كتاب حرة بريسمصطفى المنوزي

بالتي هي أحسن وأسمى

توقيع مصطفى المنوزي *

مرة أخرى أخشى أن نخلف الموعد مع التاريخ ومع الزمن التحرري ، إذا لم تتسم حيويتنا باليقظة والذكاء الكافي لالتقاط إشارات و مؤشرات التغير الحاصل في حجم ونوعية قوة جيراننا ، حتى لا نقول قدماء مستعمرينا أو حلفائنا التقليديين ، الذين لسنا في نظرهم سوى قنوات وساطة للسخرة الأمنية ، وصمام أمان و كدركيين للمنطقة وجمارك للحدود وحواجز لصد تدفق الهجرات غير القانونية وغير المنتجة للمنافع المالية والإقتصادية . صحيح أن النظام ومعه التحالف الكمبرادوري الحاكم قد يكون محرجا بحكم الخدمات المصالحية و الحمائية والأمنية المتبادلة ، رغم إذعانيتها ، وصحيح أن باب التسويات البينية سيظل مشرعا ، مما يستدعي بذل كثير من العناية والحذر تجاه كل محاولات الإلتفاف على مطلب استكمال مطلب تصفية الإستعمار وفك الإرتباط مع كل التعاقدات الإذعانية والإلتزامات الدولتية كتداعيات لإنهاء عقد الحماية المسمى ” إستقلالا سياسيا ” ، لكن الذي ليس يقينيا هو أن الأمر لا يتعلق بمجرد سلوك لحكومة فرنسا أو رئيس دولتها ، إنه خيار تشتم منه رائحة مصالح الدولة العليا ، والتي قد تضحي بأي كان كبشا للفداء وامتصاص النقمة ؛ ولذلك فالحقيقة الوطنية تقتضي مصارحة المغاربة بنوايا الدولة الحقيقية ، لأنه كلما تم تسييد التشاركية والشفافية كلما تم إذكاء الحماس الوطني وحصل الإصطفاف دفاعا عن الوطن وكرامته ، ولا يسعنا إلا أن نؤكد على أن اللحظة الوطنية للحسم والقطع مع فلول الإستعمار وطوابيره سانحة ، وعلى الجميع تحمل المسؤولية التاريخية ، وكفانا أنصاف الحلول ، فطي صفحة الماضي مشروط بإرادة سياسية لبناء دولة وطنية قوية بمواطنيها الأحرار بدل دولة مخيفة بفزاعة الخوارج على إختلاف مشاربهم . حقا إن المغاربة يثقون ، في سياق الأولويات ،في المؤسسات الأمنية ولكن هذه الأولوية تؤطرها فوبيا عدم الإستقرار والتوجس من المصير المجهول ، فليس الحق في الأمن ضد الخوف إلا رديفا توأما للحق في الأمن ضد الحاجة !

  • رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID