حيمري البشير

لا مصالحة بدون إبراز الحقيقة

هل فعلا تحققت المصالحة وتم إنصاف المناضلين الذين قضوا سنوات في سجون العذاب والتعذيب الرهيب ،سؤال مازال يطرحه العديد من الذين عاشوا الحقبة الزمنية وقضوا سنوات في سجون أثرت على صحتهم ،منهم من قضى نحبه ومنهم من لا زال يعاني من تبعات التعذيب الذي تعرض له ،حياتهم بعد خروجهم من المعتقلات كانت بالفعل جحيما ،ولم تنصفهم حتى لجنة الإنصاف والمصالحة،وحتى الأموال التي خصصتها اللجنة لم تكن كافية لإنقاذهم من تبعات التعذيب الرهيب الذي تعرضوا له .الغالبية منهم ،تركت سنوات القمع والسجون التي مروا بها آثارا سلبية وذكريات سيئة لن تمحوها السنون التي مرت .سنوات مرت بعد تأسيس هيأة الإنصاف والمصالحة ،أملا في بداية عهدا جديدا يقطع مع ماضي الإنتهاكات الجسيمة،ويحقق دولة الحق والقانون،ويؤسس لمجتمع ديمقراطي ،يقطع مع سنوات القمع والرصاص والنهب والفساد سؤال بالفعل أصبح يؤرق الذين قدموا تضحيات جسام للوصول إلى اللحظة التي ناضل من أجلها جيلا كانوا يؤمنون بالتغيير،وقدموا ضريبة النضال .سنوات مرت بعد استقلال المغرب ،ودخل اليأس نفوس عانت من القمع والتعذيب خلال حقبة زمنية ليست بالقصيرة ،لم يصمتوا بل واصلوا المعركة ،لم يتم إنصافهم بل عاشوا غرباء في وطنهم،محاصرين ،منهم من فضل مغادرة الوطن حتى يتخلص من أشباح تطارده في كل وقت وحين وحتى يطوي سنوات الرصاص ،والمتابعة اليومية للأجهزة التي تراقبه حتى مثواه الأخير .في ضل مايجري في بلادنا هل فعلا خطونا خطوات من أجل تحقيق المصالحة وطوينا صفحة الإنتهاكات الجسيمة التي عانا منها العديد من شرفاء هذا الوطن ،وقدموا ضريبة النضال ،منهم من قضى نحبه ومنهم من لازال حيا يرزق ،لكن جحيم المعاناة لازمه ولم يعش لحظة الإنصاف الحقيقي .ولم يتمتع بمفهوم المصالحة الحقيقي .شبح سنوات الرصاص لازمه وصراخ المناضلين تحت التعذيب لازمه خلال الحقبة التي عاشها .بعد طي صفحةالإنتهاكات الجسيمة وسنوات الإعتقال والسجون الرهيبةومضي سنوات من تأسيس لجنة الإنصاف والمصالحة.من بقي حيا من جيل قدموا ضريبة النضال مازالوا يطالبون الدولة بالإنصاف الحقيقي ،ومازالوا يخشون من التراجع الخطير في مجال حقوق الإنسان رغم مرور سنوات من تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان،الذي كان مشروعا متقدما في العالم العربي وإفريقيا .إلا أن استمرار الإنتهاكات الجسيمة ،وغياب الإنصاف والعدالة في المحاكمات والمتابعات التي تحصل ،تجعل المواطن يفقد الثقة في المؤسسات التي تم تأسيسها ،إن استمرار الدولة في تغيب الحقيقة عن ملفات بعض المخطوفين ،ستبقى وصمة عار ،وسيبقى أهالي المختطفين يطالبون الدولة المغربية بإظهار الحقيقة،والكشف عن مكان رفاتهم للترحم على أجسادهم الطاهرة ،ومن دون كشف حقيقة ماجرى للعديد من المناضلين الذين تمت تصفيتهم وفي مقدمتهم المهدي بن بركة والحسين المانوزي وبقية الشهداء الآخرين الذين قدموا أنفسهم وأرواحهم فداءا للوطن .سيقى المناضلون الشرفاء الذين يؤمنون بالديمقراطية والعدالة الإجتماعية والإنصاف يواصلون المعركة لتحقيق الحلم الذي مات من أجله العديد من الذين قضوا نحبهم وآخرون قضوا سنوات في السجون ومازالوا يعانون من آثار التعذيب ،من أجل هذا الوطن الذي نحبه نتطلع لتحيق العدالة والديمقراطية وطي صفحة الإنتهاكات الجسيمة التي مازالت قائمة تسيئ لصورة بلادنا ،كان آخرها أحداث الفنيدق.

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube