تبون والصراع الروسي الأوكراني،وطلب الحماية من بوتين
لم يفوت الرئيس تبون الفرصة في لقائه ببوتين لطرح مشكل الحرب بين روسيا وأوكرانيا ،وكانت إشارته عابرة لم تتجاوز جملة لأنه يعلم مسبقا أنه ليس قد المقام كما يقال في العامية المغربية .،وهو يعلم كذلك أن هذه الأخيرة دعمت استقلال القبائل عن الجزائر ،بل استهزأت بمبادرته للوصول إلى الهدنة وإنهاء الحرب مع روسيا .تبون أشار إلى هذه الحرب المدمرة بنية إقناع بوتين بنظرة الواثق بأن رئيس الفدرالية الروسية الصديقة كما يخاطبه ،سيستمع إليه وسيكون تبون الغارق في المشاكل والذي يعاني من انقسامات تزداد يوما عن يوم في الشمال والجنوب قد حقق إنجازًا كبيرا بوقف الحرب المدمرة بين البلدين ،والمهددة لسلامة كل أوروبا والعالم .تبون في كلمته أمام بوتين بدل خطابه كليا عن الصحراء واستعمل مصطلح النزاع في هذه المنطقة وهو يدرك الإختلاف والرؤيا بين موقف بوتين وموقفه .بل مر عليها مر الكرام ،محتشما ولم يطرح حلولا لإنهاء هذا الصراع ،ولم يستعمل مصطلح تصفية الإستعمار في الصحراء كعادته أستغرب حقا عندما يحشر تبون نفسه في الصراع القائم بين روسيا وأوكرانيا ،لا لشيئ سوى لأنه أصغر من المقام،وتحاشى غضب بوتين ،في مواصلة الحديث حول هذا المشكل،حتى يتفادى غضبه خصوصا وأنه كان يقابله وجها لوجه ،ويلمس نظراته الحادة له.وفي تحليل دقيق للكلمة التي ألقاها تبون أمام الدب الروسي ،يلمس المتتبع والمستمع ضعف شخصية رئيس دولة الذي جاء ليتوسل من أجل الحماية من جديد لأنه أحس بالفعل بأنه فشل في كل مخططاته لزعزعة استقرار المغرب ،وصرف أكثر من خمس مائة مليار دولار لمدة تجاوزت سبع وأربعين سنة لدعم جمهورية الوهم في تندوف،والتي أصبحت تعيش على صفيح ساخن هذه الأيام بفعل ثورة يقودها المحتجزون في المخيمات ضد العصابة الحاكمة. إن من دوافع هرولة تبون ونظام العسكر الداعم له لزيارة موسكو ،هو الهلع والخوف الذي أصبح يعيشه من تكرار تمارين الأسد الإفريقي في منطقة قريبة من تندوف،منطقة المحبس،والتي عرفت هذه السنة مشاركة إسرائيل وتونس جنبا إلى جنب ،تونس التي كان قيس سعيد إلى عهد قريب يرفع شعارات ضد التطبيع والتقارب مع دولة الإحتلال ،لكن مشاركة قوات تونسية هذه المرة جنبا إلى جنب مع القوات الإسرائيلية ،يعتبر تحولا كبيرا في سياسة تونس وانقلاب كبير على الجزائر ولا أستبعد أن يلجأ قيس سعيد لاتخاذ قرارات موجعة للجزائر التي ورطته في قضية توجيه دعوة لبن بطوش لحضور قمة تيكاد.لا أستبعد أن يفاجئ قيس المغرب باعتراف رسمي بمغربية الصحراء كشرط وضعه المغربية لعودة العلاقات لطبيعتها.فتبون من دون شك سيخسر تونس .وباستمرار تآمره وتدخله السافر في الشؤون الليبية ومحاولته إفشال المجهودات التي يبذلها المغرب في الآونة الأخيرة في جمع الفرقاء الليبيين عدة مرات في طنجة والرباط وبوزنيقة والصخيرات .من دون أن يتدخل في فرض شروط معينة.هدفه الأساس هو إنجاح مسلسل الحوار مع جميع الأطراف للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة تكون كلمة الفصل فيها للشعب الليبي عن طريق صناديق الاقتراع.إن الرئيس بوتين اختار زيارة تبون لروسيا ليوجه له ضربة موجعة بإعلانه فتح قنصلية روسية في القدس،التي يعتبرها المسلمون في كل بقاع العالم،مدينة فلسطينية ترزخ تحت الاحتلال الإسرائيلي ،وهي رسالة وضربة موجعة لتبون الذي يندد بالتطبيع والتقارب مع إسرائيل ،وفتح قنصلية روسية في القدس اعتراف روسي رسمي بأحقية دولة إسرائيل في القدس الغربية ،والرسالة الثانية التي يريد بوتين توجيهها لتبون هو أن تدخل روسيا في شؤون المغرب والشراكات التي يسعى لتعزيزها لا يجب أن تتدخل فيها روسيا ،مادامت روسيا نفسها تجمعها علاقات اقتصادية مع إسرائيل ومادام أن اليهود الروس في إسرائيل يشكلون تكتل سياسي قوي مثله مثل تكتل اليهود المغاربة.إذا تبون سافر للقاء بوتين من أجل تجديد الولاء له وطلب الحماية والدعم للنظام القائم في الجزائر لأنه أحس بالفعل أن التقارب المغربي الأمريكي الإسرائيلي بعد توقيع اتفاقية أبرهام أصبح يشكل أكبر تهديد للنظام العسكري القائم في الجزائر .إذا تبون رهن من جديد الجزائر وخيراتها لروسيا من أجل حمايتها وفتح باب جهنم عليه من طرف الولايات المتحدة وفرنسا والإتحاد الأوروبي وحلف الناتو .وتصريحات تبون بعدم التعامل باليورو والدولار من أجل الإنخراط في منظمة البريكس يعتبر أكبر خطأ ارتكبه تبون سيقود الجزائر إلى الهاوية وستكون له تبعات خطيرة على الآقتصاد الجزائري المنهار أصلا.ثم لابد من الإشارة في الأخير إلى أن الجزائر غير مؤهلة للقيام بمبادرة لنزع فتيل الحرب بين روسيا وأوكرانيا لأنها دولة منحازة لروسيا ولن تقبل أوكرانيا أن تتكلم الجزائر عن الصراع والحرب القائمة بين الدولتين ،لأنها دولةغير مقتنعة بتاتا بالسلام وحماية الأراضي الأوكرانية من الاعتداءات التي تتعرض لها من الجانب الروسي .
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك