مستجداتمقالات الرأي

صدانا يعيد لنا الألوان وأفكار مهجنة (2)!

بقلم يوسف بولجراف

لو كانت الطبيعة تتحدث لنا فعلا و على الخصوص مع المبدعين الكتاب و الشعراء  من يزعمون أن الطبيعة تحاورهم ، من يدري ربما  فعلا تحاورهم   ! لكن أنا أقول الطبيعة اليوم  هي  غير مكثرتة لك الآن ، و لأي أحد كان  عندها ظروف هي أيضا  ! إن أردت الحديث معها تقول لك  عد مرة أخرى و نتحدث في موضوع أبياتك عني _ ممسلياش لك دابا _  هناك طيور مهاجرة لم تعد بعد ، و هناك  الهجينة عندها جواز أحمرو  كانت مستعدة لرحلة العودة وألغتها  بقيت عالقة هنا  بثقافتها المختلفة  المغايرة تماما لطبيعة الطيور الأخرى  ، أكنت تعرف أنها تغرد بالليل ؟  ربما لذلك سميت عازبة و تشبه  ما يقع لمشاعرنا بعد منتصف الليل  ! و يجب أن تتحمل أصواتها الطيور الأخرى ، هناك أيضا من بنت أعشاشها و فقست قبل حلول الربيع ، ثم  هناك بعيدا  في القارة الأخرى أعاصير لم تسمع بها من قبل و  تزداد كل يوم ك البنايات العشوائية و  يجب أن نسجلها في الحالة المدنية و أخرى  ندخلها في السجل العقاري للطبيعة حسب حجم قوتها   ! لذلك تذكر من الآن فصاعدا  أنه إذا كنت تريد التحدث إلي أو  عن فصل من الفصول  يعجبك  و تتغزل  بي  من خلاله   ، فعليك  تقديم طلب  موسمين وأكثر قبل وصول ذلك الموسم  الذي تريد الكلام فيه  وتحديد موعد مع الطبيعة ،هذا الموعد  يجب أن تكون فيه مرتبطًا و منفصلًا في نفس الوقت ، مزدوج المعايير تكون  منقطع عن كل المواسم السابقة ومرتبط بعدد المرات التي استمتعت فيها بشيء مميز فيها   حتى ولو قليلاً في نفس الفصل الذي تفضل الكتابة فيه طوال الوقت ، أترى كيف  أن كل شيء يتغير باستثناء الفصول المكتوبة والمواسم  عندك  !؟ إقرأ قصة الأمير الصغير و الثعلب ، ستجد أن ما تملكه دوما هو فريد من نوعه ،   في بعض الأحيان يبدو الأمر كما في السياسة ،  كل شيء يتغير  بحيث لا يتغير شيء في الواقع ولن يغير شيئًا فيه ،لأن في حقيقة الأمر  الأرض هي هي منذ ملايين السنين و هي تسير و نحن نسير  معها  و نتحدث عليها دون أن تشاركنا رأيها ،هذه نميمة  و تذهب حضارات و تأتي أخرى و تبقى الأرض هي الطبيعة ! رغم ما يقال أن بداياتها كانت تصدر أصواتا و يخرج منها بخار  بشكل أو آخر هناك من يتذكر أن  قوس قزح كان  بالأبيض و الأسود و قصته موعظة  فهو لم يكتسي ألوانه هكذا  بسهولة بين بضع قطرات مطر و أشعة شمس ساطعة قبل انقشاع غيوم في نفس الوقت ، و لم يكن آنذاك  الذئب قد خطب بعد ، لأن خطيبته اشترطت عليه أن يظهر قوس قزح في أبهى ألوانه ، فكر ثم ذهب عنده و عرض عليه فرصة الذهاب إلى سماء بحر الشمال ، و بقي هناك مدة ، قوس قزح كان في إسكوتلندا و كان ب الأبيض و الأسود يكابر مع الوقت و عاش مدة في الضباب عصامي يجمع اللوينات و بعدما اغتنى بنى له في كل سماء مكان بألوان إسحاق نيوتن ! و هذه هي القصة بكل بساطة .

