لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية.. دعمت مهرجان اغورا للسينما والفلسفة ولما كبر ارادت هدمه، كيف للمغرب أن يتقدم بالتفاهة؟
أحمد رباص – حرة بريس
ليت السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل، ومرؤوسه رئيس لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية يعلمان أن فاس، بفضل المهرجان المراد وأده، أصبحت معلمة ومنارة فلسفية في حوض البحر الأبيض المتوسط، وستظل كذلك رغم كيد الكائدين!
كان وراء جعلها عاصمة الفلسفة كوكبة من كبار الفلاسفة، نخص منهم بالذكر الإيطالي جياتي فاتيمو والفرنسي إدغار موران والإسباني خوان ماركوس كيسادا والمصري حسن حنفي واامغاربة محمد سبيلا وعبد السلام بن عبد العالي ومحمد المصباحي ومصطفى القباج، وكل الفلاسفة الذين سجلوا حضورهم في ربيع الفلسفة والإبداع بفاس ووقعوا بيان فاس التي أصبحت باعتراف منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عاصمة الفلسفة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
كيف تم إجهاض هذا الأمل؟ وما الداعي الذي حدا بهذا الرجل الذي يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان إلى قتل حقوق الفلسفة وعشاقها؟ ألا يكون هذا مصيرنا في بلد تسند فيه السلطة لمن لا يستحقها؟ ألا نكون ضحية هذا الدمار، هذا البؤس الفكري، هذا التوجه نحو العدمية، هذه التفاهة؟
وعلى ذكر الكلمة الأخيرة، فالتافه هو الذي يحن إلى تافه مثله، هو الذي يكتشف تافها مثله.
.لذلك، فقد لاحظنا أن الأموال تتهاطل على المهرجانات البئيسة، التي لا طعم لها ولا مذاق، بل غايتها الاوحد هي جمع المال من أجل المال، ونشر التفاهة، التي قوامها صور باهتة، ومع ذلك نجدها تدعي أنها تدافع عن المغرب الذي هو في حاجة إلى المثقف، والعكس صحيح (vice versa). وهكذا يتضح أن قتل مهرجان أغورا للسينما والفلسفة بفاس قتل للأمل.
نحن نتساءل بكل براءة: هل أحدثت هذه اللجنة من أجل الدعم ام من أجل الهدم؟ وكيف يمكن لها أن تجمع بينهما في آن واحد؟ وهل يتعلق الأمر بمؤامرة تحاك خيوطها خارج اختصاصات اللجنة؟
كنا قابعين في قاعة الانتظار ووجدنا أنفسنا أمام باب يفضي إلى الجحيم، وبدأت محاكمة الفلسفة بشراسة مع سبق الإصرار والترصد. وهكذا سمعنا صوت الرئيس يصرخ في وجهنا. هل يحق لنا الكلام أم الصمت؟ قال لنا: أنتم الفلاسفة..! وكأنه يتهمنا بشبهة تعاطي الفلسفة. وهل أصبحت الفلسفة جريمة في عرف هذا الرجل الذي كان إلى عهد قريب يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان..هل للفلسفة عنده حقوق أم لا؟
آخر ما اكتشفناه أنه كان محرضا من قبل تلك الصحافية التي كانت تبتز المهرجان باسم اللجنة. فإما الخضوع أو القمع..
نحن في الحقيقة سعداء..أردنا أن نؤجل الدورة، لكن اتصل بنا كل المشاركين من حوض البحر الأبيض المتوسط (مخرجين ونقاد ومديري مهرجانات) ليعلنوا تضامنهم معنا، وأخبرونا بأنهم حجزوا بطاقات السفر من مالهم الخاص. فالمهم عندهم هو الدفاع عن هذا المهرجان الذي أصبح منطقة ضوء يبدد ظلام البحر الفاصل/الواصل بين إفريقيا وأوربا، والذي احتل فيه الصراع مكان الحقيقة.
عندما ابلغهم مدير المهرجان بعزم الجمعية على تاجيله، قالوا له: كيف تنسحب وأنت منارة الفلسفة في فضاء البحر الأبيض المتوسط، كما قال بحق إدغار موران؟ ولولا هذا الرجل لما كان هناك يوم عالمي للفلسفة. ظل على استعداد ليقاوم من أجلها إلى أن انتزع لها هذا العيد. من المؤسف حقا أن يتم اضطهاده.
شيئا فشيئا سقط المغرب في التفاهة على يد هؤلاء الذين يدعون الحداثة بدون حداثة، يدعون العقلانية بدون عقل. غرضهم قمع التوجه التنويري، والدليل أن مهرجان السينما والفلسفة هو الوحيد الذي آل على نفسه التأسيس لسينما البحر الأبيض المتوسط.
فهنيئا لكما، يا وزير ويا رئيس، بوأد هذا المهرجان! سيذكر لكما التاريخ والأجيال القادمة يدكما السوداء في هذا القمع، فلا شك انكما منذوران للرحيل إن عاجلا أو آجلا.
أما نحن فسنظل نقاوم ونقاتل بعزم مشوب بالحسرة، لأن المغرب ليس لكم وحدكم، بله للمغاربة قاطبة..