هناك فرق بين الإندماج في المجتمع والإنصهار أوالذوبان الذي تدعو له رئيسة الحكومة.
عندما تطرح مشروع الذوبان في المجتمع وتخص بالذكر طائفة معينة وفي نفس الوقت تغفل متعمدا طائفة أخرى فإنك تمارس مامارسه المسيحيون في الأندلس عندما وضعوا خيارا وحيدا ضد الطائفة اليهودية فإما اعتناق المسيحية وإما تحكمون على أنفسهم بالموت أوالرحيل فماكان من يهود الأندلس سوى الرحيل لأقرب دولة للأندلس المغرب .في المغرب وجدوا ملوكا وسلاطين رحبوا بهم وأعطوهم الأمان واندمجوا في المجتمع المغربي ،فكانت لهم أحياءهم أطلقوا عليها إسم الملاح وكانت لهم بيع والمسلمون مساجدهم ،ومن يريد التعمق في تاريخ اليهود في المغرب فهناك كتاب يهود ألّفوا كتبا سجلوا فيها حقائق تثبت أن الملوك الذين حكموا المغرب حموا اليهود ومنعوا قائداً عسكريا فرنسيا في الحرب العالمية الأولى والثانية من المساس من حرية اليهود وسلامتهم الذين هربوا من الأندلس واختاروا العيش في المغرب جنبا إلى جنب للمسلمين.ملوك المغرب لم يفرضوا عليهم تغيير ديانتهم أوالإنصهار الكلي في المجتمع المغربي وترك ممارسة طقوسهم الدينية،أو اعتناق الإسلام ،بل تمتع اليهود بكل حرية في ممارسة طقوسهم الدينية في بيع بنوها وعاشوا جنبا إلى جنب المسلمين بسلام ولم يكن مايدعو للخوف ،بل كانوا جيران أحسوا بالأمن والسلم بل كانوا جسدا واحدًا ،لقد حكت لي والدتي رحمها الله قصصا كثيرة عن الجيران اليهود الذين سكنوا بالقرب منا كانت تقتسم معهم والدتي الطعام ونأكل طعامهم لأنهم يأكلون الحلال مثلنا ولا يأكلون مالم يذبح .وحتى نعبر عن مواقفنا بكل حرية والدوافع عن ذلك هو ماسمعناه من يقود الدنمارك الذي أحببناها واندمجنا فيها ومارسنا طقوسنا الدينية في مساجدنا كما يمارسونها هم في كنائسهم وكما يمارسها اليهود في بيعهم .وعندما ترتفع أصواتا لسياسيين يحكمون البلاد ويدعون المسلمين للإنصهار في المجتمع الدنماركي فهم في الحقيقة يقعون في المحضور ويمارسون أبشع الصور التي لم تعرفها الإنسانية إلا في إسبانيا يوم سقطت آخر إمارة إسلامية في الأندلس .هل يقبل المسلمون في الدنمارك الإنصهار الكلي في المجتمع ؟وهل المقصود بالإنصهار عند رئيسة الحكومة هو منع المسلمين من ممارسة الطقوس الدينية في مساجد بنوها أو شراء مقرات بأموالهم الخاصة وقاموا بإصلاحها واتخذوها مساجدا للعبادة كباقي أتباع الديانات السماوية الأخرى.وعندما تحاول زعيمة حزبنا،ونحن والعديد من المسلمين الذين يمارسون السياسة داخل أحزاب اشتراكية أوشيوعية ليس لهم مكان داخل هذه الأحزاب إلا يعتبر انتمائهم لأحزاب اليسار اندماجا في المجتمع قد يرقى لما تسميه رئيسة حكومتنا الموقرة انصهارا في المجتمع .ثم كان من الضروري أن يستفيد من يدبرون أمر البلاد من تجارب الدول الأروبية الأخرى التي تعيش فيها جالية مسلمة مندمجة في هذه المجتمعات بعيدا عن ضغوط الحكومات .ثم ما أصبح يعاني منه المسلمون في العديد من الدول الأروبية يدعو لوقفة ولنقاش وإعطاء فرصة لمن توجه لهم التهم ،من دون التفكير في خطورة ممارسة الضغوط التي تولد الإنفجار ،وتولد التطرف الذي لا يخدم الإستقرار في المجتمع .وحتى نكون إيجابيين في النقاش الدائر اليوم في المجتمع الدنماركي فلابد من التعبير عن موقفنا فيما يخص موقف جمعيات المساجد وممثلي المسلمين من المشارك في الحوار الذي دعت إليه الحكومة الدنماركية.والدعوة للحوار هي فرصة لتوضيح مفهومالإندماج عوض الإنصهار ،وفرصة كذلك لإقناع الطرف الآخر بأن المسلمين جزئ من هذا المجتمع ،وأن المسلمين حريصون على خدمة هذا المجتمع والدفاع عن استقراره وأمنه لأنه مجتمع تسود فيه القيم التي بحثنا عنها فوجدناها هنا ومقتنعين بأن الإندماج في المجتمع الدنماركي هي فرصتنا في المشاركة في بناء هذا المجتمع وهذا البلد كما هم حريصون على ذلك باقي أفراد المجتمع الدنماركي .ويبقى حرية العبادة وممارسة الطقوس الدينية لكل واحد حسب الديانة التي عاش عليها.ثم كان الأجدر أن تكون بريطانيا ودول أخرى نجحت في إدماج المسلمين في المجتمع نموذجا يحتذى به .ممثلو المساجد والجمعيات الإسلامية كان عليها الجلوسمع أي كان لتوضيح موقفهم مما يجري عوض المقاطعة التي تفوت على المسلمين طرح مقترحاتهم لتجاوز هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أوروبا بالخصوص في ظل الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا .وللحديث بقية
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك