مستجداتمقالات الرأي

كطالونيا، صراع بيادق الأجهزة المغربية

ذ. المصطفى القادري ـ لندن

تعيش كطالونيا على صفيح ساخن بسبب الصراعات التي طفت إلى السطح خلال اليومين الماضيين، الصراع الذي يراد له أن يغلف بالمزايدات ذات الطابع الوطني، حيث أن عناصر تابعة للجاسوس المغربي المطرود من قبل السلطات الإسبانية سنة 2013، المدعو نور الدين الزياني على خلفية تورطه في أعمال استخباراتية للأجهزة المغربية تقضي بالسيطرة على الفضاء الديني بكطالونيا و ملء حزب الإئتلاف الديموقراطي الكطلاني السابق بعناصر تابعة و مسيرة من قبل الديبلوماسية المغربية، في محاولة لإعادة تجربة الحزب الإشتراكي، هذه العناصر المتفرقة و التي أصبح من الواضح أنها تدار بشكل مباشر من قبل نور الدين الزياني وبالتنسيق مع خلية نائمة متخفية تحت غطاء سياسي بكطالونيا، تريد أن تركب و بتنسيق مع الأجهزة على تصريحات المدعوة مريم الحطيبي حول الشعب الصحراوي، لإسقاط الهجوم على شخص البرلماني السابق محمد الشايب الذي صرح لهذا الموقع في تفاعل سابق بأنه يؤدي ضريبة الموقف غاليا من خلال إقصائه من اللائحة الإشتراكية.
محمد الشايب المقرب من المغرب و عضو المجلس الاستشاري الملكي للجالية المغربية المقيمة بالخارج، و الذي سطع نجمه صدفة خلال التسعينيات بسبب تواجده في لائحة مواطنين من أجل التغيير المساندة للحزب الإشتراكي التي حققت إزاحة الإئتلاف الكطلاني الحاكم من سدة الحكم بكطالونيا، وبالنتيجة فقد تم احتضانه من قبل الديبلوماسية المغربية و أجهزتها، و توغل إلى درجة التغول بمؤسسات إسبانية و كطلانية أهلته لكي يتحول إلى مخاطب معتمد على صعيد كل المستويات بل أصبح يشارك في تكوين عناصر الشرطة الكطلانية مثلا، غير أن السيد محمد الشايب ارتكب أخطاء قاتلة جعلت منه عدوا لذوذا للعديد من حركيي السياسة و المجتمع المدني، بسبب قصر قامة الرجل السياسية و الفكرية و تخوفه الشديد من الأطر و الطاقات، فبدلا من أن يفتح المجال و يدعم قيام حركة مجتمعية و مدنية وازنة، ركز كل اهتماماته في إقصاء كل من يمكن أن يشكل تهديدا لموقعه الذي يذر عليه الخيرات و الإمتيازات.
كان بإمكان الشايب أن يصبح غاندي الجالية المغربية و صانع القادة و مهندس الريادة في حال اتباعه مقاربة مغايرة ترتقي عن لغة المصلحة الشخصية و الإرتماء في أحضان الأجهزة، و قد شكل هذا تحديدا مع احترامنا لشخصه، مصدر خلافنا الشخصي معه على مستوى منهجية التفكير، إذ كنا نعتبر أن بناء حركية مجتمعية كمدخل لتقوية الأطر و الفاعلين و فتح أفاق إرتقائهم في شتى المجالات و التحول إلى رقم في معادلة القرار بكطالونيا ، كفيل بحماية مصالحهم ومصالح الجالية ككل .
الأجندة المغربية شكلت و لا تزال مصدر قلق للسلطات الإسبانية التي تراقب تحركات الفاعلين و تحلل علاقتها بالأجهزة المغربية لمعرفتها يقينا بأن المغرب يرمي إلى التحكم و يضع رهن إشارة عناصره مقدرات مالية بدعوى تطبيق مقاربة أمنية، فالشأن الديني، المدني و السياسي بل حتى المهني و الإعلامي للمواطنين المقيمين بالخارج أولوية الأولويات بالنسبة للدولة، و هندسة كل تفاصيل التحركات، كل هذه المعطيات تؤكدها تقارير للأمن الإسباني تم نشرها بالإعلام أكثر من مرة.
ولن ننسى أن الضرر الذي ألحقه بدوره الزياني وعناصره و بمباركة الديبلوماسية المغربية، كبير و لا يغتفر، فقد هدموا عن إدراك و أقبروا مع سبق الإصرار و الترصد الكثير من المبادرات الجادة و الهادفة، و اليوم نرى أن المستوى قد تدنى بشكل غير مسبوق إلى درجة وضع أشخاص مشكوك في أخلاقياتهم في مواقع و تحريكهم كالدمى في صراعات مواقع ستضع الرصاصة الأخيرة في جمجمة الفضاء العام و تنهي ما تبقى من سمعة المغاربة.
هناك من يعول على عودة المدعو نورالدين الزياني إلى كطالونيا بعد إنتهاء العشر سنوات المقررة في حقه، الأمر الذي أعتبره شخصيا أمرا مستبعدا حيث لا أتصور أن الأمن الإسباني سيوافق على دخوله إلى مجاله الترابي، لكن و مهما كان الوضع الذي سيعرفه ملفه في السنوات القادمة، الأجهزة المغربية مدعوة إلى رفع اليد و التوقف عن تحريك هذه الدمى التي تسئ إلى قيمة الدولة من جهة، و حرفية الأجهزة التي توصف بالذكاء غالبا من جهة أخرى، من خلال التصريحات التي أصبحنا نراها في الفضاء العام جلها لاأخلاقي و يشوبها التهديد المباشر لسلامة مواطنين يعبرون عن مواقفهم و ارائهم و لكم في هذا المثال الأخير لتعليقات من سمي بالجاسوس النائم بأحد الأحزاب الكطلانية الذي هدد مواطنا بالأمس متوعدا إياه بالتعذيب الجسدي و المتابعة عند عودته إلى الوطن في مفارقة مبكية مضحكة، و هو الذي رفع دعوى قضائية ضد الديبلوماسية لنفس الأسباب. و أتساءل، هل هذا هو مستوى العناصر المستقطبة من طرفكم؟ و هل ستسمحون لعناصر محروقة أن تكون في الواجهة السياسية و الجمعوية التي تهندسونها بدقة؟ أبهاته العقليات التي تناقض ثقافة المجتمع الإسباني و الكطلاني فيما يخص حرية التعبير، و احترام المرأة تريدون أن تنالوا الحضوة و تحققوا التأثير الإيجابي عندما يتعلق الأمر بالمصالح الوطنية؟
أعتقد أنه آن الأوان للملمة الفوضى، و تنقية الفضاء من المستويات المتدنية، و التفكير في مقاربة معقولة و إحداث اليات للتحقق من التقارير المفبركة التي تهدف إلى مواصلة استنزاف المال العام من خلال المطالبة بالمزيد من الميزانيات للدعم، و الكل أصبح يعلم أو يتخيل أين تنتهي كل هاته الموارد. ثقافة العرارم المتحكم فيها هنا و هناك لن تفيد فارفعوا اليد رجاء فقد انتشرت الروائح الكريهة، و أصبحنا نكتة أيها السادة حين نجعل من صراع الكراكيز قضية وطن، و لكم واسع النظر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube