د. أحمد ويحمان
نعم نحن ما نزال في موضوع الصهينة الشاملة ومسلسل أسرلة المغرب .
صحيح أننا أطلنا فيه الحديث وكأنه لم يعد هناك موضوع غيره .. ولكن، على غرار المثل : ” يا روح ما بعدك روح “، ماذا يفيد أي موضوع آخر عندما يكون المرء بإزاء قضية مصيرية ووجودية .. قضية حياة أو موت ؟!
أكيد .. ولا شيء ..!!
لا قيمة لأي موضوع آخر أمام موضوع “حياة أو موت” إنسان .. وهي كذلك بشكل مضاعف عندما يتعلق الأمر بمصير شعب أو وطن .
نعم إن القضية مصيرية بالنسبة للمغرب، أرضا وشعبا ودولة ..
هي مصيرية لأنها تهم المغرب ككيان .. حاضرا ومستقبلا .. هي مصيرية لأن السؤال اليوم هو: هل سيبقى المغرب، كبلد، قائما مع سيرورة الأسرلة المفترسة التي ما انفكت تنهش في كيانه منذ مدة ؟ … أم إنه سينتهي إلى الانهيار كما ينهار الجاموس المثخن بجراح الأنياب ومخالب الوحوش الضارية المتكالبة عليه؟
مناسبة هذا التأطير ل “كلمات” اليوم هي، بالطبع، ،عن زيارة مجرم الحرب، الإرهابي عفيف كوخافي، رئيس أركان حرب جيش الاحتلال الصهيوني لبلادنا بدعوة من تيار الآيباك الذي اختطف الدولة ومؤسساتها وأقحم البلد كله في مقامرة ترهن مستقبل واستقرار وأمن ووحدة وتماسك المجتمع المغربي .. وبالتالي كينونة ومصير البلد بيد الكيان الصهيوني!
مناسبة تقديم المقال هكذا يعود أيضا إلى عنوان هذه الكلمات ..
فما الأمر ؟ وما المعنى الخاص لعنوان المقال ؟
1- في العنوان
نبدأ بأحد أجزائه: … مسقط رأس أمه .. م !!!، والضمير يعود، طبعا، على رئيس أركان جيش الحرب الصهيوني .. أما حرف “م” فنعود إليه في الفقرة اللاحقة عند حديثنا عن المعنى؛ معنى العنوان برمته.
فلنبدأ من البداية !
يقول الخبر من القناة الصهيونية إسرائيل 24i بمناسبة زيارة مسؤول جيش الاحتلال للمغرب والتي تمتد على ثلاثة أيام :
“(…) ان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقوم بزيارة عمل، الأول من نوعها، بالمنطقة حيث سيزور دولة مسقط رأس أمه..”
هذا عن الخبر ومضمونه “الحرفي” (بتفخيم الراء أو تخفيفه.. سيان) كما تناقلته القناة العبرية، التي افتتحت لها مكتبان بكل من الرباط والدار البيضاء، قبل أيام، لدواعي الدعاية والبروبغندا ولحاجة المخطط الصهيوني للأساطير المؤسسة ل”سردية جديدة” لازمة ل”إسرائيل جديدة” على أرض المغرب؛ هذه البروبغندا وهذه الأساطير الموكل إليها وإلى متعهديها هدف ومهام تدوير و إعادة تدوير عبارة “من اصل مغربي” عن كل صهيوني تحط أقدامه بالمغرب طوال العشر سنوات الأخيرة، حتى قبل إعلان التطبيع الرسمي، وذلك عبر سلسلة كبسولات و أفلام و أخبار و تقارير بقصد “مغربة صهاينة الكيان هناك.. و أسرلة يهود المغرب هنا”..
2 – في المعنى :
“الأساطير الجديدة المؤسسة”
كما كان “شعب الله المختار” و “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” و”أرض الميعاد ” … وغيرها من الأساطير لازمة لتأسيس “إسرائيل”، المنتهية صلاحيتها اليوم بفلسطين، فإن “إسرائيل جديدة” تحتاج إلى “أساطير جديدة” منقحة ومزيدة ومحينة ومبيئة بالبيئة البديلة المستهدفة؛ “المغرب”..
القضية كلها، إذن، هي في الأساطير الجديدة المؤسسة لإسرائيل جديدة بالمغرب!
رحم الله الفيلسوف روجي غارودي.. وندعو لزيارة عمله الذي قلب السردية الصهيونية كلها رأسا على عقب ” les mythes fondateurs… ” .
نعم إنها الأساطير الجديدة .. وهنا نعود ل الميم “م”..
“مسقط رأس أمه .. مسقط رأس أمه .. م “.
إن خبر القناة الصهيونية، يا سادة يا كرام، بوصف المغرب بأنه مسقط رأس أم الإرهابي كوخافي ليس حشوا في الكلام . وإنما هو كلام له معنى خطير جدا. وله معنى علاقة بأسطورة جديدة مؤسسة أخرى هي ما يسمى “الجالية المغربية بإسرائيل” ! هذه ” الجالية ” التي يقصدون بها اليهود الصهاينة من أصل مغربي الذين احتلوا فلسطين وشردوا شعبها وهدموا حارة المغاربة على رؤوس ساكنيها من المسلمين المغاربة الذين قتلوا منهم فريقا وشردوا فريقا ما يزالوا يعيشون في مخيمات اللجوء كلاجئين في انتظار العودة لمنازلهم وأوقافهم في القدس وعين كارم ..
هذه “الجالية” من مجرمي الحرب المحتلين يقدرها ممثل كيان الإرهاب بالرباط بخمسمائة ألف ( نصف مليون) نسمة. أما مناولي ( عطاشة ) الأجندة الصهيونية فيزعمون أنها أزيد من 2 مليون نسمة (منار السليمي) و “زوج د المليون ديال خوتنا “، بتعبير رئيس الفريق الاستقلالي بالبرلمان ” الساقط” بحكم قضائي نور الدين مضيان … ) . أما الباحث عبد الصمد بلكبير الذي تحدث عن نهاية وتفكك الكيان الصهيوني، فإنه يحلل بحذر الأكاديمي، ويفيد أن هناك قرارا بخصوص 2 مليون يهودي صهيوني، “حتى من ذوي أصول غير مغربية”، سيتم استقبالهم في المغرب! .. ومن هنا تفسير هذه الأسطورة المؤسسة وخلفياتها، لاسيما إذا ربطناها بأسطورتين أخريين تكلف بزرعهما ورعايتهما وتتبعهما أحد كبار أجندة الصهينة الشاملة للمغرب ؛ كبير تيار الآيباك؛ وزير الخارجية ناصر بوريطة، وكبيره أندري أزولاي الذي يتصرف كمقيم عام إسرائيلي بالمغرب .
فأما الأسطورة المؤسسة التي يسوقها بوريطة منذ لقاء النقب لوزراء الخارجية في دول الدين الإبراهيمي الجديد فتقول :
“في كل إسرائيلي دم مغربي”،
أما الأسطورة الجديدة المؤسسة التي وضعها رئيسه أزولاي فتقول: “(…) في كل مغربي أمازيغي يوجد دم يهودي..! و ذلك عبر اسطوانة متكررة في الفترة الأخيرة يتم الضخ فيها بوسائل دولة..،وتعمل على تسويق وتثبيت أسطورة مؤسسة أخرى زرعها اليهودي الصهيوني دافيد بن سوسان، وتقول بأن بربر شمال إفريقيا هم القبيلة الرابع عشرة التائهة لبني إسرائيل !
وهكذا فإن اليهود الصهاينة المحتلين القتلة، من أصول مغربية، هم “جاليتنا في إسرائيل” .. و من ليس منهم مغربيا فلابد أن مسقط رأس أمه أو أم أمه أو خاله أو جار خاله أو … ما إلى ذلك من الترهات كاف ليعطي مبررا لاكتسابه رابطة مع المغرب .. وبالتالي حق الانتساب إليه في إطار ال ” 2 د المليون ديال خوتنا ” كما أمر مضيان، مثل غيره من الببغاوات، أن يرددوا ..
وعلى كل حال ف”في كل إسرائيلي دم مغربي” بحسب بوريطة، و “في كل مغربي أمازيغي يوجد دم يهودي* كما يقول أزولاي !
وهكذا فإن مسقط رأس أم كوخافي هو مسقط رأس أمهم كلهم .. كل الصهاينة أمام تسيب السيادة الوطنية في هذا الزمن الصهيوني العطن في بلادنا!
خر الكلام
أصدرت مجلة زمان، قبل فترة، عددا خصصت له أحد أغلفتها و عنوان مانشيط، بالبنط العريض، هو: المغرب أرض يهودية! إن أجندة الاختراق الصهيوني بكل أذرعها الأخطبوطية في عمل دؤوب، على قدم وساق، وليل نهار، في أفق بناء إسرائيل جديدة على أنقاض المغرب ..
من لا يرى هذه الحقيقة ماثلة أمامه فهو أعمى البصير . ومن لم يدرك مخاطر ما يجري اليوم في البلاد فهو في نظري أعمى البصيرة .
ولكل العميان ندعو بالشفاء وننصح بوصفة من شأنها أن تساعد على تفتح أبصارهم وبصائرهم :
شاهدوا واسمعوا لكاتبة الحاخام أبراهام غولن، سميرة بار أو الراقصة المسنة التي رابطت سنوات طوال كمرابطة بالمسجد الأقصى؛ هدى بلقاصي الحلوي تدعوان للإسراع ببناء “لهيكل المعظم” !
أو، بدون كثير عناء؛
“شاهدوا واسمعوا” المطربة ” سناء مرحاتي تغني بالعبري : “يروشاليْم شِل زهاف” و”هاتيكفا” (أغنية الجيش الصهيوني ) في حفل ذكرى “إسرائيل” بمكتب الإتصال بالرباط .. بحضور من يستغل منصبه الحساس كمستشار للملك للقيام بمهام المقيم العام الإسرائيلي بالمغرب .. أندري آزولاي.
“ولله الأمر من قبل ومن بعد ..”