  بـقــلــم يـــوســف بـــولــجــراف أفكار مهجنة (2)

غالبا تستهوينا أفكار أشخاص لانعلم عنهم شيء ، غير تلك الأفكار الجميلة التي أطلعونا عنها ، حبنا لأفكارهم يجعلنا نبحث  عن مسارهم و ميولاتهم الإيديولوجية و حتى الطبقه التي ينتمون إليها ، و في أحيان  كثيرة نصدم بين قوسين  تكون الأفكار غير مطابقة للواقع واقعهم  فتجعلنا نتساءل ! أيعقل؟ أو كيف بفكرة هكذا تنشئ من واقع كذا و تخرج من شخص ينتمي لفئه معينه ! هذا النوع من الأفكار الغير الطبيعي هو نتاج إحساس الإنسان بواقع الاخر و لو أنه لايعيش نفس الواقع و نفس الظروف لكنه يلامس الألم و يشعر بما يشعر به الاخر ! في هذا السياق أريد أن أبتعد عن موقف الشك في أفكار ذات قيمة إنسانية تدافع عن الميزيريا و الفقر لكن صاحبها بورجوازي مثلا   أو من فئة ميسورة تلك الفئة التي تتبجح و تترنح و تغيظ هههه  ! و إلا لكان الريب موضع نقاش في أصل الأفكار نفسها ، و سبب إنبعاتها ، ربما كل الأفكار التي تصلنا الآن و التي تدخل في سياق روح الإنسانية تأتينا غالبا من كتاب ماكانوا ليصلوا بهذه الأفكار لو لم يكونوا من النخبة أو الفئة التي وجدت مسارها سهلا ، أفكارهم رائجة ليس فقط بجمالياتها لكن أساسا بسهولة وصولهم لمنابع الإرسال ، ليس من الضروري أن أكون  فيلسوفا مناضلا  من إنتاج شي  كيفارا  حتى أتحدث  عن العدالة الإجتماعيه ! لكن من الأفضل أن أعيش الغبن لأشعر بما يشعر به المغبون ، أن أعيش الظلم لأحس بالمظلوم ، أو الجوع لأحس بالفقر ! كتلك النفحات من الأدب الروسي  أنطون تشيخوف وخادمته المغفلة  ، أو  عندما يصل  المفكر إلى مرحلة النضج ويبلغ وعيه الكامل ، لا يسعه إلا الشعور بأنه في فخ لا مفر منه كيفما كانت وضعيته  حين تأثر تشيخوف بمقال J’accuse…! حيث انحاز زولا إلى دريفوس ، “لنفترض أن درايفوس كان مذنبًا – سيظل إيميل  زولا على حق ، لأنه من واجب الكاتب ، عدم الاتهام أو عدم المحاكمة ، ولكن القتال من أجل المتهمين ، حتى لو كانوا بالفعل محكوم عليهم أو إذا تم النطق بالحكم عليهم. علينا أن نسأل أنفسنا: وماذا عن السياسة؟ ما هي  أسباب الدولة؟ لكن يجب على الكتاب والفنانين العظماء أن يتدخلوا في السياسة بقدر ما يجب أن يحرصوا على عدم القيام بذلك. لا يوجد نقص في المدعين العامين والمسؤولين والدرك و الجدارميا  […] ” الأدب العالمي الذي يتجه في هذا السياق لا يهتم  كثيرا  بمنبع الأفكار بقدر ما يهتم بقيمتها ! ولو لم تكن هذه الفئة مثلا لما وجدت أصلا أفكار جميله ترى النور اليوم بغض النظر عن صاحبها ، كما أنه ليس من الضروري أن أكون فقيرا لأتحدث  عن الفقر ، لأنه  ليس كل  شخص من الفئة المهلوكة   يمكن أن يعبر عن  حالته الإجتماعية و النفسية  لذلك وجد أشخاص يترجمون الواقع بأفكار جميله لها أثر  فينا و لو أنهم غير منتمين لنفس الواقع ،لذلك غالبا نجد فقراء يعشقون أغنياء ! هذا ما جعل  الأفلام الهندية  ذائعة  الصيت ! لأنها تحلم الفقاقير ! و  نجد الممثل الفنان يعيش البذخ بسبب تصويره الجوع ،  تعشقه الجماهير الشعبية  ليس إلا لأنه  قاسمهم أفكار أحلامهم و جعلهم يعيشون حلما جميلا في واقعهم البئيس، كل هذا عن حسن نيه في إستبعاد تام لأولئك الكتاب الوصوليين ، و الذي ينشأ  أدبهم من الألم غايتهم فقط الشهره و أشياء أخرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube