مستجداتمقالات الرأي

كلمات د ويحمان: ظاهرة هشام جيراندو سوسيولوجيا .. ماذا يمكن أن تعني ؟

** .. في الحزب الأقوى بالمغرب —————-

ظاهرة هشام جيراندو سوسيولوجيا .. ماذا يمكن أن تعني ؟-

أحمد ويحمان *

في دردشة عابرة ذات مساء مع قائد المقاومة وجيش التحرير، المرحوم محمد الفقيه البصري، دار النقاش بمنزله بالدار البيضاء حول الوضع السياسي وبداية التراجع الذي بدأ تسجيله وقتها ( حوالي ربع قرن من الآن) في أداء الأحزاب السياسية الموسومة ب ” الوطنية ” وتراجع مصداقيتها وشعبيتها بالتالي .

كان أحد الأصدقاء، للاستدلال على ذلك، قد أورد مثالا لعرض حضره، بالصدفة، دعت له الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بإقليم الرباط، من تأطير القيادي الاتحادي محمد اليازغي، فكان عدد الحضور لا يزيد عن ستة وعشرين (26) شخصا من بينهم أحد عشر ( مستشارا جماعيا ) !

كان هذا *خبرا* بمقاييس تلك المرحلة، لاسيما وأن موضوع العرض مرتبط بزمن التحضير للانتخابات .. وكانت صورة مهرجانات الاتحاد في مثل هذه السياقات ما تزال حية في الأذهان .. ولاسيما صورة تجمع ملعب پيكس بالرباط الذي أطره المرحوم عبد الرحيم بوعبيد حيث كان الفضاء عامر عن آخره غاص بالمناصلات والمناضلين والعاطفات والعاطفين من كل الأعمار والانتماءات السوسيومهنية المختلفة .

كنا وقتها قد عدنا من فعالية فنية رفقة الصديق أحمد السنوسي( بزيز) في فاس .. كان النشاط بالحي الجامعي ظهر المهراز العتيد .. ورغم الأمطار كانت قاعة الحفلات غاصة الجماهير الطلابية وبالمناضلا والمناضلين من مختلف الأحزاب الوطنية والتقدمية من فاس والنواحي وتابع الحفل جمهور كبير بالجنبات والخارج تحت المطريات يقاومون برك الماء المتجمعة في الساحة التي امتد الحضور الجماهيري إليها … وكانت أجواء الفعالية الفنية جد حارة رغم أجواء الطقس الباردة !

بعد تقديم الصديق لمؤشر بداية العد العكسي لاندحار حزبنا؛ الاتحاد، الذي قدمه الصديق، ارتأيت أن أقدم مؤشرا مناقضا لأوازن بواعث الإحباط، فعلقت، بعد أن أخبرت بأجواء نشاط فاس والحضور القوي وحماس وتحاوب وتفاعل الناس مع لوحاته حول القمع وتزوير الإرادة الشعبية ومختلف مظاهر الفساد والاستبداد و الانتهازية والسلوكيات المنحرفة للنخبة .. علقت بالقول :” … ولا أحمد حزب سياسي بوحدو ” … !

وكعادته في الرد السريع والعميق والساخر عقب الفقيه من مخزوناته المراكشية وضحكته المعهودة :” بل قل : أقوى حزب سياسي ! ” .

وقد كان بالفعل، من ناحية التمثيل الجماهيري والشعبي، وقتها أقوى من الأحزاب .. والحضور والتفاعل مع محتواه الفني كان اكبر شاهد على ذلك .

تذكرت هذه القصة ومضامين هذه الدردشة عن ظاهرة بزيز وأنا أتابع، هذه الأيام، ظاهرة مماثلة يمكن أن نطرحها للنقاش على الباحثين في علم الاجتماع؛ وعلم الاجتماع السياسي بالذات تحت مشروع السؤال الإشكالي التالي : ما الذي يجعل شخصا ذاتيا يرتقي في التأثير بالمجتمع إلى مستوى دور الأحزاب .. ويزيد عليهم ؟! أقصد، طبعا، ب “الظاهرة المماثلة” التي استدعت ظاهرة “بزيز ” قبل سنوات المؤثر المغربي المقيم بكندا السيد *هشام جيراندو* . إنه ظاهرة سوسيو سياسية وتواصلية جذيرة بالقراءة والدراسة .. يتفق المرء معه كليا أو جزئيا أو يختلف .. ليس هذا هو المطروح .. المطروح هو أن هذا المواطن المغربي خلق واقعا اجتماعيا وإعلاميا لا يمكن القفز عليه، أيا كان الموقف من محتواه الذي ينتجه .

كانت لوحاته ووصلاته وتدويناته تثير اهتمامي، من حين لآخر، ثم صادف أن أعاد نشر مقطعا، من بضع دقائق، في حوار صحفي لي مع قناة هوية بريس، فإذا بالمشاهدات لهذا المقطع تتجاوز مليون وأربعمائة ألف مشاهدة ( اتصلت بي قريبة من مكناس متابعة جيدة لوسائط التواصل الاجتماعي لتصحح لي انه تجاوز المليون ونصف المليون الآن !!!) .

عندما عدت للاطلاع على ما ينتجه الرجل وتفاعل المجتمع معه، اقتنعت أكثر وأكثر أنه، فعلا ظاهرة، ليس قابلة للدراسة وحسب وإنما هو ظاهرة مطلوب إيلاءها ما ينبغي من الاهتمام البحثي الأكاديمي . *آخر الكلام* إن شهية الاستمرار بالكلام في ظاهرة هشام جيراندو مفتوحة عن آخرها، في الحقيقة، غير أنني افضل أن أقف هنا .. وعسى أن أكون بهذه ال *كلمات* أساهم في دفع أحد الباحثين الشباب، ونحن في بداية الموسم الحامعي، ليتولى هذه المهمة ويبادر إلى تسجيل رسالته و التنقيب في هذه الظاهرة وسبر أغوارها للجواب على الأسئلة الإشكالية :+ ماهي الحاجة المجتمعية التي أنتجت هشام جيراندو ؟+ ماذا يعني أن تدويناته أصبحت مثل ” بتي پان ” ، كما يقال، عند المغاربة ؟+ ما علاقة هذه الظاهرة بابتذال الحياة السياسية وتفكيك وتمييع الأحزاب وإرشاء النخب وتراجع المصداقيات ؟

+ وماذا تعني، سوسيولوجيا، ظاهرة هشام جيراندو ؟

+ ما علاقة بروز ظاهرة هشام جيراندو باستحكام الاستبداد الفساد ؟

+ ما معامل الارتباط بين تراجع هامش حرية الرأي والتعبير وتصاعد القمع واعتقال الصحفيين وإغلاق الصحف ببروز الظاهرة ؟

+ ما دور رقمنة المحتوى في نقل المثقف المؤثر ( المشتبك) في الارتقاء بهذه السرعة للعب دور الحزب؛ بل الأحزاب ؟

وزيادة في التحفيز للباحثين الشباب، نتطوع، بعد هذه الأسئلة الإشكالية، حتى بمشروع هذه *الفرضية* :

+ إن قمع وتهميش بعض الأحزاب وتفكيك بعضها وإرشاء النخب وتمييع الحياة السياسية والتضييق على الحريات وخنق الصحف واعتقال الصحفيين … كل هذا خلق الفراغ .. ولأن الطبيعة تأبى الفراغ، فقد برزت الحاجة الماسة لمن يملأه .. فكانت الحاجة المجتمعية تقتضي، ضرورة، ظهور هشام جيراندو .. وربما هشام جيراندوات أخرى في المستقبل وعلى مختلف المستويات ..

توكلوا على الله .. وهو الموفق .. وعليه فليتوكل المتوكلون !————————*

باحث في علم الاجتماع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube