التركي وقرر بعدم تسليمه وإطلاق سراحه.وهنا نقطة التي تستوجب طرح أسئلة بهذا الحكم الصادر من محكمة مغربية على مواطن تركي نلمس إنصاف وعدالة وارتياح من طرف السلطات التركية،إلا أنه هناك موقف آخر قد تكون له ردود وتبعات من طرف السلطات المصرية والتي أصدرت مذكرة اعتقال في حق هذا المواطن التركي حاليا والمصري سابقا.والسؤال الذي يمكن طرحه بعد أن خرج هذا المواطن من كابوس الإعتقال بعد مجيئه للإستجمام في بلد أحبه ألا وهوالمغرب هل سيكون لمصر رد على قرار المحكمة المغربية التي احترمت شروط المحاكمة العادلة في هذه القضية .الجواب سوف ننتظره لاحقا من طرف السلطات القضائية المصرية التي طالبت بتسليم هذا المواطن التركي حاليا بموجب جواز السفر الذي دخل به إلى المغرب ،والمصري سابقا.أعتقد أن الحكم الصادر اليوم من طرف إحدى محاكم الدار البيضاء قد كان عادلا ،وله أبعاد إنسانية ودلالات تثبت أن القضاء المغربي لن يغضب لأي ابتزاز من أي جهة كانت ،وأن العدالة يجب أن تكون منصفة حفاظا على صورة المغرب بالحكم بالإنصاف،مهما كان الثمن.

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID